10:19 م
الإثنين 20 مايو 2024
كتبت- سلمى سمير
منذ إعلان وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي صباح اليوم في حادث طائرة أودى بحياة جميع ركابها، يتسلط الضوء على أسباب الحادث وتأخر العثور على الطائرة المنكوبة بعد بحث استمر ساعات طويلة داخل الأراضي الإيرانية، مع إلقاء طهران باللوم على واشنطن في تأخر العثور على الرئيس ومرافقيه لعدم بيعها الطائرات وقطع غيارها.
برزت مسيرات البحث والخرائط الرقمية كأهم معرقلات الوصول إلى طائرة الرئيس التي جاء اضطراب الأحوال الجوية، كأهم أسباب سقوطها في منطقة ورزقان شمالي غرب إيران بحسب السلطات، استمرت بعدها عمليات البحث لأكثر من 12 ساعة، قالت سلطات الإنقاذ عنها إن تأخرها جاء بسبب الضباب الكثيف والأمطار الغزيرة.
وتعاني إيران حظرًا في شراء قطع غيار المسيرات والطائرات والتي لم تستطع تحديثها أو تطويرها منذ وقت بعيد بسبب العقوبات الغربية عليها جراء تشريعها في برنامجها النووي والتي خاضت على إثره مفاوضات عدة بغاية التوصل إلى اتفاق مع واشنطن والغرب يسمح لها برفع العقوبات ويضمن للغرب برنامج نووي إيراني سليم.
المسيرات
منذ بدء رحلة البحث عن الطائرة المنكوبة، استعانت فرق البحث والإنقاذ الإيرانية بعدد من المسيرات إيرانية والتي لم تتمكن بعد ساعات من البحث من العثور على الرئيس ومرافقيه، وفي هذا الشأن يقول مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير رخا أحمد حسن، في تصريحات خاصة لموقع “مصراوي” إن العقوبات الغربية المستمرة منذ فترة طويلة تسببت بشكل ما في تحطم طائرة الرئيس المصنعة من قبل شركة “بيل هليكوبتر تكسترون” الأميركية.
والطائرة المنكوبة من طراز “بيل 412” وتستخدمها طهران ضمن الأسطول الجوي للهلال الأحمر الإيراني وصُنعت سنة 1979، والتي قال رخا إنها تقادمت بشكل كبير ولم تجهز بالأجهزة الحديثة من قبل الدولة المصنعة لها لتفادي وقوع الأعطال بسبب العقوبات، مشيرًا إلى أن العقوبات أثرت على منع تفادي وقوع الحادث في الأساس في ظل تقادم أنظمة الطيران داخل إيران وللحيلولة دون تقديم الصيانة اللازمة لها.
وبحسب مساعد وزير الخارجية الأسبق، يُلقى باللوم على العقوبات أيضًا في تأخر العثور على الطائرة التي لم ترسل إشارات عن مناطق تواجدها، وهو عكس الطائرات الهيلوكوبتر الحديثة التي تتوافر بها أجهزة ترشد القاعدة التي انطلقت منها الطائرة إلى مكان تواجدها سواء كانت في الجو أم تعرضت لأي حادث، إضافة إلى أن المسيرات الإيرانية ليست متقدمة بالحد الكافي لتعثر على الطائرة.
حيث علق رخا على استعانة إيران بمساعدة تركيا في عمليات البحث التي استُخدم فيها مسيرة “أقينجي”، بأن إيران رغم شهرتها في مجال صناعة المسيرات لكنها تركزت في المجال الحربي والهجومي ودليل ذلك استعانة روسيا بها خلال الحرب، لكنها على جانب الاستطلاع ينقصها الكثير في ظل استخدامها لمدى ولظروف جوية معينة.
أما عن المسيرة التركية فتتضمن تكنولوجيا غربية متقدمة تمكنها من إضاءة الموقع وتوفير إشارات وعمل تجهيزات وتصوير الموقع والعودة مجددًا إلى الموقع.
وتمتلك الطائرات والمسيرات الحديثة أهمية خاصة لدى إيران مع مطالبة طهران بشراء عدد من طائرات “بوينج” خلال الاتفاق النووي الذي قام الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالتراجع عنه، ويستدل رخا أحمد على ذلك بأهمية الطائرات الغربية وقطع غيارها لدى إيران التي تقادمت الطائرات لديها بشكل واضح.
وكانت إيران قد عقدت وقت رئيسها الأسبق حسن روحاني اتفاقًا نوويًا مع الولايات المتحدة عام 2015 يسمح لها بشراء 80 طائرة طراز “بوينج 737مكس” و”بوينج 777″ وهي الصفقة التي حصلت على موافقة وزارة الخزانة الأمريكية.
من جانب آخر يرى مدير مركز النور للدراسات السياسية المحلل السياسي محمود جابر، أن تأخر إعلان وفاة الرئيس الإيراني لم يكن بسبب صعوبة المسيرات العثور عليه وإنما بسبب تجهيز السلطات الإيرانية آلية إعلان وفاة “الرجل الثالث” كما يسميه داخل الدولة، مشيرًا إلى تأكدهم من موته منذ اللحظة الأولى، وهو ما جهزوا بناء عليه تصريحاتهم وقراراتهم.
وعقب إعلان تعرض طائرة الرئيس الإيراني لحادث، كانت السلطات الإيرانية قد أعلنت هبوط طائرة رئيسي اضطراريًا في إحدى المناطق ثم تلا ذلك تأكيدات بأن جميع طاقم الطائرة بمن فيهم الرئيس على ما يرام وأنهم في طريقهم إلى تبريز، وهي الرواية التي غيرتها إيران بعد ذلك عقب تدفق فرق الإنقاذ للبحث عن الرئيس ومرافقيه والتلميح بعد ذلك إلى إمكانية وفاته.
وعلى عكس السفير رخا أحمد، يصف محمود جابر، خطوة استعانة إيران بالمسيرة التركية بـ “الخاطئة” معتبرًا أن الأمر من شأنه المساس بسمعة إيران في صناعة المسيرات، قائلًا إن المسيرات الإيرانية قادرة على العثور الطائرة، وهو ما أكده الحرس الثوري الإيراني بالقول إن حطام طائرة الرئيس تم العثور عليها بواسطة المسيرات الإيرانية.
الخرائط الرقمية
يأتي عدم توافر أنظمة تحديد المواقع كأحد العقوبات الإضافية التي أثرت على تأخير العثور على حطام الطائرة، بحسب السفير رخا أحمد، الذي قال إن عدم ظهور أنظمة تحديد المواقع داخل إيران صعب على فرق الإنقاذ مهمة إيجاد الطائرة والتي لم تستطع إرسال إشارات لقدمها، مضيفًا أن تأخر طهران في طلب مساعدة الاتحاد الأوروبي في فتح نظام تحديد المواقع الخاص به “وسط تأمل السلطات في إمكانية نجاة رئيسي” آخر عملية العثور على رئيسي.
وطلبت إيران من الدول الغربية فتح نظام تحديد المواقع الخاص بها بشكل “استثنائي” من أجل تمكينها من العثور على طائرة الرئيس والتي استجابت بالفعل للطلب الإيراني بفتح الخرائط عبر الأقمار الاصطناعية ووفرت خدمة “كوبرنيكوس” التابعة لإدارة الطوارئ التابعة للمفوضية الأوروبية، المعنية بتحديد الأماكن بناء على صور الأقمار الاصطناعية.
وعلى ذات الجانب أكد جابر على تأثير العقوبات الغربية على مسألة تأخر إعلان مكان الطائرة، وذلك لعدم ظهور أنظمة تحديد المواقع داخل إيران، لكنه في الوقت ذاته أكد على وجود حالة من الارتباك داخل الإدارة الإيرانية بسبب تأخرها في إعلان وفاة الرئيس الإيراني المشكك في ظروف موته خاصة مع عودة الطائرات المرافقة دون حدوث مشاكل لها، مشيرًا إلى إن العثور على الطائرة لم يكن يتطلب كل ذلك الوقت.