12:07 م
الخميس 10 أكتوبر 2024
الشرقية – مصراوي:
في خبر صادم هزّ قلوب أهالي كفور نجم بمركز الإبراهيمية في محافظة الشرقية، فارقت الحياة “رنا” البالغة من العمر 22 عامًا، تلك السيدة البسيطة التي اشتهرت بابتسامتها الدافئة وبضاعتها الطازجة من الجبن والفطائر البلدي، فقدت “رنا” حياتها بشكل مفاجئ في حادث مأساوي، تاركة خلفها حزناً عميقاً في قلوب عائلتها وأصدقائها وجميع من عرفها.
خرجت “رنا” في الصباح الباكر تشق الطريق وتسابق الزمن سعيا إلى الرزق ببيع الفطير المشلتت والعسل والجبن القريش الذي اعتادت بيعه منذ أن قررت مساعدة زوجها لكسب لقمة، إلى جانب إعانة والدتها التي ظلت تكافح عليها وأشقائها بعد وفاة زوجها منذ 17 عاما، لكنها عادت جثة هامدة بسبب حادث انقلاب سيارة ربع نقل كانت تستقلها للعودة إلى بلدتها كفور نجم بعد قضاء يوم شاق من السعي والعمل حصولا على قوت أبنائها ومن هم في عنقها.
وأمام منزل متواضع الحال بقرية كفور نجم بمركز الإبراهيمية في محافظة الشرقية، استندت سيدة في منتصف الخمسينات إلى جداره وجوارها سيدات كثر يواسونها في مصابها الأليم، حلقها جاف تبكي بحرقة ومرارة وتتلعثم في نطق الكلمات، تردد: “بنتي اسم الله عليكي يابنتي”، طلعت زي الوردة الصبح و رايحة تجيب لنا لقمة عيش، رجعت جثة رجعت في كفن ونعش عالتربة، فضلت أقولها بلاش تروحي شغل النهاردة لكنها صممت، كأنها رايحة لقضاها”.
رصد “مصراوي” حالة الحزن في قرية كفور نجم بعد تشييع 7 جثامين إلى مثواهم الأخير في جنازة مهيبة، واقترب من “أم رنا” ليعرف قصة كفاحها التي انتهت بمصرعها في حادث انقلاب سيارة ربع نقل كانت تنقلها من محل عملها البعيد إلى بلدتها ومحل إقامتها، وروت والدتها أنها قررت أن تساعد زوجها “أرزقي” بما تستطيع لتربية طفليهما “ولد وبنت” ببيع فطير مشلتت وجبن قريش وعسل، تبيعه على الطريق للمارة وفي مواقف السيارات والمترو.
وتشير الأم المكلومة إلى أن ابنتها رنا الشابة ضحية الحادث عاشت يتيمة إذ توفى والدها منذ 17 عام وكانت لم تر النور بعد في الحياة، وتيتم أطفالها أيضًا مثلها بفقدها في الحادث، موضحة أنها ظلت تسعى وتكد لتربية أبنائها ال4 بعملها في البيوت إلى أن عبرت بهم لبر الأمان وزوجتهم واطمأنت عليهم، وكانت تعيش رفقتها في منزلهم البسيط، معلقة: “رنا كانت جبل وشايلة حمل كبير وكانت بتساعدني وتساعد جوزها بشغلها في بيع الفطير والجبنة”.
وتسترجع السيدة “أم رنا” يوم الحادث في أول ساعات النهار عندما ظلت ترجو ابنتها بأن لا تخرج إلى العمل وكأن قلبها يشعر بما سيحدث لابنتها، لكن رنا أصرت على الخروج لتلقي بالقدر المحتوم، وتشير الأم إلى أن ابنتها تعود باكرا كل يوم من العمل إلا في هذا اليوم تأخرت فساورها القلق والريبة حتى جاءها خبر وقوع حادثة في الساعة الحادية عشر مساءً، واجتمع معها نساء العائلة وجيرانها رافقوها إلى مستشفى بلبيس، لتتفاجأ بأن ابنتها من ضحايا الحادث.
كان اللقاء الأخير بين “رنا” ووالدتها إذ ألقت عليها نظرة حسرة تودعها وهي في ثلاجة حفظ الموتى بمشرحة مستشفى بلبيس العام لتصرخ صرخة تشق الصمت وتغرس الألم في قلوب الحاضرين بقولها :”بنتي يا حبيبتي”، وظلت الأم ورفاقها في المستشفى إلى أن تسلموا جثمان الشابة وجهزوا لتشييعه لمثواه الآخير، ووقفت الأم بحفيديها “مصطفى وأسيل” تارة تنظر للنعش وأخرى للطفلين، وكأنها تتساءل من يقوم بمهمة الأم في حياة هذين الطفلين، وعقلها شارد من يتولاهم بعد رحيل أمهم الشابة.
وكانت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الشرقية، تلقت إخطارا يفيد استقبال مستشفى بلبيس المركزي 7 جثث و3 مصابين جراء حادث انقلاب سيارة ربع نقل على الطريق الدائري اتجاه بنها متجهة إلى قرية كفور نجم وتصادم سيارات أخرى ما أسفر عنه الحادث وأخطرت الجهات المعنية وجرى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة.