04:32 م
الأحد 11 فبراير 2024
كتب- محمد صفوت:
تصدر “عقيدة بايدن” للشرق الأوسط عناوين الأخبار مؤخرًا، حيث أثارت خطط البيت الأبيض الطموحة لتحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين وبناء دولة فلسطينية جدلًا واسعًا.
يستهل الكاتب الأمريكي ستيفن كوك، في مقال بمجلة “فورين بوليسي” بسؤال، هل تحتاج الولايات المتحدة إلى عقيدة بايدن في الشرق الأوسط؟ مشيرًا إلى أنه من الواضح أن إدارة بايدن مستعدة لاتخاذ “موقف قوي وحازم بشأن إيران”، وتعزيز إقامة الدولة الفلسطينية، وتقديم اتفاق دفاعي للسعودية يتوقف على تطبيع علاقات الرياض مع إسرائيل.
ويُناقش الكاتب ستيفن كوك، في مقاله المنشور في مجلة “فورين بوليسي”، “عقيدة بايدن” وخطط البيت الأبيض للشرق الأوسط، ويُقدم تحليلًا نقديًا يُسلط الضوء على عيوبها ومخاطرها، ويرجح أن هذا النهج قد يُعيد تشكيل المنطقة، لكنه قد يُؤدي أيضًا إلى نتائج عكسية.
يُشير الكاتب إلى أن الولايات المتحدة فشلت تاريخيًا في تحقيق أهدافها في الشرق الأوسط عندما حاولت استخدام قوتها لتغيير المنطقة، ويُقدم أمثلة من الماضي، ويرى أن دافع الولايات المتحدة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط لم يكن له علاقة بالقانون الدولي بقدر ارتباطه بالاعتقاد بأن قوة الولايات المتحدة يمكن أن تكون الحافز لنظام عالمي جديد أكثر سلمية وازدهارا.
ورغم كل الجهود التي بذلها جورج بوش الأب، فإن أهدافه في الشرق الأوسط ظلت تقتصر في المقام الأول على حل مشكلة السلام العربي الإسرائيلي، ولم تتخذ عملية السلام شكلًا تحويليًا حاسمًا إلا بعد إدارة كلينتون، حيث رأت إدارته أن السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين من شأنه أن يؤدي إلى منطقة أكثر سلامًا وازدهارًا وتكاملًا.
ويرى المحلل، أن كلينتون وضع لنفسه هدفًا لنقل الشرق الأوسط إلى القرن الحادي والعشرين، من خلال إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، لكن فكرته للسلام باءت بالفشل، وبعدما ترك منصبه، اجتاح العنف كلا المجتمعين.
بعد كلينتون، يتحدث الكاتب عن فشل جورج بوش الابن الذي كان أول رئيس أمريكي يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية، ورأى وقتها أن السلام لن يتحقق إلا بعد الإصلاح الديمقراطي للمؤسسات السياسية الفلسطينية والإطاحة بالرئيس ياسر عرفات.
ويواصل حديثه عن نهج كلينتون وبوش وفشل كل منهما، قائلًا: “عندما سلم بوش المكتب البيضاوي للرئيس باراك أوباما، لم تكن هناك ديمقراطية فلسطينية، ولا سلام، ولا دولة فلسطينية، وعلى الرغم من وجود إدارتين مختلفتين تمامًا وتتبنى نهجين مختلفين في التعامل مع الشرق الأوسط، إلا أن كلينتون وبوش كانا يتقاسمان هدفًا طموحًا مشتركًا، وهو التحول السياسي والاجتماعي في المنطقة.”
ويرى أنه رغم الجهود الأمريكية المبذولة لإقامة دولة فلسطينية، لم يحتضن أوباما ولا ترامب ولا بايدن، الرغبة في الهندسة الاجتماعية لشرق أوسط جديد.
وفي حالة بايدن، أشرف على نضال وزير الخارجية آنذاك جون كيري لحمل الإسرائيليين والفلسطينيين على التفاوض، ناهيك عن التوقيع على اتفاق سلام، وخرج متشائمًا بشأن حل الدولتين، مباشرة بعد توليه منصبه، أوضح مستشارو بايدن أن الطموحات الإقليمية للإدارات السابقة لن تتكرر.
ويُحذر الكاتب من أن “عقيدة بايدن” قد يكون تكرارًا لنفس النهج الفاشل، ويُؤكد على أن هناك صعوبات كبيرة في حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مثل مفاهيم الهوية والذاكرة التاريخية والقومية، والسياسات الوحشية داخل المجتمعين.
ويرى أن الاستثمار الأمريكي الكبير في بناء دولة فلسطينية من المرجح أن ينتهي بالفشل، كما حدث مع الجهود السابقة للقيام بنفس الشيء.
وبعد اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر، أصبح الأمر مختلفًا، فرغم الدمار الذي أحدثته الحرب، لكنها تفتح فرصًا دبلوماسية جديدة، ما يجعل هناك سبب وجيه للاعتقاد بأن وجود دولتين تعيشان جنبًا إلى جنب في سلام يمكن أن يوفرا الفرصة للخروج من الأزمة الحالية.
ويلقي المقال الضوء على الاختلافات التي تعيث حل الدولتين بالنسبة لعقيدة بايدن للشرق الأوسط، ومنها أن الصراع يرتبط بمفاهيم شائكة مثل الهوية والذاكرة التاريخية والقومية.
ويقول إن الروايات المتعارضة التي تنبثق عن القضايا (الدينية والاجتماعية والتاريخية) لا تصلح لنوع التعايش الذي تتصوره إدارة بايدن.
ورغم أن الحرب قد تفتح بابًا للدبلوماسية، لكنها من المرجح أن تؤدي إلى زيادة صعوبة قبول الإسرائيليين للحد الأدنى من المطالب الفلسطينية للسلام.
يُشرح الكاتب أن هناك صعوبات كبيرة في حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مثل مفاهيم الهوية والذاكرة التاريخية والقومية، والسياسات الوحشية داخل المجتمعين، ويُشير إلى أن هذه العوامل تُشكل عقبات كبيرة أمام تحقيق السلام.
ويعتقد الكاتب أن تمسك بايدن وفريقه بعملية السلام في الشرق الأوسط، نابع من قلقه بشأن تنازله عن الأرض أمام منافسيه العالميين وخوفه من الناخبين الشباب، ويعتقد أنه تصور فاشل ليس لديه فرصة للنجاح.
ويُقترح الكاتب نهجًا براجماتيًا للشرق الأوسط يُركز على المصالح الأمريكية الأساسية، مثل منع إيران من زرع الفوضى الإقليمية وتعزيز التكامل الإقليمي، ويُؤكد على أن هذا النهج هو أفضل طريقة لضمان استقرار المنطقة وازدهارها.
تُثير “عقيدة بايدن” تساؤلات حول قدرة الولايات المتحدة على تغيير الشرق الأوسط. ويُؤكد المقال على ضرورة أن تتعلم الولايات المتحدة من أخطائها في الماضي وتُغير نهجها في المنطقة.