03:46 م
الخميس 28 مارس 2024
كتب- محمد صفوت:
يتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم 174 على التوالي، دون نهاية تلوح في الأفق، وسط إصرار إسرائيلي على تحقيق هدفي الحرب المتمثلين في القضاء على حماس وتفكيكها، وإطلاق سراح جميع الأسرى الذين تحتجزهم حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى.
الإصرار الإسرائيلي على مواصلة الحرب دون التوصل لاتفاق بعد بشأن الأسرى، كشف عن انقسامات كبيرة داخل الحكومة الإسرائيلية والمجتمع الإسرائيلي، فضلاً عن التوترات الكبيرة مع الإدارة الأمريكية التي سببتها الخطط الإسرائيلية المزعومة بشأن شن عملية عسكرية في رفح.
ومع اقتراب الحرب من دخول شهرها السادس، واستمرار المعارك بين قوات الاحتلال والفصائل الفلسطينية، وعدم التوصل لأماكن الأسرى بعد، يتجلى الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي، بين مؤيد لاستمرار المعارك لتحقيق أهداف الحرب ومعارض لمواصلة القتال إلا بعد تحرير الأسرى.
في هذا السياق سلطت صحيفة “وول ستريت جورنال” الضوء على الانقسامات التي يشهدها الشارع الإسرائيلي بين مؤيد ومعارض لاستمرار المعارك قبل التوصل لاتفاق بشأن الأسرى.
هدفان متعارضان
هدفا الحرب اللذان أعلنهما الاحتلال يقسمان الشارع الإسرائيلي، بين ضرورة منح الأولوية لأي منهما، إذ يرى البعض ضرورة القضاء على حماس وتفكيكها، أو عقد اتفاق هدنة يسمح بإطلاق سراح عددًا من الأسرى لدى حماس.
يعتقد الرافضون لوقف إطلاق النار بأنه سيسمح لحماس بالسيطرة على القطاع، حتى إن كان الثمن تحرير الأسرى. ويرى أخرون أن الأولوية هي السماح للأسرى بالعودة إلى إسرائيل وإن كان الثمن ترك السلطة في غزة لحماس.
ويرى ميشيل باراك المحلل السياسي في شركة “كيفون جلوبال ريسيرش”، أن هدفا الحرب يتعارضان مع بعضهما البعض، وكلاهما لا يمكن أن يحدث.
ووصلت المفاوضات بين حماس وإسرائيل، بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة إلى “طريق مسدود” لكنها لم تنته بعد، وفقًا لـ”سي إن إن”.
وتصر حماس على وقف كامل لإطلاق النار في غزة وانسحاب جيش الاحتلال وعودة النازحين إلى شمال القطاع، فيما يرفض الاحتلال مطالب حماس ويخطط لشن عملية عسكرية برية واسعة في رفح جنوب غزة، بمزاعم أنها آخر معاقل حماس في القطاع.
وكانت القناة 12 الإسرائيلية، قالت إن جيش الاحتلال بدأ الاستعدادات لشن عملية برية في رفح، في حال انهارت المفاوضات، واتخاذ خطوات فعلية منها “عزل المدينة وإجلاء المدنيين ووضع خطة للتعامل مع الأنفاق، ومهاجمة غرف القيادة والمنازل التي يتحصن بها قادة حماس وتصفية عناصر الحركة”.
وأظهر استطلاع نشرته “وول ستريت جورنال” لـ “معهد الديمقراطية الإسرائيلي” أن 47% من اليهود الإسرائيليين المشاركين في الاستطلاع يرون ضرورة إعطاء الأولوية لتحرير الرهائن، بينما يرى 42% تدمير حماس وتفكيكها أولوية أكبر.
انقسام إسرائيلي حول أولويات الحرب
وبحسب الاستطلاع الذي أجري في يناير الماضي، فإن المؤيدين لتدمير حماس قبل التوصل لاتفاق بشأن الأسرى هم من يؤيدون الأحزاب اليمينية والدينية في إسرائيل، بينما من يرى في إطلاق سراح الأسرى أولوية هم من صوتوا إلى أحزاب اليسار والوسط في الانتخابات الماضية بإسرائيل.
ويؤكد محللون لـ “وول ستريت جورنال” أن تحقيق هدفي الحرب معًا مهمة شبه مستحيلة، فهناك حاليًا قوة سياسية شكلت من الإسرائيليين الوسط واليسار وعائلات الأسرى، وهم على استعداد لدفع ثمن باهظ لإطلاق سراح الأسرى لدى حماس.
ويعتقد هؤلاء أن إسرائيل لديها واجب أخلاقي تجاه الأسرى، وفي حال انتهاكه فإنه يقوض شعور المواطن بالأمان في المستقبل بإسرائيل، ويرون أنه يمكن مواصلة القتال مع حماس بعد تحرير الأسرى حتى لا يقتلوا خلال المعارك.
على الناحية الأخرى، فإن اليمين الإسرائيلي يرفض رفضًا قاطعًا أي اتفاق مع حماس يسمح للحركة في الاحتفاظ بالسلطة في غزة ويطلق سراح آلاف المعتقلين الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، ما يعرض الأمن القومي الإسرائيلي للخطر.
انقسام يعكس وجهات النظر السياسية
ونقلت “وول ستريت جورنال” عن علماء اجتماع قولهم حول الانقسام بين الشارع الإسرائيلي وتحديد الأولويات في الحرب الدائرة حاليًا في غزة وأهدافها، ويرى علماء الاجتماع أن الانقسام الحالي يعكس وجهات النظر السياسية حول العلاقة بين المواطنين والدولة.
ويحلل مناحيم موتنر، الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة تل أبيب، لـ “وول ستريت جورنال” طبيعية الانقسام في حول الثمن الذي يجب دفعه لإطلاق سراح الأسرى من وجهة نظر اليمين واليسار الإسرائيلي، قائلاً، إن بالنسبة لليمنيين والمتشددين في إسرائيل إن الدولة والجماعة فوق الفرد، والفرد عليه خدمة الجماعة، لكن بالنسبة لليسار، فإن الدولة هي أداة للحفاظ على حياة مواطنيها.
ومنذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، اندلعت مظاهرات عارمة في إسرائيل تنديدًا بطريقة إدارة الحرب والمطالبة بضرورة التوصل لاتفاق بشأن الأسرى وإعادتهم إلى إسرائيل، وكما طالبت الاحتجاجات التي شهدتها إسرائيل، حكومة نتنياهو بتحمل مسؤولية الفشل في 7 أكتوبر وإجراء انتخابات مبكرة.