04:52 م
السبت 26 أغسطس 2023
كتب- عبدالله عويس:
“الصحافة ضحية الإرهاب مجددا: تفجير مطابع السفير” كان هذا مانشيت جريدة السفير، في عددها الصادر يوم الأحد 2 نوفمبر لعام 1980. وإلى جانب عنوان الجريدة، كانت عبارة “صاحبها ورئيس تحريرها طلال سلمان” تزين الصفحة الأولى كما العادة.
تاريخ قاس، عايشه الصحافي اللبناني، ناشر جريدة السفير اللبنانية، طلال سلمان، الذي غيبه الموت أمس، عن عمر ناهز 85 عاما، في أحد مستشفيات بيروت، ونعاه كبار الصحافيين في العالم العربي.
في عام 1974 أصدر طلال سلمان، جريدة السفير، صحيفة يومية سياسية عربية، حملت شعار “صوت الذين لا صوت لهم” وعدها “جريدة لبنان في الوطن العربي وجريدة الوطن العربي في لبنان”، إلى أن انتهى بها الحال للإغلاق في يناير عام 2017، وكان الموقف صعبا على مؤسس السفير، وغيره من العاملين في الصحافة العربية.
تاريخ طويل بدأه سلمان، صاحب افتتاحيات “على الطريق”، فقد عمل مصححا في جريدة “النضال” ثم عمل في جريدة “الشرق”، ثم محررا فسكرتير تحرير مجلة “الحوادث” ثم مدير تحرير في مجلة “الأحد” قبل الذهاب إلى الكويت لإصدار مجلة “دنيا العروبة” ثم عاد إلى بيروت ليشغل منصب مدير تحرير مجلة “الصياد” ومحررا في مجلة “الحرية” ثم كان تفرغه لإصدار “السفير”.
كانت الصفحة الأولى للسفير، في ذلك التاريخ، الأحد 2 نوفمبر 1980، تحمل الخبر الأبرز بتفجير للصحيفة، وضمن ما ورد في الخبر أنه “مع الساعات الأولى من الفجر، كانت الصحافة اللبنانية ممثلة هذه المرة بجريدة السفير تتعرض لهجوم مسلح استهدف مبناها الجديد، وقضى بالنسف والتفجير على مطبعة حديثة، لم تأخذ طريقها بعد إلى العمل، وعطل إنجاز الطموح بقيام أول مؤسسة صحافية وطنية متكاملة التأسيس والأجهزة والخبرات”.
ورغم ندوب في وجه طلال سلمان وصدره، على خلفية محاولة اغتياله أمام منزله في بيروت، إلا أن تفجير مطبعة السفير، تركت فيه أثرا حكى عنه فيما بعد، عبر موقع حمل اسم الباب الذي اعتاد الكتابة فيه بالسفير “على الطريق” معنونا مقاله بـ”عن أيام العز: تفجير مطابع السفير” ونشر على الموقع في نوفمبر عام 2018.
بداية المقال تناولت دوي الانفجار الهائل في منطقة الحمراء، مستهدفا مبنى جريدة السفير “التي كنا بالكاد قد فرغنا من تأثيثها وتجهيزها بمطبعة (غوس) جديدة، هي حلم كل صحافي وأي صحافي”. اندفع سلمان وزوجته تجاه المبنى الذي يبعد عن منزله بأكثر من 500 متر، فهمس بحزن شديد “راحت المطبعة” على ما كتب في مقاله. وحين قصد الجهة الخلفية للمبنى حيث مدخل المطبعة، كانت ألسنة اللهب وصراخ أطفال الجيران في استقباله “وكنت أغطي وجهي بيدي، خجلا من أن يرى الناس دموعي عليهم وعلى إنجازي الذي لا عوض عنه ولا بديل منه”.
يقول سلمان في مقاله، إنه حين بلغ عتبة المطبعة رأى الكتل الضخمة للمطبعة وقد تفككت قطعا، والنار تتصاعد من داخلها كما من حولها، ما جعل الدخول مستحيلا “عدت إلى البيت مكسورا حزينا من دون أن أفقد وعيي، وهكذا باشرت اتصالاتي بالمسؤولين لإبلاغهم بما حدث” وبحسب سلمان فإن المبنى لم يكن فيه إلا حارس مدني اختطفه المنفذون، وأطلقوه ليبلغه رسالة أن “هذه المرة المطبعة، أما في المرة الثانية فسيكون رأسك هو الهدف”.