05:55 م
الثلاثاء 20 فبراير 2024
كتبت- سلمى سمير:
خلال الفترة الماضية توترت الأوضاع بين البرازيل وإسرائيل، وصلت التوترات بين البلدين لحربًا كلامية على مستوى الزعماء، كانت شعلة هذه الحرب هي هجوم الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، وذلك بعد استياء البلد الواقع في أمريكا الجنوبية من طريقة تعامل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الحرب المستمرة منذ 4 أشهر، وهو ما لم تصمت إسرائيل عنه.
“محرقة النازيين” كانت هي كلمة السر لتصاعد حدة الخلاف بين البلدين، وذلك بعد اتهام الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، جيش الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب “إبادة جماعية” بحق الشعب الفلسطيني، شبهها بالمحرقة التي أقامها هتلر لليهود نهاية الحرب العالمية الثانية.
تصريحات الرئيس البرازيلي جاءت خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، أثناء حضوره قمة الاتحاد الأفريقي، فقال “دا سيلفا” حينها إن الأفعال التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، لم يشهدها التاريخ في أي وقت مضى إلا عندما قرر هتلر التخلص من اليهود حرقًا في محرقة الهولوكوست.
حديث “دا سيلفا” حينها تطرق أيضًا إلى أن الوضع في قطاع غزة ليس مجرد حرب “جنود ضد جنود”، لكن جيش الاحتلال الإسرائيلي استعد بدرجة عالية ليواجه النساء والأطفال، الأمر الذي أغضب “نتنياهو” خاصة وأنها ليست أول مرة التي يسمع فيها تشبيه إسرائيل بهذا المثال.
جاءت عبارة “التقليل من شأن اليهود” كأولى الكلمات على لسان نتنياهو وهي عبارة طالما استخدمها الزعيم اليميني في عدة مناسبات، مع وصفه تصريحات دا سيلفا بـ “المخزية والخطيرة”، مشيرًا إلى أن تصريحات رئيس البرازيل تهدف إلى التقليل من شأن ما حدث لليهود في الهولوكوست والاستهتار بالشعب اليهودي، والتي يعتبر تجاوزها خط أحمر في نظر الزعيم الإسرائيلي.
لم تكتف تل أبيب بعبارات الغضب والتنديد التي أدلى بها نتنياهو وعدد من الساسة الإسرائيليين، بل واكب ذلك تهديد الرئيس البرازيلي بوضعه في خانة خصوم إسرائيل حتى يتراجع عن كلامه، وذلك ما أدلى به وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس قائلًا: “إن دا سيلفا سيظل شخصًا غير مرغوب به لحين تراجعه عن تشبيهه بحرب إسرائيل على غزة بالمحرقة النازية”.
أكمل كاتس دوره في جولة التوبيخ الدبلوماسي التي قام بها، باستدعائه للسفير البرازيلي من أجل توبيخه على تصريحات رئيس بلاده ودعوته إلى القيام بجولة بمتحف “ياد فاشيم” الذي أُنشئ لقتلى محرقة هتلر لليهود، وهي الدعوة التي لباها بالفعل السفير البرازيلي ليستمع إلى حلقة متواصلة من التوبيخ، جاء فيها أن المتحف هو أكثر مكان يشهد على جرائم هتلر بحق اليهود “.
اختتم كاتس حديثه للسفير، بأن المتحف لم يشمل أشخاصًا غرباء بل كانوا أفراد عائلته الذين راحوا في محرقة هتلر على حد قوله، ليصف بعدها حرب إسرائيل على غزة بـ “الحرب العادلة” التي لا يجوز تشبيهها بحرب الإبادة التي مارسها هتلر ضد اليهود، بينما لا يغير ذلك من رأي السفير البرازيلي، الذي تمسك بوجهة نظر رئيس بلاده ولم يعتذر عن أي منها، بل أعرب عن استيائه جراء الطريقة التي عومل بها في تل أبيب.
برز موقف البرازيل، في رفض الاعتذار عن تصريحات رئيسها، بل وصل حد استدعاء وزير الخارجية البرازيلي ماورو فييرا، للسفير الإسرائيلي في البرازيل، لفهم ملابسات وصف الرئيس بـ “الشخص غير المرغوب فيه”، إضافة إلى استدعاء السفير البرازيلي في إسرائيل للتشاور، وذلك حسبما ذكرت قناة “سي إن إن برازيل”.
وتعتبر تلك بسابقة في التوترات بين تل أبيب وبرازيليا، فرغم إدانة دا سيلفًا العلنية لعملية “طوفان الأقصى” التي شنتها كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس في الـ7 من أكتوبر، إلا أنه عارض في ذات الوقت طريقة الرد الإسرائيلية التي اعتبرها حملة انتقامية على المدنيين في قطاع غزة.