08:59 م
السبت 24 يونيو 2023
موسكو – (بي بي سي)
اعتبر قائد مرتزقة فاغنر يفجيني بريغوجين، أن تحركاته ضد الجيش الروسي هي “مسيرة العدالة”، بينما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إنها “هروب إجرامي” و “تمرد مسلح”. ووصف أحد كبار القادة الروس ما يجري بأنه “انقلاب”.
أيا كان مسمى ما يجري في روسيا، فقد ذهب قائد فاغنر إلى الحافة وقرر المخاطرة بكل شيء، في محاولة للإطاحة بالقيادة العسكرية الروسية.
كان هذا الموقف يختمر، فعلى مدار الأشهر الماضية، كان الصراع واضحا للغاية بين فاغنر ووزارة الدفاع الروسية حول كيفية خوض الحرب في أوكرانيا.
اتهمت فاغنر الوزارة مرارا بالفشل في تزويد قواتها بالذخيرة الكافية. وقالت إنها “تفعل هذا عن قصد”.
كان بريغوجين صريحا بشكل متزايد في انتقاده لوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، ورئيس الأركان العامة فاليري غيراسيموف.
لكن يبقى الانتقاد شيء. والمواجهة المسلحة شيء آخر.
يزعم بريغوجين أن وزارة الدفاع بدأت التصعيد، من خلال ضربة صاروخية يوم الجمعة على معسكر قاعدة فاغنر. وتنفي السلطات الروسية حدوث ذلك على الإطلاق، وتصف تلك القصة بأنها “استفزاز إعلامي”.
انقلاب أم شيء آخر؟
إذا كانت هذه محاولة انقلاب في روسيا، فهي ليست تقليدية.
في تصريحاته الصاخبة على وسائل التواصل الاجتماعي، كان بريغوجين حريصا على عدم انتقاد الرئيس بوتين أو الحكومة الروسية.
لطالما شدد على أن مظلمته هي مع القيادة العسكرية وليس الكرملين.
لكن هذا لا يرضي الرئيس بوتين. فالتمرد المسلح من جانب جيش خاص (خاصة من المفترض أن يقاتل إلى جانب الجيش الروسي) لن ينعكس بشكل جيد على الرجل في قمة السلطة، وهو الرئيس وأيضا القائد العام للجيش.
ولهذا السبب احتاج بوتين إلى إلقاء ذلك الخطاب للأمة صباح يوم السبت، لإقناع الروس بأنه لا يزال مسيطرا.
كما تبدو الأمور، لن تكون هناك دردشة هادئة في الكرملين مع بريغوجين لتهدئته.
كان خطاب بوتين مليئا بالإشارات إلى “الخيانة” و “طعنات في الظهر” لروسيا. ووعد “برد صارم”.
لكن دائما الكلام سهل، لكن التنفيذ هو الأصعب بكثير.
يكاد يكون من المؤكد أن بوتين سيحظى بدعم كبار القادة الروس. وقد أعلن البعض بالفعل إدانتهم لأفعال قائد فاغنر.
مازال من غير الواضح المزاج الحالي بين الرتب الصغيرة من الجيش. لكن إلى أي مدى ضربت انتقادات بريغوجين لقادة الجيش على وتر حساس في الجيش الروسي؟
عندما شاهدت الرئيس الروسي وهو يلقي خطابه التلفزيوني، كان لدي شعور قوي بأنني رأيت هذا المشهد من قبل.
تذكرت نفس الموقف الذي ألقى فيه بوتين الخطاب الدراماتيكي قبل 16 شهرا بالضبط عندما أعلن عن بدء “عمليته العسكرية الخاصة”، الغزو الشامل لأوكرانيا.
لقد كان بوتين مختلفا تماما في ذلك الوقت. بدا حينها واثقا للغاية من النصر.
كانت تلك عملية توقعت السلطات الروسية أن تنتهي في غضون أيام قليلة على الأكثر.
لكنها لم تسر على الإطلاق حسب الخطة. لم تؤد حرب روسيا فقط إلى الموت والدمار على نطاق واسع في أوكرانيا. فقد أثارت عدم الاستقرار داخل روسيا نفسها.
وقد أدى ذلك إلى الأحداث الدرامية التي نشهدها الآن مع بريغوجين ومقاتليه من فاغنر.
إنه يسبب صداعا كبيرا آخر للكرملين. فالرئيس بوتين لم يعد يحارب فقط في أوكرانيا.
عليه الآن أن يتعامل مع تمرد في الداخل.