كتب- محمود عبدالرحمن:
“لقد انتهى النظام الصهيوني”، بهذه الكلمات، تحدث المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي عن الهجوم الانتقامي المنتظر “غير المسبوق” على دولة الاحتلال الإسرائيلي، وذلك ردًا على عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية في قلب العاصمة طهران.
ففي أعقاب عملية الاغتيال، لم ينتظر خامنئي كثيرا حتى أمر بضرب إسرائيل مباشرة انتقاما لمقتل هنية، خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن القومي الإيراني، وفق ما نقلته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية نقلاً عن ثلاثة مسؤولين إيرانيين.
تهديدات خامنئي وما أعقبها من تصريحات للمسؤولين الإيرانيين والفصائل الموالية، وعلى رأسها حزب الله، دفعت إسرائيل إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات التي اعتبرتها وسائل إعلام عبرية ودولية مؤشرات لاقتراب الرد الإيراني على عملية الاغتيال.
إذ قال مسؤول عربي رفيع، الخميس الماضي، إنه من المتوقع ألا ترد إيران على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس قبل انتهاء فترة الحداد المقررة اليوم الأحد، بحسب “واشنطن بوست” الأمريكية.
كذلك رجّح مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون، اليوم الأحد، أن تهاجم إيران إسرائيل يوم الاثنين، وفق ما نقله موقع “أكسيوس” الإخباري.
لكن المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين، لم يحسموا إذا ما كانت إيران وحزب الله سيشنان هجوما منسقا أو سيعملان بشكل منفصل، موضحين أن إيران وحزب الله لا يزالان يعملان على وضع اللمسات النهائية على خططهما العسكرية وإقرارها على المستوى السياسي.
على الجانب الآخر، كشف المسؤولون الإيرانيون أن من بين الخيارات هجوم منسق من إيران، واليمن عبر “جماعة الحوثيين”، وسوريا والعراق لتحقيق أقصى تأثير، مؤكدين أن خامنئي أمر الحرس الثوري والجيش بإعداد خطط للهجوم والدفاع إذا توسعت الحرب.
استعدادات إسرائيلية
وفي ضوء التهديد والوعيد الإيراني، اتخذت إسرائيل بعض الإجراءات والتدابير الاحترازية في إطار استعداداتها للهجوم المحتمل.
وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي دانيال هاجاري، إن الجيش متأهب للدفاع جويًا وبريًا وبحريًا، مؤكدا أن إسرائيل في جاهزية عالية على جميع الجبهات.
وذكر هاجاري أن القيادتين الأمنية العسكرية الإسرائيلية أعدّتا خططًا واسعة للتنفيذ في لبنان ضد حزب الله، قائلًا: “سنتصدى لإيران في كل مكان، ووضعنا خططًا واسعة ومستعدون للتنفيذ”.
وفيما يخص تعليمات الجبهة الداخلية، قال هاجاري إنه لم تطرأ أي تغييرات عليها حتى اللحظة، لكنه أعلن تفعيل نظام التحذير والتنبيه الأمني عبر شبكات الهاتف المحمول في جميع أنحاء إسرائيل.
وبالرغم من ذلك، فإن المخاوف الإسرائيلية من الهجوم الإيراني المحتمل تجلت في إعلان موقع “والا” العبري، اليوم الأحد، أن جهاز الشاباك أعد مخبأ القيادة تحت الأرض في القدس ليتحصن فيه رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وقادة الأمن.
وكذلك أمر رئيس الشاباك الإسرائيلي، برفع درجة الحراسة لنتنياهو؛ تحسبًا لرد إيراني على اغتيال هنية، كما أوعز بالحصول مسبقًا على موافقته لكل جولة يقوم بها نتنياهو أو الوزراء، وفق القناة 12 العبرية.
تعطيل نظام تحديد المواقع “جي بي إس” في إسرائيل
وفي إطار إجراءاتها الاحترازية، قامت إسرائيل بتعطيل نظام تحديد المواقع العالمي “جي بي إس” في وسط البلاد؛ لمنع “استفادة الأعداء من خدماته”، خلال الهجوم الإيراني المحتمل، وفقا للقناة العبرية.
تحذيرات نتنياهو
ومع تزايد الحديث عن اقتراب الهجوم الإيراني الانتقامي، حذر نتنياهو اليوم الأحد، “محور الشر الإيراني” من مهاجمة إسرائيل، وقال في بداية الاجتماع الأسبوعي لحكومته إن “دولة إسرائيل تخوض حربا متعددة الجبهات ضد محور الشر الإيراني”، مؤكدا أن الجيش “مستعد لأي سيناريو”.
وأوضح نتنياهو، وفق بيان نشره مكتبه، أن أي هجوم على إسرائيل سيُقابل برد فعل، قائلا: “أكرر وأقول لأعدائنا: سنرد وسنفرض ثمنا باهظا على أي عمل عدواني ضدنا من أي جهة كانت”.
دعوات أمريكية لإيران لتخفيف ردها
مع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط من جراء الهجوم الإيراني المحتمل، تتزايد المساعي الدولية في محاولة لاحتواء الأزمة، خوفا من اتساع رقعة الصراع وتطورها إلى حرب إقليمية.
لكن هذه المحاولات لقيت آذانًا صماء في إيران، اليوم الأحد، إذ رفضت دعوات أمريكية وعربية لتخفيف ردها على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، وفق صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية.
وكشفت الصحيفة الأمريكية، أن الولايات المتحدة طلبت من حكومات أوروبية تحذير إيران من أن شن ضربة كبيرة ضد إسرائيل سيتبعه رد فعل.
تحشيد عسكري أمريكي
وعلى الرغم من المساعي الدبلوماسية التي تقودها الولايات المتحدة لاحتواء الأزمة وتجنب اتساع رقعة الصراع، فإنها كعادتها لم تجد مفرا من الدفاع عن حليفتها الأبرز في المنطقة، إذ نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي جون قايتر، إن “البنتاجون”، نقلت تجهيزات للمنطقة لمساعدة إسرائيل في الدفاع عن نفسها و جاهزة لكل الاحتمالات.
بالإضافة إلى ذلك، ذكرت وسائل إعلام غربية أن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن وجّه القوات الأمريكية بالدفاع عن إسرائيل.
وفي أعقاب هذا التوجيه، وصل ما يقرب من 12 بارجة بحرية أمريكية إلى المياه اللبنانية، فيما رست حاملة الطائرات الأمريكية “يو إس إس روزفلت” والأسطول المرافق في مضيق هرمز قبالة السواحل الإيرانية، كما أعلنت البنتاجون إرسال أسراب إضافية من المقاتلات الأمريكية إلى الشرق الأوسط.
ولم يكتفِ وزير الدفاع الأمريكي بتوجيه المذكور، إذ أمر بإجراء تعديلات على التموضع العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، موضحًا أن الهدف من إرسال حاملة الطائرات “ابراهام لينكولن” إلى المنطقة هو الحفاظ على وجود قوة ضاربة.
وفي سياق الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل، ذكر موقع “أكسيوس”، اليوم الأحد، أن قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل كوريلا سيصل إلى إسرائيل غداً لاستكمال التنسيق استعدادا لهجوم إيراني محتمل.
تحذيرات سفر.. بلدان غير آمنة
وبعد أن جعلت الأحداث الأمنية الجارية، منطقة الشرق الأوسط محطّ أنظار العالم، شرعت عدة دول في إجلاء رعاياها من لبنان وإسرائيل كما ناشدت مواطنيها بعدم السفر إلى البلدين المتجاورين، في ظل الحديث عن حرب باتت أقرب من أي وقت مضى.
وأكدت تقارير إسرائيلية، أن قرابة 15 من شركات الطيران قامت بإلغاء رحلاتها إلى إسرائيل وسط مخاوف من رد إيراني قوي على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، إسماعيل هنية.
بدورها، أوقفت تايلاند بشكل مؤقت إرسال آلاف العمال إلى إسرائيل خشية هجوم متعدد الجبهات، وفق ما نشرته صحيفة “معاريف” العبرية.