06:00 م
الأحد 23 يوليو 2023
كتبت- منال المصري:
قلل مصرفيون، تحدث إليهم مصراوي، من تأثير رفع البنك المركزي التركي سعر الفائدة على مصر بسبب استمرار الفجوة بين سعري الفائدة في البلدين لصالح مصر، وعدم استهداف جذب الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة في الوقت الراهن بعد خروجها من الأسواق الناشئة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.
ورفع البنك المركزي التركي سعر الفائدة الرئيسية 9% خلال آخر اجتماعين له في شهري يونيو ويوليو الجاري ليبدأ في تعديل جوهري في السياسة النقدية من خلال التحول إلى سياسة “تقليدية” تتماشى مع معدلات التضخم والمطبقة على مستوى البنوك المركزية بعد عدم جدوى سياسته القديمة بخفض الفائدة متجاهلا بذلك تسارع معدل زيادة الأسعار “التضخم”.
ورفع المركزي التركي سعر الفائدة 6.5% في شهر يونيو الماضي قبل أن يرفعها 2.5% في اجتماعه يوم الخميس الماضي لتصل إلى 17.5%، بهدف كبح جماح التضخم وتعزيز قوة الليرة التركية التي شهدت تدهورا على مدار عام، وذلك في تغير لاتجاه السياسة النقدية بعد انتخاب الرئيس رجب طيب إردوغان لفترة جديدة مؤخرا.
واستبعد محمود نجلة، المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت في شركة الأهلي للاستثمارات المالية، لمصراوي، أن يتأثر البنك المركزي المصري بقرار نظيره التركي برفع سعر الفائدة على المدى القصير بسبب عدم جدواه في جذب الاستثمارات غير المباشرة، إلى جانب استمرار اتساع الفجوة بين سعري الفائدة بين البلدين لصالح مصر.
ويسجل سعر الفائدة في البنك المركزي حاليا 18.25% للإيداع و19.25% للإقراض وبالتالي لا تزال تقدم مصر فائدة أعلى من تلك التي يقدمها المركزي التركي رغم القفزة الأخيرة في أنقرة.
وأوضح نجلة أنه لا يوجد ضغوط ستقع على مصر من رفع البنك المركزي التركي للفائدة خاصة مع عدم التركيز على استهداف الأموال الساخنة بشكل خاص في الفترة الحالية (الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة في أدوات الدين) بما يرفع العبء عن البنك المركزي المصري.
وأضاف أن خطوات البنك المركزي التركي لمحاربة التضخم ورفع الفائدة جاءت أبطأ كثيرا من تحركات نظيره المصري مما أدى إلى تسارع معدل التضخم لديها وهبوط الليرة مما دفع الرئيس التركي إردوغان إلى تغيير مجلس إدارة البنك المركزي بالكامل وتعيين رئيسة جديدة له يقوم فكرها على المدرسة التقليدية بتماشي سعر الفائدة مع التضخم “أي ترتفع وتنخفض مع تحركات مؤشر الأسعار”.
كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عين عقب فوزه بالانتخابات الرئاسية حفيظة غاية أركان، وهي مسؤولة تنفيذية في القطاع المالي بالولايات المتحدة، رئيسة للبنك المركزي التركي، لتصبح خامس من يتولى رئاسة البنك المركزي في أربع سنوات.
وحلت أركان محل شهاب قافجي أوغلو الذي قاد حملة أردوغان لخفض أسعار الفائدة والتي أدت إلى انهيار تاريخي للعملة في عام 2021 ودفعت التضخم إلى ذروة 24 عاما عندما تجاوز 85% العام الماضي قبل أن يتباطأ ويسجل 38.2% في يونيو الماضي.
وأدى تدخل الرئيس التركي في إدارة السياسة النقدية والإطاحة بـ 3 محافظين للبنك المركزي لعدم اتباعهم سياسة نقدية تقوم على خفض الفائدة إلى انفلات التضخم وزيادة الضغوط التضخمية، وزعزعة الثقة في استقرار السياسة النقدية.
وذكر محمود نجلة أنه رغم إجراء تركيا تعديلات جوهرية في السياسة النقدية وعودتها إلى السياسة التقليدية بعد فشل سياسة الاعتماد على خفض أسعار الفائدة وعدم تماشيها مع التضخم، فإن الزيادات الأخيرة في الفائدة لا تواكب التطورات القائمة لدى تركيا.
كان البنك المركزي المصري قرر رفع سعر الفائدة 10% على مدار عام منذ مارس 2022، (منها 8% خلال 2022، و2% في مارس 2023)، وذلك قبل تثبيت سعر الفائدة في آخر اجتماعين للجنة السياسة النقدية في مايو ويونيو.
واتفق محمد عبد العال، الخبير المصرفي، مع محمود نجلة، على استبعاد تأُثير رفع سعر الفائدة في تركيا على مصر فيما يخص جذب استثمارات أجنبية غير مباشرة، والتي هاجرت من الأسواق الناشئة إلى الملاذات الآمنة أمريكا وأوروبا منذ العام الماضي.
وتسبب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022 في خروج استثمارات أجنبية من مصر بقيمة 22 مليار دولار خلال العام الماضي، بما أدى إلى وجود ضغوط على النقد الأجنبي وهبوط حاد لسعر الجنيه والذي ارتفع الدولار في مقابله بنحو 96% على مدار آخر 16 شهرا.
وقال عبد العال، لمصراوي، إن دوافع قرارات السياسة النقدية في كلٍ من مصر وتركيا مختلفة تماما عن نظيرتها في الأخرى، وذلك بسبب اختلاف القوة الاقتصادية للدولتين على مستوى القطاعات المختلفة “بما يقلل من قرارات تركيا على مصر”.
وتوقع عبد العال ومحمود نجلة استمرار البنك المركزي في تثبيت سعر الفائدة على الجنيه للمرة الثالثة على التوالي خلال اجتماع أغسطس المقبل لعدم جدوى الرفع في كبح التضخم المتسارع بسبب تأثره بهبوط سعر صرف الجنيه أكثر من تحركات الفائدة.
وسجل معدل التضخم الأساسي الصادر من البنك المركزي رقما قياسيا خلال شهر يونيو الماضي عند 41% لأول مرة في تاريخ مصر، كما تجاوز معدل التضخم العام الصادر من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء مستوى 35% خلال الشهر الماضي لأول مرة في تاريخه.
ومعدلات التضخم الراهنة تفوق بكثير المستهدفات الطموحة للبنك المركزي التي أعلن عنها قبل نهاية العام الماضي عند 7% (±2%) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024، مستهدفا تراجعه إلى 5% (±2%) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026.