11:29 م
الأربعاء 24 مايو 2023
حوار- محمد شاكر:
تتجه أنظار العالم خلال الفترة المقبلة، إلى افتتاح المتحف المصري الكبير، وذلك بعد الانتهاء من إنشائه بشكل كامل، وهو ما سيكون مفاجأة حقيقية على مستويات عديدة لتغيير مفهوم المتاحف الأثرية، ليس على المستوى المصري فقط وإنما على المستوى العالمي أيضاً.
وكشفت ميريت السيد، الرئيس التجاري لشركة حسن علام القابضة والرئيس التنفيذي لشركة ليجاسي للإدارة والتنمية، في حوارها مع مصراوي كواليس هذه التجربة الجديدة وأهم الخدمات التي سيتم تقديمها على هامش الجزء الأثري للمتحف.
وإلى نص الحوار..
– في البداية، ما هو مفهوم تشغيل المتحف المصري الكبير وما هي كواليس التجربة؟
تعتبر تشغيل الشركة للمتحف المصري الكبير تجربة جديدة فريدة من نوعها، وإلى الآن لم نجد أي متحف أثري عالمي يتعاون في إدارته القطاع العام والقطاع الخاص، ونتمنى تصدير هذه التجربة خاصة أن هناك منشآت ثقافية عالمية تنظر إلينا ونتوقع أن كثير من المتاحف العالمية سوف تتبع هذا النموذج بعد نجاح التجربة.
– متى بدأت هذه التجربة على أرض الواقع؟
بدأنا هذه التجربة عام ٢٠١٨ عندما دخلت شركة حسن علام القابضة مناقصة للفوز بتشغيل المتحف المصري الكبير، وقمنا بإنشاء شركة ليجاسي للإدارة والتنمية لهذا الغرض، وتخصصنا في إدارة وتشغيل المتحف.
– ما هو مفهومكم حول تشغيل المتحف المصري الكبير؟
نحاول توسعة مفهوم المتحف نفسه، بعد أن كانت الفكرة السائدة في كل دول العالم أن المتحف عبارة عن عرض القطع الأثرية فقط، وبالطبع هذا هو الشق الأساسي والأهم في المتاحف، إلا أن الشق التجاري والترفيهي في هذه التجربة أصبح لا يقل أهمية عن الشق الأثري، خاصة أنه يؤدي إلى زيادة دخل المنشأة، بدلاً من الاعتماد الكلي على الدعم الحكومي كما كان الأمر سائدًا في الماضي.
ونرى الآن أن أغلب المتاحف في العالم تواجه صعوبات مادية، ومن هنا كان الاتجاه إلى أفكار بديلة، خاصة أننا نعمل وفق مفهوم الشمول الاجتماعي والثقافي والأثري، بحيث يخدم المتحف جميع جمهوره المستهدف سواء مصريين أو سائحين أجانب، أطفال أو كبار، وبالتأكيد ذوي الاحتياجات الخاصة.
– ما هو تفاصيل التعاقد مع وزارة السياحة والآثار؟
وقعت الشركة عقدًا لمدة ١٢ عامًا وبالفعل تسلمنا أجزاء كبيرة من المتحف، ومع تكرار تأجيل افتتاح المتحف بسبب الظروف العالمية، كان من الأفضل أن نستفيد بهذا الوقت عن طريق تشغيل المتحف بشكل جزئي، حتى نتلافى أي مشكلات يمكن أن تظهر في المستقبل، خاصة أن إحدى مشكلات تشغيل المنشآت الضخمة أنها معقدة جدا وهناك أجزاء لا يراها الناس مثل التكييفات والكترو ميكانيكال، وما إلى ذلك، ومن الصعب أن نفتح الباب في الافتتاح الرسمي ويدخل آلاف الجماهير دون التأكد من جاهزية المكان، فعلى أرض الواقع يمثل استخدام الأشياء وتنظيمها وما إلى ذلك من أمور، تحتاج إلى تجربة حتى نتأكد من جودة كل شيء.
– ماذا فعلتم فور بدء الشركة للتشغيل التجريبي للمتحف؟
قمنا بوضع خطة للتشغيل التدريجي، وكانت المرحلة الأولى تحديد أعداد معينة لدخول المتحف من خلال بعض الفعاليات الفنية والثقافية، بطريقة محكمة ومنظمة، وكانت فكرة ناجحة جدًا أن يأتي ٣٠٠ إلى ألف شخص، لحضور تلك الفعاليات.
– وماذا عن المرحلة الثانية؟
قمنا حاليا بفتح باب الحجز لدخول المتحف المصري الكبير للجمهور إلكترونيا فقط، ونستقبل أعدادًا أكبر من المرحلة الأولى، ويقوم الزوار بإجراء جولات إرشادية بالمتحف، حتى يتم تجربة الموقع الإلكتروني ومنظومة الأمن والنظافة والصيانة وغيرها من الأمور، وكلها أثبتت نجاحا كبيرا، وتعلمنا منها أشياء كثيرة جدا.
– ما هي أهم الصعوبات التي واجهتكم؟
تشغيل أي منشأة جديدة، مهما كانت كفاءة الأدوات، وجودة الأفكار والنوايا الحسنة، تظل التجربة خير دليل، وما ساعدنا في نجاح التجربة أن التعاقد بيننا وبين هيئة المتحف مكتوب بطريقة جيدة جدًا، بحيث يجعلنا في مركب واحد، إذا ربحنا يربح المتحف وإذا خسرنا يخسر المتحف، والعكس صحيح، وهو أمر يدفعنا لأن نضع أيدينا في أيدي بعضنا البعض، للنجاح فقط، دون وجود مخاطرة، ومن أبرز الصعوبات التي ننتظر انتهائها الآن، هي المنطقة المحيطة بالمتحف ومشاريع الطرق التي ننتظر أن تنتهي.
– ما الفارق بين أداء القطاع العام والقطاع الخاص في هذه التجربة؟
طريقة العمل وفلسفته مختلفة تمامًا، ولكننا يجب أن نعلم أن المؤسسة كبيرة جدًا، وتقوم هيئة المتحف على العمل الأثري وهو عمل مهم جدا وشاق، ونعمل نحن على الجزء الاستثماري والتجاري في المتحف، وهما مجالان لا يتعارضان وإنما يتكاملان.
– ما الخدمات التي تقدمها شركة ليجاسي للجمهور؟
قمنا باختيار أسماء المطاعم والكافيهات وكان هناك أسماء كبيرة وكثيرة متقدمة وحرصنا على اختيار الأسماء المصرية وقمنا بتطعيمها بأسماء وماركات عالمية، كما إننا سوف نوفر مكاتب لإدارة أعمال الأفراد والشركات من المتحف وسيكون إيجارها باليوم في تجربة جديدة، بحيث يعتبر تغيير لأصحاب الأعمال، ولدينا أيضا “ملتقى الفنون للمتحف” GEM Art Space وهو مكان مخصص للفنانين بجميع انواعه وعروض الأزياء والمجوهرات، لمن يحب أن يعرض شيئا، كما أن لدينا مسرح مهم لتقديم العروض الفنية والحفلات والمؤتمرات، وهدفنا أن من يدخل المتحف يشعر أنه دخل مكانا سهلا ومنظما، يقابله الجميع بابتسامة جميلة، يشعر بالطمأنينة والاسترخاء، وكلها خدمات نقدمها للجمهور، فضلا عن إدارة البيزنس بشكل فعال حتى لا يتحول المتحف إلى مجرد متحف أثري عادي.
– ما الأماكن التي يمكن تطويرها؟
لدينا مبنى كامل نفكر في أن نحوله إلى فندق حتى يحظى السائح على تجربة متكاملة، وأيضا نعظم الاستفادة من المنطقة التجارية للمتحف من محلات ومطاعم وغيرها وهو شيء فريد من نوعه.
– ماذا عن متحف الطفل؟
يضم هذا المتحف أمورًا تكنولوجية جديدة لشرح حياة الإنسان المصري القديم.
– الحفلات والأنشطة الثقافية والفنية.. كيف يتم اختيارها؟
لا نريد الجمهور أن ينظر لنا باعتبارنا متحف عادي، وإنما مكان ثقافي وفني، ولذا نهتم بالفنون والأنشطة المختلفة، ونوسع من النشاط الثقافي.
– ماذا عن المتجر الرسمي للمتحف؟
المتجر الرسمي للمتحف يقدم خدمة مهمة وهي تشجيع كل ما صنع في مصر، ونتعاون خلاله مع منتجات شركة كنوز التي تقدم المستنسخات الأثرية، كما نتعاون فيه مع كل الصناع والحرفيين المصريين من كل القرى والنجوع، حتى نحفز الصناعة المصرية الأصيلة، ونتعاون مع قرى من سيوة والنوبة وغيرها لأنها فرصة لأي حرفي أن يعمل ويبيع ما ينتجه، كما نحرص على تنوع المنتجات حتى تناسب السائح وتناسب الجمهور المصري الذي يبحث عن هدية ذات طابع تراثي، ومن هنا فإننا نخدم قطاعا أوسع من نطاق المتحف الجغرافي.
– كيف تتعاملون مع ما يثار حول المتحف على السوشيال ميديا.. خاصة بعد الضجة التي حدثت على إثر سقوط الأمطار على تمثال رمسيس الثاني؟
اتعامل مع هذه الظاهرة باعتبارها شيء إيجابي، لأن الناس تغير على المتحف وتشتاق إلى أن يفتح أبوابه للجمهور، يرون أنه ملكهم ويهتمون به، ويريدون أن يكون على أكمل وجه، ومن أهم ما يميز هذا المتحف أنه مبنى أخضر، وفق مفهوم التنمية المستدامة، توفيرا للكهرباء والطاقة، ولو جلست في أي مكان بالمتحف تجد فتحات التهوية الطبيعية تحل محل التكييفات، باستخدام اتجاه المبنى وفتحات التهوية من السقف وفتحات المياه الموجودة في الأرض، وبالتالي فمن الطبيعي أن تسقط الأمطار على تمثال رمسيس الثاني لأنه مصنوع من الجرانيت ولن يتأثر بالأمطار.