06:18 م
الجمعة 07 فبراير 2025
الإسماعيلية – أميرة يوسف:
شهد مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة في دورته الـ26، ظهر اليوم، محاضرة مميزة مع المخرج الكاميروني جان ماري تينو، رئيس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة.
تناولت المحاضرة دور السينما في نقد الواقع الإفريقي بعد الاستعمار، وأهمية التعليم في مواجهة مخلفات الماضي الاستعماري، والسينما كوسيلة لمقاومة الاستعمار.
بدأت الندوة التي أدارها خودريجو بروم، المنتج ومبرمج الأفلام، بتوجيه الشكر للحضور والقائمين على المهرجان، معبرًا عن سعادته بتكريم تينو في الإسماعيلية، ثم استعرض المخرج الكاميروني مسيرته التي بدأت بالصحافة في الثمانينيات والتسعينيات قبل أن يتحول إلى الإخراج السينمائي، حيث استخدم السينما كأداة بصرية فعالة لنقل الواقع الإفريقي، خاصة في ظل انتشار الأمية في بعض المناطق.
وأشار تينو إلى أن السينما ليست مجرد فن، بل “مدرسة ليلية” نتعلم فيها، موضحًا أن الأفلام الإفريقية لم تكن مجرد وسيلة للترفيه، بل لعبت دورًا رئيسيًا في مناهضة الاستعمار وتعزيز الهوية الثقافية الإفريقية.
وأكد أن التعليم هو السلاح الحقيقي لمحاربة الاستعمار، مضيفًا: “لو أننا ما زلنا موجودين اليوم، فهذا يعني أن هناك شيئًا أصيلًا بداخلنا، أكبر وأهم من الاستعمار، وهو الطاقة والمعرفة”.
وخلال الحوار، طرح خودريجو بروم تساؤلًا حول التناقض في مسيرة تينو، إذ بدأ كصحفي خضع للرقابة، ثم تحول إلى السينما التي تعد أداة سياسية وتواجه الرقابة أيضًا.
في إجابته، أوضح المخرج أن السينما الإفريقية قبل التحرر كانت خاضعة لقوانين تمنع السكان الأصليين من صناعة الأفلام، حيث فرضت القوى الاستعمارية خطابًا معينًا. لكن بعد الستينيات، حاول المخرجون الأفارقة تفكيك الصورة النمطية التي فرضها الاستعمار وإعادة تشكيل الهوية الإفريقية عبر الشاشة.
كما ناقش المتحدثان إشكالية التمويل في السينما الإفريقية، حيث أشار تينو إلى أن “أوروبا هي الممول الأساسي لأفلام إفريقيا”، وهو ما يثير التساؤلات حول استقلالية الخطاب السينمائي الإفريقي.
وعن إمكانية وجود سينما غير سياسية، أكد تينو بحسم: “أنا لا أرى ذلك، فحتى أفلام هوليوود مشبعة بالسياسة”، مشيرًا أن صناعة الأفلام ليست محايدة، بل تتأثر بمن يمولها ويدعمها.
وأضاف: “كيف يمكن أن نتحرر إذا لم تكن الدولة هي من تمول السينما؟ طبيعي أن الجهة الممولة تفرض خطابها”، مما يؤكد رؤيته بأن استقلال السينما لا يتحقق إلا من خلال دعم محلي يضمن حرية التعبير والرؤية المستقلة.
يُذكر أن جان ماري تينو وُلد في الكاميرون ثم انتقل إلى فرنسا لاستكمال دراسته السينمائية، حيث أخرج أول أفلامه بعنوان “شباط”، واهتم بتناول قضايا العرق والثقافة في أعماله. عُرضت أفلامه في مهرجانات كبرى مثل تورنتو، وهو يعمل في السينما منذ أكثر من 35 عامًا، حيث يُعرف بأسلوبه النقدي العميق تجاه التاريخ الاستعماري وما بعد الاستعماري في إفريقيا.
اختُتمت المحاضرة بتفاعل واسع من الحضور، الذين أشادوا برؤية تينو العميقة لدور السينما في تشكيل الوعي، ومساهمته في تعزيز الهوية الإفريقية عبر الشاشة. وأكد أن “السينما ليست مجرد أداة للعرض، بل هي نافذة نحو الحقيقة وسلاح في معركة التحرر الفكري”.