11:50 م
الإثنين 25 مارس 2024
كتب- محمد صفوت:
رغم تبني تنظيم “داعش – خرسان” مسؤولية الهجوم الدامي الذي وقع في موسكو وأسقط عشرات القتلى، تصر روسيا على اتهام أوكرانيا بالوقوف خلف الهجوم الإرهابي، في وقتٍ تنفي فيه كييف علاقتها بالحادث.
لم تمر سوى ساعات قليلة على الهجوم وألقت أجهزة الأمن الروسية القبض على 11 شخصًا مشتبهًا بهم في هجوم كروكوس سيتي، من بينهم 4 قيل إنهم متورطون بشكل مباشر في الهجوم، وعقدت أول جلسة محاكمة لهم اليوم بتهم “القيام بعمل إرهابي”.
وسرعان ما حملت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أوكرانيا مسؤولية الهجوم، قائلة: “الآن نعرف في أي بلد خطط هؤلاء الأوغاد الدمويين للاختباء من المحاسبة.. أوكرانيا”.
وفي تعليق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الحادث، تعهد بمعاقبة المسؤولين ولم يشر إلى إعلان “داعش” مسؤوليتها عن الحادث، لكنه قال إن المشتبه بهم أوقِفوا وهم في طريقهم إلى أوكرانيا.
وقال بوتين في خطابه تعيلقًا على الحادث الذي راح ضحيته 152 شخصًا، إن منفذي هجوم كروكوس سيتي الإرهابي حاولوا الاختباء والتوجه إلى أوكرانيا حيث تم إعداد منفذ لهم لعبور الحدود الروسية.
مع استمرار التحقيقات حول الحادث واعتراف “داعش” بمسؤوليته عن الهجوم الإرهابي، يواصل المسؤولون الروسي توجيه أصابع الاتهام إلى أوكرانيا، مع دخول الحرب عامها الثالث، وتلك الرواية التي تُحمل كييف مسؤولية الحادث تفتح كل الاحتمالات حول رد الفعل الروسي المحتمل.
تأجيج الحرب الأوكرانية
ترى وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، أن الاتهام الروسي لأوكرانيا بالوقوف وراء الهجمات الأخيرة في موسكو، يهدف لتأجيج الحرب التي دخلت عامها الثالث دون نهاية تلوح في الأفق، مشيرةً إلى أن ربط أوكرانيا بشكل زائف بالهمات في موسكو يهدف إلى إثارة الحماس للحرب الروسية في أوكرانيا بشكل أكبر.
وقالت الوكالة الأمريكية، إنها ليست المرة الأولى منذ ما يقرب من ربع قرن في السلطة التي يحاول فيها بوتين استغلال فشل أجهزته الأمنية لتحقيق أهدافه.
في نفس السياق، كانت تصريحات وزارة الخارجية الأوكرانية، التي رأت في الاتهام الروسي “مخططًا استفزازيًا” لزيادة تأجيج الهستيريا المناهضة لأوكرانيا في المجتمع الروسي، وتهيئة الظروف لزيادة تعبئة المواطنين الروس للمشاركة في العدوان الإجرامي ضد كييف.
الاستخبارات الأوكرانية رأت أيضًا في الاتهام الروسي استفزازًا مخططًا ومتعمدًا لتبرير ضربات أكثر شدة ضد أوكرانيا والتعبئة الكاملة في روسيا.
وبعد أيام من الهجوم، قال بوتين إن هجوم كروكوس عمل إرهابي نفذته عناصر إسلامية متطرفة، مضيفًا: “نعرف من نفذ الهجوم لكننا نريد معرفة من أصدر الأوامر بتنفيذه”، موضحًا أن الهجوم الإرهابي في موسكو هو جزء من هجمات نظام كييف على روسيا.
ذريعة لتكثيف الهجمات
بعد التحذير الأمريكي من “هجوم وشيك” في موسكو، مطلع مارس الجاري، وقبل أيام قليلة من الهجوم الإرهابي، أصدر بوتين تعليماته لأجهزة الأمن الروسية لتركيز جهودها على دعم “العملية العسكرية الخاصة” في أوكرانيا، واعتبر أن التحذيرات ابتزاز صريح تهدف لتخويف المجتمع الروسي وزعزعة استقراره.
يعلق الزميل البارز في معهد أبحاث السياسة الخارجية “FPRI” ماكسيميليان هيس، في تصريحات لـ “سي إن بي سي نيوز” قائلاً، إن بوتين سيركز استجابته الأمنية في أوكرانيا، وسيستخدم هجمات موسكو كذريعة لمحاولة بناء سرده الخاص لتبرير تكثيف الهجمات على أوكرانيا.
ويقول، مستشار أوروبا الوسطى والشرقية في شركة تينيو الاستشارية أندريوس تورسا، إنه بغض النظر عمن يقف وراء الهجوم فمن المرجح أن يصور الكرملين المأساة بطريقة تحقق أهدافه الجيوسياسية الأوسع.
وأضاف تورسا: “على الرغم من أن كييف تنفي أي تورط لها، فإن محاولات بوتين الربط بين إطلاق النار وأوكرانيا قد تكون محاولة لصرف انتباه الرأي العام عن إخفاقات الأمن الداخلي والإشارة إلى جهود الكرملين لحشد الدعم الشعبي للحرب المستمرة مع أوكرانيا”.
ويعتقد تورسا أن أحد أهداف اتهام أوكرانيا، هو إعداد الروس لمواجهة طويلة الأمد مع أوكرانيا والغرب، ما قد يستلزم تكثيف عمليات التجنيد الإجباري وزيادة الضرائب لدعم الحرب، وارتفاع مستوى القمع الداخلي.
الاتحاد الأوروبي يحذر بوتين
اليوم، حذر الاتحاد الأوروبي، بوتين من استخدام الهجوم الإرهابي في موسكو كذريعة لتكثيف حربه ضد أوكرانيا، مؤكدًا أنه يشعر بقلق طبيعي إزاء مزاعم المسؤولون الروس.
وأثارت اتهامات الكرملين مخاوف في أوروبا من أن بوتين قد يستخدم مذبحة موسكو لتبرير التصعيد في أوكرانيا، الذي دخل الآن عامه الثالث.
وقال المتحدث باسم السياسة الخارجية بالاتحاد بيتر ستانو: “نرفض ذلك. لا يوجد ما يشير أو دليل على أن أوكرانيا مرتبطة بالهجوم”، مضيفًا: “ندعو السلطات الروسية لعدم استخدام الهجوم الإرهابي في موسكو كذريعة أو دافع لزيادة العدوان غير القانوني على أوكرانيا، أو استخدامه كذريعة لزيادة القمع الداخلي ضد منتقدي النظام الروسي”.
تصعيد الهجمات ضد أوكرانيا
في أوكرانيا، تشير معظم القراءات والإشارات الواردة من روسيا ومن جبهات القتال، أن موسكو عملت على حشد قواتها خلال الفترة الماضية قبل هجمات كروكوس سيتي.
وقبل الهجمات الإرهابية في موسكو، صرح قائد القوات البرية الأوكرانية الجنرال أولكسندر بافليك، قائلاً إن روسيا تجهز 100 ألف جندي قد تستخدمهم في حملة هجومية جديدة محتملة في أوكرانيا هذا الصيف أو لتعويض النقص في الوحدات المستنزفة.
وفي مؤشر على تصاعد حدة الخطاب الروسي بشأن أوكرانيا، أقر المتحدث باسم الكرملين، قبل أيام قليلة بأن بلاده في “حالة حرب” في أوكرانيا، وهي المرة الأولى التي يستخدم فيها مصطلح “حرب” حول أوكرانيا، إذ واظبت موسكو على استخدام “عملية عسكرية خاصة” للإشارة للقتال في أوكرانيا.
استهداف البنية التحتية للطاقة
بعد ساعات من الهجوم الإرهابي، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، شن ضربة عالية الدقة بالصواريخ بعيدة المدى عالية الدقة وطائرات مسيرة على منشآت أوكرانية لتوليد الطاقة ولإنتاج الغاز.
وألحقت الهجمات الروسية أضرارًا بالبنية التحتية للطاقة في أوديسا الأوكرانية، وانقطاع التيار الكهربائي بالمنطقة، حيث تضررت محطتان فرعيتان للطاقة في جنوب أوكرانيا بعد انفجارات في أوديسا، وتمت زيادة فترات الحد من استهلاك الكهرباء.
وطالت الهجمات ميكولايف في جنوب أوكرانيا اليوم الاثنين، وأعلنت شركة الطاقة الحكومية الأوكرانية “أوكرنرجو” اندلاع النيران في محطة فرعية في منطقة ميكولايف بعد قصفها.
وركزت الهجمات الروسية خلال الأيام الأخيرة، على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا، وقبل أيام تعرضت خاركيف شمالي شرق أوكرانيا لأضرار بالغة. وأطلق الجيش الروسي اليوم، صواريخ باليستية على العاصمة الأوكرانية كييف.