07:03 م
السبت 21 ديسمبر 2024
كتب- حسن مرسي:
أكد الخبير السياسي المهتم بالشأن العربي محمد عمر، أن سوريا في طريقها إلى الاستقرار والأمن وتحقيق تطلعات السوريين.
وأضاف أن أهم الخطوات التي تقوم به الحكومة السورية المؤقتة، على الصعيد الدولي هو استقبالها للوفود الدبلوماسية الأجنبية والعربية وتقديم رؤية شفافة للتطورات الحاصلة وفتح قنوات الاتصال مع جميع الدول المنخرطة في الشأن السوري، من أجل تلقي الدعم السياسي والاقتصادي اللازم لعملية البناء.
وأوضح الخبير السياسي في مداخلة هاتفية مع قناة الحدث، أن زيارات العديد من مسؤولي الدول الأوروبية والعربية توالت إلى العاصمة دمشق، منها الفرنسية والبريطانية والقطرية لتتوجها زيارة دبلوماسيين أمريكيين لأول مرة منذ سنوات، للقاء مسؤولين بالحكومة المؤقتة.
وأفاد بيان لوزارة الخارجية الأمريكية، بوصول نائبة مستشار وزارة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، والممثل الخاص السابق لسوريا دانيال روبنشتاين، والممثل الأمريكي الخاص لشؤون الرهائن روغر كارستينز. وأشارت الوزارة إلى أن اللقاءات ستشمل أيضاً أعضاء المجتمع المدني وناشطين وممثلي الطوائف المختلفة، لمعرفة رؤيتهم لمستقبل بلادهم وكيف يمكن للولايات المتحدة أن تدعمهم.
وأوضح “عمر”، أن الكاتب والباحث السياسي التركي مهند حافظ أوغلو قال في إحدى مقابلاته إن تركيا كانت الداعم الوحيد للمعارضة السورية منذ البداية لتحقيق أهدافها بإسقاط النظام، وأن تركيا تعتبر ممثلة للمجتمع الدولي في الملف السوري، حيث تتقاطع مصالحها مع مصالح دولية عديدة، وأن الحكومة المؤقتة في سوريا ستجري تغييرات سياسية بناء على النصائح التركية.
واستطرد، أن الولايات المتحدة الأمريكية أشارت إلى أن تركيا هي اللاعب الأكثر نفوذًا في سوريا، حيث قال منسق السياسات الاستراتيجية والاتصالات بمجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، إن القيادة الحالية ترى أن أنقرة ستظل لاعبًا أساسيًا في الملف السوري، مثلما كانت على مدى السنوات الـ 14 الماضية، كما قال الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إنه لا أحد يعرف النتيجة النهائية في سوريا، ولا من هو الطرف الفائز، لكن أعتقد أنه تركيا سيكون معها المفتاح للأحداث في هذا البلد، وأن تركيا استولت على سوريا بطريقة غير ودية دون سقوط الكثير من الأرواح.
وأشار محمد عمر، إلى أنه مما لا شك فيه بأن أنقرة منذ اليوم الأول للثورة السورية أصرت على الاستماع لمطالب الشعب السوري ودعمته سياسياً ومادياً وعسكرياً، مما يجعلها اليوم تتمتع بنفوذ اقتصادي ودبلوماسي وعسكري لا مثيل له في هذه المرحلة من تاريخ سوريا، إلا أن هناك مصالح لتركيا ومخاوف تتعلق بأمنها القومي مرتبطة بوجود الأكراد في الشمال السوري.
وقال إن التوتر يتصاعد على الحدود الشمالية لسوريا، مع إبقاء الجيش التركي في حالة التأهب، وسط مطالب أنقرة بتفكيك “قسد” وضمان أمن حدودها، حيث يشكل انعدام الثقة بين تركيا وقسد عائقا كبيرا أمام أي اتفاق مستقبلي، كما ترى تركيا أن ارتباط قسد بحزب العمال الكردستاني يمثل تهديدًا لأمنها القومي، بينما تطالب قسد بضمانات دولية لحماية مكتسباتها، وبحسب ما أفاد عمر جليك، الناطق باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم، فإن أنقرة نشرت جنودها في المناطق الحدودية، بحيث يقدّر عددهم اليوم ما بين 16 و18 ألف عنصر.
وأوضح الخبير السياسي، أن مسؤول بوزارة الدفاع التركية، قال إنه لا يوجد اتفاق لوقف إطلاق النار بين تركيا و”قسد”، على عكس إعلان أمريكي بشأن هذه المسألة، وأن أنقرة ترى أن قوات “الجيش الوطني السوري” المدعومة من تركيا ستحرر المناطق التي يحتلها حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا.
من جانبها، تعهدت قوات سوريا الديمقراطية بقتال تركيا وفصائل المعارضة السورية التي تدعمها أنقرة في مدينة كوباني، وقالت في بيان “إننا في قوات سوريا الديمقراطية نؤكد على أهمية وقف التصعيد ووقف جميع العمليات العسكرية وحل كافة المواضيع العالقة عبر الحوار، لكننا لن نتردد في التصدي لأي هجوم أو استهداف لشعبنا ومناطقنا”.
وتابع أن هذا يأتي في ظل إرسال “قسد” تعزيزات عسكرية إضافية لمحيط سد تشرين وكوباني (عين العرب)، بعد سيطرة الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا على 14 بلدة وقرية في الريف الجنوبي للرقة في الأيام القليلة الماضية، ومخاوف من هجوم تركي على كوباني الحدودية الخاضعة للسيطرة الكردية.
وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية، أن هناك 2000 جندي أمريكي في سوريا، وهو أكثر من ضعف العدد الذي تم الإعلان عنه سابقا، وبحسب المتحدث باسم الوزارة باتريك رايدر، فإن هناك في الواقع “حوالي 2000 جندي أمريكي في سوريا” كانوا هناك منذ ما قبل سقوط نظام بشار الأسد، مضيفا: “تعتبر هذه القوات الإضافية مؤقتة يتم نشرها لتلبية متطلبات المهمة المتغيرة، في حين أن القوات الأساسية البالغ عددها 900 جندي يتم نشرها على المدى الأطول”.
وأكد أنه فيما تحاول واشنطن التوصل إلى هدنة بين الأتراك و”قسد” أشار مصدر أمريكي مقرب من وكالة الإستخبارات المركزية بأن وزارة الدفاع الأمريكية تريد خلال فترة الهدنة المرتقبة استقدام المزيد من الجنود الأمريكيين الى الشمال السوري، بعدد ربما يصل الى 10 آلاف عسكري، مرجعًا الخطوة لرغبة واشنطن بحماية مصالحها في الشمال السوري، خصوصاً في ظل التمسك التركي بالموقف المعادي للأكراد، وتطلعات أنقرة لإنشاء منطقة عازلة في سوريا بهدف القضاء على “قسد” واستثمار الثروات الكبيرة المناطق التي تسيطر عليها.
وأضاف أنه من ناحية أخرى تريد واشنطن تسويق رفضها إضعاف أنقرة لحليفتها “قسد” وبسط قيادة العمليات العسكرية التي أسقطت النظام في دمشق، من خلال تذرعها بمكافحة خلايا تنظيم “داعش” وحماية المعتقلات التي يقبع عناصره فيها، حيث قالت مجلة “بوليتكو” الامريكية إن واشنطن تبذل جهودا مكثفة لمنع سيناريو كارثي جديد في سوريا، وهو هروب جماعي من سجون “داعش” هناك حيث يظل آلاف من مقاتلي التنظيم الإرهابي وأسرهم في سجون مؤقتة تحت حراسة قوات كردية في إشارة الى “قسد”.
وأشار إلى أن أحد كبار المسؤولين الأمريكيين في مجال مكافحة الإرهاب قال إن موقف تركيا وسوريا يشبه قنبلة موقوتة وإذا لم توقف تركيا الهجمات على قوات سوريا الديمقراطية، فقد نواجه هروباً هائلاً من السجن، وأيضا قال جوزيف فوتيل، الجنرال المتقاعد الذي قاد القيادة المركزية الأمريكية من عام 2016 إلى عام 2019، أثناء القتال ضد داعش إن هذا في الأساس جيش إرهابي قيد الاحتجاز وهناك قلق من جميع الأطراف.
وقال القائد العام لإدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، خلال مقابلة مع المحرر الدولي لبي بي سي جيريمي بوين: “إن البلاد منهكة من الحروب وبحاجة لتنميتها وتقويتها، ولا تشكل أي تهديد لأي دولة في العالم”، وبشأن توغل الجيش الإسرائيلي في أراض سورية، قال: “كان لدى إسرائيل حجج لتدخلهم في سوريا تتعلق بالمليشيات الإيرانية وحزب الله، ولا مبرر لتقدم القوات الإسرائيلية في سوريا”، مضيفا: “لسنا على قدر كافٍ من القوة لمجابهة روسيا والولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل ويجب أن نكون حلقة وصل بين هذه الدول”.
وأكد محمد عمر، أن الصراع الأمريكي التركي على شكله الحالي في سوريا لا يصب في مصلحة الحكومة الانتقالية وقيادتها العسكرية، ويجب مواجهته عبر الحوار والتفاهم وخلق ضمانات للأطراف جميعها يمكن أن تبلور شكل العلاقة في المستقبل، كما حذروا من خطورة انسياق فصائل المعارضة المسلحة خلف المخطط التركي وإن كان الأتراك أول الداعمين لهم، بل عليهم التوصل الى صيغ تمنع سفك الدماء من جديد في سوريا.
وأشار إلى أنه من الممكن الاستفادة من الوجود الروسي في سوريا لأنه يمكن أن يكون رادعاً لكل من إسرائيل وتركيا وأمريكا من الاستفراد بسوريا والسوريين لتمرير مصالحهم، خصوصًا أن موسكو قامت بسحب جميع قواتها التي كانت منتشرة في سوريا إلى قاعدتيها العسكريتين على الساحل السوري، عقب سقوط نظام الأسد، فيما لاتزال واشنطن تسيطر على حقول وآبار النفط في الشمال الشرقي السوري، لا بل تريد توسعة تواجدها العسكري لمواجهة تركيا.
وفي الوقت الراهن تظهر علامات الفرح على السوريين بالانتصار إلا أنهم يتخوفون من إثارة النزاع المسلح من جديد في بلادهم، عبر المواجهة المسلحة في الشمال السوري، بعدما استطاعوا العبور الى بر الأمان بعد إسقاط نظام الأسد، وهم يعبّرون عن أملهم في أن تحقق القيادة السورية الجديدة تطلعاتهم في العيش الكريم والأمان والإطمئنان، وبأن تكون هذه القيادة وطنية ومستقلة القرار وقوية في إطار التحديات الحالية.