بيروت – (بي بي سي)
أعلنت عدة خطوط طيران دولية تعليق رحلاتها إلى مطار بيروت في ظل توقعات بضربة إسرائيلية محتملة على لبنان، ردا على مقتل اثني عشر شخصا وجرح آخرين جراء سقوط صاروخ على ملعب لكرة القدم في بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل يوم السبت الماضي.
وأعلنت خطوط لوفتهانزا الألمانية ويوروينجز التابعة لها إلغاء ثلاث رحلات إلى بيروت كان من المقرر أن تنطلق بعد ظهر اليوم الاثنين، بحسب ما أظهرته لوحة مواعيد إقلاع ووصول الرحلات في المطار.
وأظهرت بيانات موقع تتبع رحلات الطيران فلايت رادار 24 أن الخطوط الجوية التركية ألغت رحلتين ليل الأحد، كما ألغت شركة طيران صن إكسبرس وشركة إيه جيت التركيتان وشركة طيران إيجه اليونانية والخطوط الجوية الإثيوبية وشركة طيران الشرق الأوسط – رحلات كان من المقرر وصولها إلى بيروت اليوم الاثنين.
ومحلياً أعلنت شركة طيران الشرق الأوسط اللبنانية، أنها أرجأت بعض رحلات العودة من مساء الأحد إلى صباح يوم الاثنين، من دون إبداء الأسباب.
يأتي ذلك بعد أن قرر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر، منح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت صلاحية اتخاذ قرار بشأن الرد على هجوم مجدل شمس في الجولان المحتل.
ووفقاً لصحيفة يديعوت أحرونوت، تم منح كل وزير في اجتماع الأحد الوقت الكافي للتحدث، بعد اعتراض الوزراء على الطريقة التي تمت بها الموافقة على الضربة الإسرائيلية على اليمن الأسبوع الماضي.
وأشارت الصحيفة ذاتها إلى أن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير امتنعا عن التصويت خلال الجلسة.
من جانبه قال وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب إنه أُبلغ بأن الرد الإسرائيلي ورد فعل حزب الله سيكون “محدوداً”.
أضاف بو حبيب أن بيروت تلقت رسائل “تطمين” من “الدول المعنية” بشأن رد إسرائيل على الهجوم على مجدل شمس يوم السبت.
وقال بو حبيب إن حزب الله مستعد للانسحاب إلى ما وراء نهر الليطاني – الذي يمتد على بعد حوالي 29 كيلومتراً شمال الحدود الإسرائيلية اللبنانية – إذا أوقفت إسرائيل “انتهاكاتها”.
حزب الله “في حالة تأهب قصوى”
ميدانياً أعلنت هيئة البث الإسرائيلية نقلا عن تقارير لبنانية، مقتل شخصين وإصابة ثلاثة في استهداف مسيّرة إسرائيلية سيارة ودراجة على طريق شقرا ميس الجبل جنوبي لبنان.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن الدفاعات الجوية نجحت في اعتراض مسيرة أطلقت من الأراضي اللبنانية باتجاه الجليل الغربي شمال إسرائيل، في حين دوت صافرات الإنذار عدة مرات في بلدات إسرائيلية محاذية للحدود مع لبنان.
يأتي ذلك فيما قال مصدران أمنيان لوكالة رويترز للأنباء، إن حزب الله في حالة تأهب قصوى، مع تصاعد التوترات في أعقاب هجوم مجدل شمس المميت.
وقالت المصادر الأمنية إن حزب الله قام بتطهير بعض المواقع الرئيسية في كل من جنوب لبنان ووادي البقاع الشرقي، تحسبا لوقوع أي هجوم محتمل من قبل إسرائيل.
وتتهم إسرائيل حزب الله بتنفيذ الهجوم وقال الجيش الإسرائيلي، “إن 12 شخصا تتراوح أعمارهم بين 10 و20 عاما، قتلوا جراء سقوط صاروخ على ملعب لكرة القدم في بلدة مجدل شمس”، فيما نفى حزب الله اللبناني مسؤوليته عن الهجوم.
وتقع مجدل شمس في الجولان السوري الذي تحتله إسرائيل منذ العام 1967 وأعلنت ضمه لأراضيها. وتعد مجدل شمس ذات غالبية درزية ويرفض كثيرون من سكانها الحصول على الجنسية الإسرائيلية.
ونشر الجيش الإسرائيلي والمجتمع الدرزي المحلي أسماء 11 شخصا من أصل 12 شخصا لقوا حتفهم في الهجوم، واصفاً الهجوم بأنه “الأكثر دموية على مدنيين إسرائيليين” منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر الماضي.
وشارك الآلاف الأحد في مراسم تشييع القتلى في مجدل شمس، وهتفوا ضد وزراء الحكومة.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر مشيعين دروزا يهتفون ضد وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، ويطالبونه بالمغادرة.
رد فعل أمريكي وإيراني
وحذّرت إيران إسرائيل، من أي “مغامرات” عسكرية جديدة في لبنان مما قد يؤدي إلى “تداعيات غير متوقعة”، وذلك بعد الضربة الصاروخية على الجولان المحتل.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، إن “أي خطوة تنمّ عن جهل من النظام الصهيوني قد تؤدي إلى توسيع عدم الاستقرار وعدم الأمن والحرب في المنطقة”، مشدداً على أن إسرائيل ستتحمل مسؤولية “التداعيات غير المتوقعة وردود الفعل على تصرف أحمق كهذا”.
من جهته، أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أن “كل المؤشرات” تدل على أن حزب الله اللبناني أطلق الصاروخ على الجولان المحتل.
وقال بلينكن ردا على سؤال في مؤتمر صحافي في طوكيو: “لا يوجد مبرر للإرهاب”. وأضاف “كل المؤشرات تدل على أن الصاروخ كان بالفعل من حزب الله. نؤيد حق إسرائيل في الدفاع عن مواطنيها من الهجمات الإرهابية”.
“ضرورة ممارسة أقصى درجات ضبط النفس”
وقد حثت حكومات غربية إسرائيل على ضبط النفس في ردها على الهجوم في مرتفعات الجولان.
واستنكر بيان مشترك للمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت ورئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام الجنرال أرولدو لاثارو، مقتل مدنيين من أطفال صغار وفتيان في مجدل شمس، مؤكدا ضرورة حماية المدنيين في جميع الأوقات.
وحث الأطراف على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس ووضع حد للتبادل المكثف والمستمر لإطلاق النار الذي قد يشعل صراعاً أوسع نطاقاً من شأنه أن يغرق المنطقة بأكملها في كارثة لا يمكن تصورها.
من جهته ندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بـ”الهجوم الدامي في مرتفعات الجولان المحتلة”، داعيا جميع الأطراف إلى “أكبر قدر من ضبط النفس”.
وقال غوتيريش على لسان المتحدث باسمه غداة الهجوم الذي خلف 12 قتيلا، إن “المدنيين، وخصوصا الأطفال، ينبغي ألا يستمروا في تحمل وزر العنف الرهيب الذي يسود المنطقة”.
هل يمكن تجنب التصعيد بين إسرائيل وحزب الله؟
يعتمد تجنب التصعيد بشكل كبير على الوضع في غزة وعلى الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وعودة الرهائن الإسرائيليين حيث يمكن أن يساعد ذلك في تهدئة التوترات في جنوب لبنان.
وقد سبق وأشار حزب الله إلى انفتاحه على التوصل إلى اتفاق يصب في مصلحة لبنان ولكنه قال إن ذلك الاتفاق يمكن التوصل إليه حينما توقف إسرائيل هجومها على غزة.
وبينما تقول إسرائيل أيضا إنها تفضل التوصل إلى تسوية دبلوماسية من شأنها أن تعيد الأمن إلى شمال البلاد فإن الحكومة الإسرائيلية قالت أيضا إنها تستعد لهجوم عسكري لتحقيق نفس الهدف.
وقال المبعوث الأمريكي الخاص إلى لبنان آموس هوكستين، والذي توسط في صفقة دبلوماسية غير متوقعة بين لبنان وإسرائيل في عام 2022 بشأن حدودهما البحرية المتنازع عليها، في الثلاثين من مايو الماضي – إنه لا يتوقع حدوث السلام بين حزب الله وإسرائيل لكنه أشار إلى إمكانية التوصل إلى مجموعة من التفاهمات التي من شأنها إزالة بعض دوافع الصراع وترسيم حدود معترف بها بين لبنان وإسرائيل.
كما تضمن اقتراح فرنسي قدم إلى بيروت في فبراير الماضي انسحاب مقاتلي النخبة من حزب الله مسافة 10 كيلومترات (6 أميال) من الحدود، والانخراط في المفاوضات الرامية إلى تسوية النزاعات حول منطقة الحدود البرية.