12:28 م
الخميس 10 أكتوبر 2024
كتب ـ رمضان يونس:
اعتادت “أم عبده” التحدث مع الطفلة “سجدة” وسؤالها الدائم عن والدتها “نورا” كلما رأتها، حتى استوقفت الطفلة التي لم تبلغ عقدها الأول، أثناء ذهابها مع شقيقتها “سلمى” لشراء إفطارهما. استدرجتها “أم عبده” إلى شقتها، ليس حبًا فيها، بل لقتلها بطريقة مأساوية، وإلقاء جثتها في جوال أمام باب منزل الجيران لإبعاد الشبهات. تقول الأم: “لقيت بنتي مرمية في جوال قدام باب جيرانا”.
في صباح يوم الإثنين، وكما اعتادت “نورا” مع بدء العام الدراسي الجديد الذي انطلق أواخر سبتمبر الماضي، أيقظت ابنتيها “سلمي” و”سجدة” إلى جانب زوجها “عمرو” مبكرًا لتحضير وجبة الإفطار وزيهما المدرسي وحقيبتهما. لكن الأختين تحججتا بعدم رغبتهما في الذهاب إلى المدرسة في ذلك اليوم.
في السابعة صباحًا، توجه الزوجان “عمرو” و”نورا” إلى عملهما المعتاد في أحد المصانع، تاركين “سجدة” مع شقيقتها الكبرى “سلمى”، التي تكبرها بعامين. وعلى غير العادة، خرجت الأختان “سلمى” و”سجدة” لشراء الإفطار من المطعم القريب من شقتهما.
أمام المطعم، وقفت “سلمى” تشتري ما تحتاجه من طعام، وبعدما انتهت من شراء الإفطار، لم تجد “سجدة”. ظنت الأخت أن شقيقتها قد عادت للمنزل، لكن خطة ماكرة رسمتها جارتهما “أم عبده” لاستدراج الطفلة “سجدة” إلى شقتها دون أن يراها أحد من الجيران. عادت “سلمى” ذات العقد الأول دون شقيقتها “سجدة”، وحينما سألتها الكبرى عن شقيقتها، ردت عليها قائلة: “جاية ورايا”، وفقًا لما ذكره “عمرو”، الأب، في حديثه لمصراوي.
تأخرت “سجدة” نحو 30 دقيقة في العودة إلى منزلها، مما أثار قلق أسرتها التي بدأت في السؤال عنها لدى الجيران. لم ترغب “سلمى” وشقيقتها في إخبار والدهما “عمرو” بما حدث، لكن الوضع تأزم عندما اتصل الجيران ليخبروا الأب بأن “سجدة” غير موجودة. على إثر ذلك، ترك الأب عمله.
بين أزقة مساكن إيجيكو وشوارع النهضة، كان الحال غامضًا، والكل في رحلة البحث عن “سجدة” لم يتوقفوا؛ “كل الناس كانت بتدور معانا”، حتى بعد مغيب الشمس. قاد “عمرو” مقطع فيديو لم يكمل 60 ثانية، رصده من إحدى كاميرات المراقبة بمحيط العقار محل سكنه، والذي أظهر غموض اختفاء ابنته في ظروف غامضة منذ الصباح. إذ تبين من المقطع الذي قدمه للمباحث أن سيدة استدرجت طفلته. لم يتردد أبو البنات في تحرير محضر غياب في قسم ثان السلام، قائلاً: “رحت القسم عشان أعمل محضر”.
كانت الطامة الكبرى قبل مطلع الفجر، بعدما انتهى “عمرو” من البحث المضني عن ابنته دون جدوى، عندما هاتفه أحد جيرانه ليخبره أنه عثر على طفلته “سجدة”، لكنه لم يُخبره بما رآه، داخل ممر ضيق أمام شقته.
أمام جوال بلاستيك به جثمان “سجدة”، وقف “عمرو” صامتًا، لم يقوَ على فعل شيء سوى البكاء. لم يتمالك أعصابهما لحظة واحدة منذ أن رأى طفلته، حتى جاءت قوات الشرطة لنقلها إلى المشرحة تحت تصرف النيابة. قال: “مرضتش تروح المدرسة ورجعت لقدرها.. كانت خارجة تجيب إفطار مع أختها ورجعت مقتولة”.
تحريات رجال مباحث السلام ثان، أثبتت أن المتهمة هي “أم عبده” بعدما كشفتها كاميرات المراقبة وأن الجانية تخلصت من جثة “سجدة” بإلقائها في جوال في الطابق الثالث أمام شقة إحدى الجيران لإبعاد الشبهات عنها “كان لسه مروح يريح شوية رجع على رنة تليفون بيقول لقيت سجدة في العمارة ومش عارفين أنها ميتة كده”، يصف “محمد رأفت” الجار المشهد المأساوي أن جسد الطفلة كانت عليه آثار خنق حول الرقبة والبطن مما أثارت الشكوك حول قتلها الغامض.
بدورها ألقت قوات الشرطة القبض على “أم عبده” وزوجها، بعدما أحاطتهما كل الشبهة حلو الجريمة، بعدما أظهرت الكاميرا الأول وهي تستدرج الطفلة إلى مسكنها بعدما تحدثت معها لمدة ثوان، من ثم اختفت حتى عثروا عليها قتيلة.
النيابة العامة، طلبت تحريات المباحث النهائية بشأن الجريمة، فيما استعجلت تقرير الطب الشرعي لتحديد أسباب الوفاة، عقب توقيع الكشف الطبي بعد إجراء الصفة التشريحية لإعداد تقرير وافٍ عن الجريمة وما دار فيها وملابساتها الغامضة.