01:11 م
الثلاثاء 23 أبريل 2024
بي بي سي
وصفت “فضيحة الدم الملوث” بأكبر كارثة علاجية في تاريخ هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية، فقد أصيب في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي أكثر من 30,000 شخص في المملكة المتحدة بفيروس نقص المناعة، والتهاب الكبد الوبائي نوع سي بعد إعطائهم منتجات دم ملوثة.
وطالت الإصابات مجموعتين رئيسيتين – مرضى الهيموفيليا والذين يعانون من اضطرابات في الدم، وأولئك الذين خضعوا لعمليات نقل الدم بعد الولادة والجراحة والعلاجات الأخرى.
وقد تم الإعلان عن فتح تحقيق في الحادثة عام في عام 2017، وتحدثت “بي بي سي” إلى الأشخاص المتضررين من “الفضيحة” قبل نشر نتائج التحقيق المقرر الشهر المقبل.
تم تشخيص لي نجل دينيس بالهيموفيليا في عمر الستة أشهر، وفي عام 1985، عندما كان في الرابعة من عمره فقط، ثبتت إصابة لي بفيروس نقص المناعة المكتسبة بعد تلقي منتجات الدم الملوثة، وتوفي عن عمر يناهز 10 سنوات.
بسبب “وصمة العار” المرتبطة بفيروس نقص المناعة في ذلك الوقت، كانت حياة الطفل صعبة، حيث تحدثت تقارير صحفية عن كونه طفلاً غير مرغوب فيه بالمدرسة. وتجنب الآباء الآخرون الأسرة – حتى أن البعض أخبر دينيس أن ابنها يجب أن يموت. وأجبرت العائلة على الانتقال من منزلهم في نيلسي إلى منطقة مختلفة.
كان سوريش فاجيلا وشقيقه برافول من مرضى الهيموفيليا، وعندما عرض عليهما علاج جديد في عام 1970 قيل لهما إنه “سيحسن حياتهما بشكل كبير”، لكن لم يكن لديهما أي فكرة عن التأثيرالحقيقي لذلك العلاج، وفي عام 1985 تم تشخيص سوريش بفيروس نقص المناعة المكتسبة.
يعود سوريش بذاكرته للماضي ويقول: “قالوا، فقط اذهب إلى المنزل، أخبر عائلتك، لديك ثلاثة أشهر فقط، جهز نفسك”.
وخلال حديثه مع لجنة التحقيقات، أشار سوريش إلى وصمة العار التي واجهها، ويوضح: “الأمر أسوأ في المجتمع الهندي حيث يُنظر إلى المرض على أنه كارما (أي عقوبة بسبب ما فعلته في حياة سابقة)”.
ومن بين 1200 شخص مصاب بفيروس نقص المناعة عن طريق الدم الملوث، توفي بالفعل ما يقرب من 1000 شخص، بما في ذلك برافول، الذي توفي في عام 1995 عن عمر ناهز 33 عاماً.
وتوفي شقيق جانين، مارك بايتون في عام 2003 عن عمر ناهز 41 عاماً، كان مصابا بالهيموفيليا أيضاً، ولكن بعد نقل دم أصيب بفيروس نقص المناعة البشرية والتهاب الكبد الوبائي وفشل الكبد وما يُعرف بـ”الحماض اللبني” وهي حالة قد تهدد الحياة، وفيها يُنتج الجسم الكثير من حمض اللاكتيك.
أصيب بايتون بفيروس نقص المناعة منذ أن كان في سن السابعة عشرة، ولكن لم يتم إبلاغه أنه حامل للفيروس حتى بلغ الثالثة والعشرين.
وتقول جانين إن والديها لم يتجاوزا مشاهدة ابنهما البكر يموت، كما أنها تأثرت بوفاته هي وابنها، الذي كان متعلقاً بخاله مارك.
أما ستيفن سميث فاكتشف أنه مصاب بالتهاب الكبد الوبائي نوع سي في عام 2021، إلا أنه أُصيب فعلياً عام 1985 بعد نقل الدم إليه بسبب إصابة تعرض لها في الساق، وعاش 36 عاماً دون أن يكتشف إصابته.
واكتشف سميث إصابته بالتهاب الكبد الوبائي نوع سي، عندما زار طبيباً عاماً لأول مرة بعد أن انتقل إلى كورنوال.
وقال ستيفن أن التشخيص فسر شعوره المستمر بالألم والسلوك العدواني، وسأل سؤالاً فظيعاً: “هل قتلت زوجتي؟”.
وتوفيت زوجة سميت متأثرة بسرطان الكبد، ويقول: “إذا كنت مصاباً بالتهاب الكبد الوبائي، فأنت أكثر عرضة للإصابة بالسرطان، لذلك خطر هذا ببالي ودمرني تماما”.
وفي حالة مماثلة، خضعت دينا بيكوك، وهي أم لستة أطفال من وارينغتون، لعمليات نقل دم في أوائل عام 1980 بعد ولادة أول طفلين لها.
على مدى 35 عاماً، لم تستطع فهم سبب شعورها بالإرهاق والتوعك والاكتئاب باستمرار. لم يتم تشخيص إصابتها بالتهاب الكبد الوبائي نوع سي حتى عام 2017.
وبالإضافة لغضبها من فكرة أنها يمكن أن تموت، فإن شعوراً فظيعاً ينتابها لاحتمال أن يكون أطفالها أيضا قد أصيبوا.
أما مارك وارد، فكان يبلغ من العمر 14 عاماً فقط في عام 1984، عندما أخبره طبيب في مستشفى رويال فري في هامبستيد بلندن أنه مصاب بفيروس نقص المناعة.
قال له الطبيب: “إذا كنت محظوظاً، فلديك حوالي عامين فقط. لكن ربما لن تعيش طويلاً بما يكفي للتخرج في المدرسة”.
ويتساءل مارك:”حين تعلم هذا في سن الرابعة عشرة، ماذا تفعل؟”، ويستدرك قائلاً: “أنت تستمر في تعليمك، ولكن حياتك كلها تُقلب رأسا على عقب، لأنهم قالوا لي: هذا كل شيء، أنت ستموت بسبب الإيدز”.
ويقول مارك إن صحته تتدهور بسرعة وفقد الكثير من الأصدقاء، ويضيف: “يبتعد عني الأشخاص بمعدل شخصين في الأسبوع، كل بضعة أيام أفقد صديقاً، وشبح الموت يقترب مني، سعيي لتحقيق العدالة هو ما يمنحني القوة الآن”.
وأيضاً أصيب والد كارلي، كيث فرانسيس بالتهاب الكبد الوبائي نوع سي من خلال منتجات الدم الملوثة حينها، وأقدم على الانتحار عام 2014.
وتقول ابنته كارلي من لايتون بازارد، إنه كان لديه “عدم ثقة كاملة في النظام” بعد إصابته.
كان لدى كيث شقيقان مصابان أيضاً بالهيموفيليا، وتلقيا الدم الملوث مثل كيث أيضاً، أصيب أحدهما بالتهاب الكبد الوبائي نوع سي، فيما أصيب الآخر بفيروس نقص المناعة وتوفي بسبب إصابته.
وتعتقد كارلي أن التأثير الاجتماعي والعقلي والجسدي لـ”فضيحة الدم” على والدها والأسرة ساهم في قراره بإنهاء حياته.
وقبل نهاية التحقيق تريد أن ترى اعترافا بالخطأ واعتذارا للأشخاص الذين أصيبوا، وكذلك تعويضات ودعما معنوياً للأقارب الأحياء.