جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
محمد جادالله
“السعادة في هذه الحياة محصورة في فهم معنى الحياة” قائل هذه المقولة هو الروائي تولستوي. ولعلنا نجد في هذه المقولة تساؤلا ضروريا لابد من وضعه، كيف لنا أن نفهم الحياة من حولنا، ومن ثم نصل إلى السعادة المنشودة؟ سنجد أعزائي القراء أن فهم الحياة التي يقصدها تولستوي تتخلص في كلمة واحدة وهي “النجاح”. إلا أن النجاح يأتي أحد قطبي المعادلة التي ينتج عنها السعادة الحتمية والحقيقة، أما عن القطب الأول، نجد أنه “الفشل”، لنتساءل هنا كيف لنا الابتعاد عن ذلك العدو البغيض المسمى بالفشل؟
عزيزي القارئ يجيبنا عن هذا التساؤل الدكتور سانتوش بانجار – كبير استشاريي الطب النفسي بالمستشفيات العالمية في باريل بمومباي – حيث قدم لنا في ثماني نقاط الأسباب التي تدفعنا إلى الفشل وتمنعنا من الوصول إلى النجاح، فكانت هذه النقاط بمثابة مفاتيح النجاح الثمانية، وهي على النحو التالي:
أولًا، الأهداف غير الواقعية غالبًا ما تمهد الطريق لخيبة الأمل، فقد تؤدي الطموحات المفرطة إلى الإرهاق والشعور بالفشل، مما يحطم الحافز.
ثانيًا، قد يؤدي الافتقار في التحديد إلى إعاقة النجاح، حيث تفتقر القرارات الغامضة مثل “الحصول على اللياقة” أو “توفير المال” الوصول إلى الهدف، مما يجعل من الصعب قياس التقدم أو الاستمرار في التركيز. لذلك لابد من تحديد أهداف دقيقة وقابلة للتحقيق أمر بالغ الأهمية في الحفاظ على الزخم والشغف.
ثالثًا، يساهم التخطيط غير الكافي في انحراف القرار عن مساره، وبدون استراتيجية مدروسة جيدًا، قد يواجه الأفراد صعوبة في التغلب على العقبات أو دمج عادات جديدة في روتينهم الحالي. لذلك لابد من وجود خطة تفصيلية تعزز احتمالية النجاح.
رابعًا، قد يؤدي الفشل في معالجة الدوافع الأساسية إلى تذبذب الالتزام بتحقيقها، حيث أن القرارات الداخلة في الضغوط الخارجية وليس في الرغبات الشخصية، قد تفتقر إلى الحافز الجوهري اللازم للالتزام بها على المدى الطويل.
خامسًا، قد يكون غياب الدعم ضارًا، فلابد من مشاركة القرارات مع الأصدقاء أو العائلة، وذلك لخلق المساءلة والتشجيع، وبدون شبكة الدعم هذه، قد يجد الأفراد صعوبة في المثابرة عند مواجهة النكسات.
سادسًا، نفاد الصبر والرغبة في تحقيق نتائج فورية هي من المخاطر الشائعة لدى البعض، حيث إن التكيف مع طبيعة الرحلة أو الموقف الجديد أمر ضروري للالتزام المستمر بتحقيق الأهداف. كما أن إدراك التغيير يستغرق وقتًا واحتضان طبيعة الرحلة المتزايدة أمر حيوي للالتزام المستمر.
سابعًا، يمكن للعقلية السلبية أن تخرب القرارات، حيث إن التركيز على الإخفاقات التي من الممكن أن تحدث، بدلًا من فرص التعلم، يمكن أن يؤدي إلى الإحباط. لذلك لابد من تنمية النظرة الإيجابية والاحتفال بالانتصارات الصغيرة، للشعور بإجابيه، وتغذية التصميم المستمر على النجاح.
وأخيرًا، فإن الفشل في إعادة تقييم القرارات وتكييفها مع الواقع يمكن أن يعيق التقدم، فالحياة ديناميكية، والظروف تتغير، لذلك لابد من تقدير الأهداف بانتظام وتعديلها، حتى نضمن ملاءمتها وجدواها.
وهنا نكون قد وضعنا أيدينا على الأسباب التي من شأنها قادرة أن تؤرقنا وتبعث فينا الألم والضعف، مصداقًا لقول شكسبير “سبب إخفاق الكثيرين، أنهم لا يعرفون مواطن الضعف فيهم”. وبعد أن رصدنا الطريق الموصل إلى النجاح بالقضاء على الفشل، هل نستطيع الوصول إلى السعادة كنتيجة حتمية لتلك المعادلة التي أثرناها في بداية المقال، أم أن السعادة تتطلب فهمًا آخر يسترعي منا الانتباه للوصول إليها؟ إجابتنا عن هذا التساؤل ستكون موضوع مقالنا القادم.