04:39 م
الجمعة 09 فبراير 2024
كتب – محمود مصطفى أبوطالب:
ألقي خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر د.ربيع الغفير، أستاذ اللغويات المساعد بجامعة الأزهر، ودار موضوعها حول “نفحات بين رجب وشعبان”.
أكد الدكتور ربيع الغفير أستاذ اللغويات المساعد بجامعة الأزهر، إن الأمة الإسلامية تعيش هذه الأيام فى هذا الزمان نفحات مباركة، أخبرنا بها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم هذه النفحات التي جرت هذه الأيام، هى نفحات تنصب على كرم الله وحبه لهذه الأمة، وعنايته ولطفه بها. فأمة الإسلام أمة محبوبة، فهى خير أمة أخرجت للناس، لافتا إلى أن شهر رجب هو من أحب الشهور إلى الله، أكرم الله عزّ وجلَّ فيه نبيه ﷺ برحلة خالدة خارقة، خُرقت فيها كل قوانين البشر، وطُمست فيها كل قواميس المادة.
وأضاف خلال خطبة الجمعة بالجامع الأزهر، وعنوانها “نفحات بين رجب وشعبان”:”حينما أُسرى به ﷺ من مكة إلى بيت المقدس، ثم عُرج به إلى السماوات العلى، وشاهد ما شاهد من آيات ربه الكبرى، ورأى مالم يراه نبى قبله، فى مكان لم يصل إليه أحد؛ عند سدرة المنتهى، تسمر عنده رفيق الرحلة جبريل ولم يتحرك، فيقول له سيدنا محمد ﷺ “أهنا يترك الخليل خليله؟” فيرد عليه سيدنا جبريل ويقول: “لكل منا مقام معلوم. يا رسول الله إذا أنت تقدّمت اخترقت وإذا أنا تقدّمت احترقت.” وصل النبى ﷺ إلى هذا المقام الذي تعجز عن وصفه فصاحة الفصحاء، وبلاغة البلغاء.
وأشار إلى عظم منزلة رسولنا الكريم ﷺ عند ربه، فسيدنا موسى عليه السلام طلب من الله رؤيته، لكن المولى عزّ وجلَّ قال له لن ترانى، وفى ليلة المعراج نودى على الرسول ﷺ تعال يا حبيبي لترى نورى، قال سيدنا موسي: رب اشرح لى صدرى، ورب العالمين لمحمد قال: ألم نشرح لك صدرك. قال سيدنا موسي: وعجلت إليك ربى لترضى، ويقول النبى ﷺ وعزتك وجلالك لا أرضى وواحد من أمتى في النار.
وأضاف: كانت رحلة الإسراء والمعراج رحلة تكريم للرسول وللأمة فى شخصه ﷺ، مشيرا إلى أن الأمة الإسلامية الآن على أعتاب شهر شعبان، شهر الفرح بعد الضيق، والفرج بعد الهم، والمنحة بعد المحنة، وهو شهر تحويل القبلة، حيث وقعت محن لرسول الله ﷺ أراد المولى عزّ وجلَّ أن يكافئه بعدها فكان تحويل القبلة، ففى الحديث (صلينا مع النبيِّ نحو بيت المقدسِ ستةَ عشرَ شهرًا، أو سبعةَ عشرَ شهرًا وصُرف إلى القبلةِ)، نزل الأمر الإلهي بتحويل القبلة فى شهر شعبان، فهو شهر توحيد الأمة، وشهر قبول الدعاء، قال تعالى: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا}. كانت أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – تداعب النبى ﷺ فتقول: “ما أرى ربك إلا يسارع في هواك”.
وأردف: كان لله في جعل القبلة إلى بيت المقدس ثم تحويلها إلى الكعبة حكم عظيمة، ومحنة للمسلمين والمشركين واليهود والمنافقين، فأما المسلمون فقالوا: سمعنا وأطعنا، وقالوا: (آمنا به كل من عند ربنا)، وهم الذين هدى الله، ولم تكن كبيرة عليهم. وأما المشركون فقالوا: كما رجع إلى قبلتنا، يوشك أن يرجع إلى ديننا، وما رجع إليها إلا أنه الحق، وأما اليهود فقالوا: خالف قبلة الأنبياء قبله، ولو كان نبيا لكان يصلي إلى قبلة الأنبياء، وأما المنافقون فقالوا: ما يدري محمد أين يتوجه، إن كانت الأولى حقا فقد تركها، وإن كانت الثانية هي الحق فقد كان على باطل، وكثرت أقاويل السفهاء من الناس، وكانت كما قال الله تعالى: ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾. وكان تحويل القبلة بعد هجرة النبى ﷺ بقرابة العامين، وبعد حادثة الإسراء والمعراج.
واسترسل خطيب الجامع الأزهر: كان هناك اختبارات أربعة الأول كان اختبار عقيدة وثبات، والثاني اختبار التضحية، وما أصعب الخروج من الوطن، والثالث كان اختبار طاعة وقيام فكان تحويل القبلة، وأما الرابع فكان اختبار الجهاد، وهو أصعب اختبار فهو “جهاد النفس والشيطان”.
وحث الغفير، المسلمين على تدبر هذه النفحات العظيمة، واستلهام العبرات والعظات منها لأنها جاءت تكريماً لرسول الله ولأمته فى شخصه ﷺ، الإسراء والمعراج تكريم، وتحويل القبلة تكريم، نزول القرآن ببراءة السيدة عائشة – رضى الله عنها – تكريم، فهذه أمة يحبها الله، وهى أمة مكرمة عند الله.
وذكّر، المسلمين بأن كل ما يحل بأمة الإسلام من انتكاسات، وأزمات، وفقر، وغلاء ماهو إلا مرحلة من مراحل المد والجزر التاريخي، وستزول بقدر الله، ولا يمكن أن تدوم، فلها أعمار كأعمار بنى آدم، ولكل شدة مدة، فالأمة تمرض، وتختبر، وتمتحن، لكنها لا تموت، ثم بعد ذلك يأتي النصر والعزة لهذه الامة، حتي تفيق من غفلتها وتعود من كبوتها، حتى ندرك أن التقدم الحقيقي يكون فى الصلة بالله العلي العظيم، قال تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ﴾.