04:00 ص
الجمعة 30 أغسطس 2024
كتب- محمد شاكر:
صدر حديثا عن سلسلة (كتاب اليوم) الصادرة عن أخبار اليوم، كتاب “سيد درويش المؤلف الحقيقي للنشيد الوطني.. وقائع سرقة معلنة”، للكاتب خيري حسن.
يأخذنا الكاتب في رحلة عميقة، ومُكثفة، تلخص حياة سيد درويش، يؤكد خلالها على موهبة تخص سيد درويش ـ غير الموسيقى ـ، وهي موهبة الشعر التي كانت روح سيد درويش تنطوي عليها.
وفي مقدمته للكتاب يقول الشاعر شعبان يوسف: لم يركز خيرى حسن حول هذه الموهبة، ويثبتها بكثير من الأدلة والقرائن، إلّا لكي ينتصر لقضية تم التضليل فيها على أعلى مستوى، وهي نسبة كتابة نشيد “بلادي بلادي” إليه، وليس لمعاصره الشيخ محمد يونس القاضي، الذي بذل مجهودات كثيرة لكي يثبت ـ كذبًا ـ أن نشيد (بلادي بلادي) من تأليفه هو، وليس من تأليف غيره.
ورغم أن تلك القضية التي قدم فيها خيري حسن مجهودًا، يكاد يعادل مجهود القضاة والمحامين للوصول إلى عدالة القضية، إلّا أن كاتبنا أراد أن يعطي بانوراما جديدة حول حياة سيد درويش، منذ أن كان يذهب إلى حسن الأزهري الذي كان يقيم حفلات موسيقى في منزله، وما أن اشتبكت موهبة الفنان الصغير، مع تلك الموسيقى، حتى لمسته شرارة الفن وجنونه، وضبطه والده وهو يغني في موقف كاريكاتوري سيجده بتفاصيله القارئ الكريم في متن الكتاب، فأمره بالامتناع عن الذهاب إلى تلك الحفلات الماجنة، ولكن الطفل الذي صار صبيًا، تحدى تلك الأوامر التي التزم بها قليلًا، ولكن الموهبة فرضت نفسها، وأصبحت تطارده، دون أن يقاومها، بل كان يوفر لتلك الموهبة كل ما تطلب من مدد، ومن ثم غادر الإسكندرية، وشد الرحال إلى القاهرة، ولكنه لم يجد ذلك النجاح، فعاد مرة أخرى إلى الإسكندرية، وهو لم ييأس، فيسافر إلى الشام، كذلك لم يحقق ذلك النجاح المنشود، ولكن بدأ اسمه يبرز، ويلمع، حتى سمع به الشيخ سلامة حجازي، والتقى به بطريقة شبه دراماتيكية، عندما جاء له أحد أصدقاء سلامة حجازي، وقال له: الشيخ سلامة حجازي يريد أن تذهب إليه، ولكن سيد درويش قال له: لماذا لا يأتي سلامة حجازي؟ وعندما بلغ ذلك سلامة حجازي، قرر أن يذهب إليه، لأنه كان يقدر موهبة ذلك الفنان العظيم الذي مازال في بداية الطريق، وبالرغم من أن اللقاء الفني الأول لم يأت بثماره، إلا أنه كان البداية التي وضعت سيد درويش على سلم المجد الفني، وفي تلك المساحة، يتقمص خيري حسن دور الحكاء، فيسرد علينا سلسلة من الحكايات التي جعلت اسم سيد درويش له حضور كبير في الحياة الفنية.
ومن خلال تلك الحكايات، والوثائق، والشهادات، لا تغيب عن المؤلف، تلك القضية التي أنشأ من أجلها الكتاب كله، وهي قضية نسب نشيد “بلادي بلادي” إلى سيد درويش، وراح يتقصى كل المعلومات الخاطئة التي كان يشيعها محمد يونس القاضي، تلك المعلومات التي رددها كثير من الباحثين دون التحقق من صحتها.
ولم يكتف خيري حسن بالبحث في الأرشيف الصحفي، والإذاعي، وما جاء في الكتب، ولكنه كان يستعين برجال القانون والمختصين، حتى وصل إلى معلومة خطيرة، وهي أن الوثيقة التي كان يونس القاضي يبرزها دائمًا، وتثبت ـ كما يزعم ـ أحقيته بملكية نشيد (بلادي بلادي) واستخرجها من المحكمة المختلطة، وجد خيري حسن أن تاريخ استخراج تلك الوثيقة، كان يوم جمعة، والمحاكم لم تكن تعمل في أيام الجمع، ومن ثم فهي وثيقة مزورة مائة في المائة، حسب ما جاء في الكتاب.