03:22 م
الجمعة 04 أغسطس 2023
كتبت – سارة أبو شادي
بين الحين والآخر تلوح فرنسا وبعض دول غرب أفريقيا بالتدخل عسكريًا في النيجر حال عدم الإفراج عن زعيمها وإنهاء الانقلاب الذي ضربها قبل أيام، الأزمة لم تكن لدى مواطني تلك البلد في الانقلاب الذي أطاح برئيسهم وتولي المجلس العسكري زمام الأمور، لكن خوفهم الكبير كان تفاقم الأزمة الإنسانية لديهم والتي يعانون بسببها لسنوات، ليأتي الانقلاب الآخير وتهديد الدول بالتدخل العسكري ويزيد من أزماتهم.
“أمين” مواطن من النيجر يقطن في العاصمة نيامي، سرد لمصراوي تفاصيل ما يعيشه أبناء وطنه في ظل الأزمة التي ألمت ببلادهم، عقب الإطاحة بالرئيس محمد بازوم في السادس والعشرين من يوليو الماضي، من قبل قوات الحرس الرئاسي بقيادة الجنرال عبدالرحمن تشياني.
“الأزمة متواجدة قبل التوتر ، شوارع العاصمة نيامي تمتلئ بالمتسولين والفقراء” قبل أيام من الانقلاب خرج أمين في رحلة عمل إلى دولة بوركينا فاسو المجاورة لبلاده، فالشاب يعمل كمستشار للتنمية المستدامة، رحلة العمل التي كان من المفترض أن يعود منها الخميس الماضي لكن في ظل الأحداث القائمة، أغلق المجال الجوي، ليستقر الشاب في مكانه، لكنه يتواصل مع عائلته للاطمئنان عليهم بين الحين والآخر عبر الهاتف، ليخبروه أنّ الأيام الماضية تفاقمت أزمة الغذاء فارتفعت نسبة بعض السلع الغذائية بنحو 50%.
التوتر الذي طال النيجر لم يكن داخليا فقط، فقد أعلنت بعض الدول المجاورة لها إغلاق الحدود والموانئ، ما أدى إلى تفاقم أزمة الأرز والذي يتم استيراده بكميات كبيرة من آسيا عبر موانئ كوتونو بجمهورية بنين، أو عن طريق موانئ نيجيريا، لذا شهدت الأسواق نقص حاد به.
الطامة الكبرى حسب وصف “أمين” ليست في الغذاء فقط بل إنّ البنوك هي الأخرى أعلنت عن تقييد حركة السحب والإيداع، فأصبح المواطن لا يحصل إلا على مبلغ محدود من المال يمكن ألا يكفيه للحصول على احتياجاته.
“الانقلابيون لا يؤذوننا” الشوارع بالعاصمة نيامي أكثر المدن تأثرًا بالأزمة يسودها الهدوء حيث يتواجد بها نحو مليوني مواطن، هناك انتشار بسيط لبعض المركبات العسكرية، لكن الوضع العام من الناحية الأمنية لا يوجد فيه قلق كبير، لكن الجميع هنا يتملكه الخوف من أن تتدخل فرنسا أو بعض دول غرب أفريقيا عسكريّا خاصة بعد التهديدات المتتالية التي يتم إطلاقها بين الحين والآخر .
بعض الدول التي رفضت الانقلاب منها نيجيريا قررت معاقبة العسكريين عن طريق قطع الكهرباء عن نحو 3 مدن، والتي تمدها نيجيريا بالكهرباء مباشرة و من بينهم العاصمة، بالرغم من أنّ نيامي لديها احتياطات كبيرة لكن بالتأكيد سيكون هناك أزمة، حاليا يتم قطعها لعدة ساعات حيث يتم توزيعها على الأحياء ، لكن هناك مدن مستقلة عن كهرباء نيجيريا وعددهم نحو 8 لن يتأثروا بالأزمة لأنهم ليسوا على خط إمدادات نيجيريا.
أمين” تحدّث عن جزءًا من معاناة شعبه، فالنيجر دولة غنية بالثروات والمعادن، وذات عرقيات متعددة كلا منها تحاول السيطرة على الحكم في البلاد، والغرب أيضًا له عملاء في وطنه يحاولون استغلال كل تلك الأحداث لصالحه، والشعب يعرف المعاناة والأزمات وهو صابر عليها، لكن الانقلاب الآخير كان بمثابة فرحة كبيرة المواطنين البسطاء يحتفون به فمن وجهة نظرهم أنّ من سيعمل على طرد فرنسا والاستغناء عنها فالجميع معه لذا لاقى الانقلاب الآخير ترحابًا كبيرًا.
“نحن شعب صبور للغاية، تحملنا الكثير من الأزمات منذ الاستقلال في عام 1960. عانت بلادنا كثيرًا من الانقلابات العسكرية، والجفاف، والكوارث الطبيعية والهجمات الإرهابية. ومع ذلك، ظل الشعب صامداً، وكافح من أجل بناء مستقبل أفضل لأبنائه”.
وتمت الإطاحة بالرئيس بازوم في 26 من يوليو، من قبل قوات الحرس الرئاسي بقيادة الجنرال عبدالرحمن تشياني، في ثالث انقلاب في المنطقة منذ عدة سنوات بعد استيلاء عسكريين على السلطة في مالي وبوركينا فاسو المجاورتين، واتهم قادة الانقلاب في النيجر، يوم الإثنين، فرنسا بالسعي إلى “التدخل عسكريا” في بلدهم الأمر الذي نفته باريس.
وتولى الرئيس محمد بازوم – وهو من الأقلية العربية التي تمثل نحو 1.5 في المئة من سكان النيجر – السلطة في عام 2021 بعد فوزه في انتخابات بشرت بأول انتقال سلمي للسلطة في النيجر، ويعد بازوم أول رئيس عربي يحكم البلاد، وأول رئيس مدني منتخب يتسلم السلطة سِلميا من رئيس مدني منتخب في النيجر منذ استقلالها، لكن فترة ولايته اتسمت بالفعل بمحاولتي انقلاب قبل الأحداث الدرامية، التي وقعت في السادس والعشرين من يوليو الماضي.
وتعد النيجر إحدى أهم الدول الغنية بموارد الطاقة، إذ تمتلك واحدا من أكبر احتياطيات العالم من اليورانيوم وتعد سابع أكبر منتج له، فضلا عن كميات كبيرة من احتياطيات الذهب والنفط، كما تم الكشف عن احتياطيات من الفحم عالي الجودة في جنوب وغرب البلاد.