08:11 م
الأربعاء 04 أكتوبر 2023
بورسعيد – طارق الرفاعي:
“كُنت مجندًا برتبة عريف خلال حرب أكتوبر والتحقت بالجيش المصري في 10 مارس 1970، تحديدًا سلاح المدفعية، وكنت أستخدم صاروخ م/ د “مالوتكا” وكان قائد الكتيبة اللواء عبد الجابر أحمد علي، والذي زرع فينا روح الأسرة حتى الآن وجعل بين أفراد الكتيبة الذين مازالوا على قيد الحياة تواصل يومي نتذكر سويًا بطولاتنا التي نفتخر نحن وأبنائنا وأحفادنا بها، ونختتم لقائاتنا دومًا بدموع فرحة النصر وكأنها لحظة العبور”، بهذه الكلمات بدأ البطل صلاح محمد شاهين، أحد أبطال حرب أكتوبر، حديثه لـ”مصراوي” من داخل منزله في محافظة بورسعيد.
وبنظرة فخر وصوت واثق من نفسه وجسد يتحرك مع كل كلمة، يروي البطل تفاصيل يوم العبور: “كان موقعنا قبل يوم 6 أكتوبر في فايد ثم جاءت الأوامر بالاستعداد للمشاركة في مشروع تدريبي على الجبهة على ضفة قناة السويس، فتحركنا ووصلنا موقعنا على الضفة يوم الخميس 4 أكتوبر، وصدرت الأوامر بعدم الصعود على (التبة) ونحن نرتدي (الخوذة) ولكن نرتدي فقط الكاب العادي حتى لا نلفت انتباه العدو بأننا في مشروع تدريبي كما أخبرونا وقتها، وفي هذه الأيام كنا في رمضان وصائمين”.
وأضاف: “صباح يوم السبت 6 أكتوبر طالبونا بتجهيز المؤن لكل جندي من مياه وذخائر وطعام ووزعوا أفراد كتيبتنا بالمنطقة من الدفرسوار حتى الإسماعيلية، وكانت كل سرية بها 3 فصائل وكل فصيلة بها 4 أطقم لكي نكون جاهزين للتعامل مع الدبابات مباشرة كون أن مدى الصاروخ الذي نستخدمه 3 كيلو مترات”.
وبدموع فرح تملأ عينيه وصوت يرتفع بفخر، تحدث البطل “صلاح شاهين” عن لحظة العبور: “في تمام الساعة الثانية شاهدنا الطيران المصري ينطلق نحو سيناء بشكل مكثف، وعندما شاهدناه في السماء أيقنا أن الحرب بدأت وغطى لحظتها هتاف (الله أكبر) على صوت الطيران.
وواصل حديثه: “تحركنا إلى شرق القناة فور بدء المدفعية في الضرب وعند وصولنا اختبئنا في خط برليف وعندما توقفت المدفعية تحركنا وفوجئ العدو بنا ونحن نطلق الصواريخ بغزارة ومهارة صوب دباباتهم”.
وعن أول بطولة لهم يوم العبور قال: “في نفس يوم العبور كانت أول بطولة لكتيبتنا حيث كنا نختبئ أعلى تبة ورصدنا 4 دبابات للعدو تتجه نحونا وكان المسئول عن الطاقم الشاويش إبراهيم عبد العال وأنا مساعد له فنصبت له صاروخ على شريط السكة الحديد أعلى التبة وانطلق أول صاروخ ودمر أول دبابة وقسمها لنصفين فهتفنا (الله اكبر)، وازددنا ثقة ودمرنا الدبابة الثانية والثالثة بينما فرت الدبابة الرابعة أمامنا وانطلقنا بعدها ودمرنا العشرات من دبابات العدو، وهرب العديد منهم أمام صواريخنا”.
“شعور عبور القناه ورفع علم مصر شعور لا يوصف من شدة الفرحة، وبكينا يومها من الفرحة ومازال نفس الشعور داخلي طوال 50 عامًا مضت وأنا أتذكر هذه اللحظات”.. توقف البطل قليلًا عن الحديث ثم نظر إلى أعلى قائلًا “ربنا يرحمك يا عبده .. من اللحظات التي لا أنساها لحظة استشهاد زميلي “عبده عمر” حيث كان عزيز عليّ، وأثناء الحرب وقبل استشهاده بدقائق مر من أمامي وهو يحمل صاروخ متجهًا لنقطة آخرى وقال لي وهو يبتسم خلاص هترجع بورسعيد منتصر وبعد 5 دقائق أخبرني زميل آخر أن عبده قد استشهد بعد إصابته بشظية في جانبه الأيمن”.
وأكد: “مازلت محتفظ بالزي العسكري الذي خضت به الحرب وميدالية بها فتاحة كنت أفتح بها المعلبات خلال الحرب ومفاتيح المخلة”.
واختتم حديثه برسالة إلى الشباب: “إحنا عملنا اللي علينا والباقي عليكم إتمامه، ومصر مليئة بالأبطال والوطنيين، خلي بالكم على بلدكم”.