08:47 م
الجمعة 04 أغسطس 2023
كتب- محمد شاكر
ألقى عالم الآثار الشهير والروائى الدكتور حسين عبد البصير مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، محاضرة أون لاين عنوانها “ملكات الفراعنة دراما الحب والسلطة” أدارها الدكتور عبد الرحيم ريحان رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية والأثرى محمد حمادة مؤسس ورئيس فريق أحفاد الحضارة المصرية.
يأتي ذلك فى إطار خطة حملة الدفاع عن الحضارة المصرية وفريق أحفاد الحضارة المصرية فى نشر الوعى الأثرى بقيمة الحضارة المصرية.
وتضمنت المحاضرة أسباب كسر الأنوف والرقاب فى تماثيل مصر القديمة والغرض منها “محو الذكرى” القائمة على استبعاد شخص ما أو جماعة ما أو طائفة ما من الحسابات سواءً الرسمية أو غير الرسمية في فترة زمنية معينة، وكان يتم تنفيذ ذلك من خلال القيام بحملة وحالة من النفي الإجباري من التاريخ أو التدمير المتعمد لذلك الشخص أو تلك الجماعة وتنفيذ المحو له أو لها من التاريخ بشكل كلي أو بشكل جزئي بهدف “محو الذكرى” وفق رغبة القائمين بذلك العمل المشين بعدم بعث أعدائهم في العالم الآخر في مصر القديمة.
وكانت هناك طرق عديدة لتنفيذ فكرة محو الذكرى لشخص ما سواءً أكان من الحكام أو من النبلاء أو من الأفراد العاديين، ومنها إتلاف الصور أو إزالة أسماء الأشخاص من فوق النقوش والوثائق، أو من خلال قطع رأس تماثيل الملوك أو الملكات أو رؤوس تماثيل الأفراد، أو تدمير المومياوات الملكية أو الخاصة بالنبلاء، أو من خلال العبث الكبير بها، أو من خلال العبث بالأثاث الجنائزي الخاص بأولئك الملوك أو الملكات أو الأفراد وسرقته بل ونسب تلك الآثار للمغتصبين أنفسهم.
وأشار عبد البصير إلى العبث بآثار الآخرين فى مصر القديمة لضمان محو ذكرى ذلك الملك أو ذلك النبيل أو ذلك الفرد من التاريخ على المدى البعيد أو المدى القريب، وكانت تتم عملية ممنهجة لإعادة كتابة التاريخ على النحو الذي يرضي ويرتضيه الذين يقومون بذلك المحو للذكرى، ومن الأمثلة المعروفة لظاهرة “محو الذكرى” تتعلق بإعادة نقش النقوش بأسماء أخرى أو حذف معلومات معينة منها عمدًا عن فترة محددة.
ومن تلك الأمثلة محو الذكرى في آثار الملك أخناتون وخلفائه وأماكن أخرى في تل العمارنة وفي أماكن عديدة في مصر القديمة، وكان ذلك هو النموذج الأبرز لدينا في مصر القديمة عندما حدثت ظاهرة محو الذكرى في أعقاب عهد الملك المصري أخناتون في القرن الرابع عشر قبل الميلاد نتيجة ثورته الدينية الشهيرة وقيامه بتدمير آثار الآخرين كما سوف يحدث لآثاره بعد ذلك.
وخلال فترة حكمه القصيرة، قام أخناتون بإزالة جميع الإشارات إلى الإله آمون وقد ذاق من نفس الكأس التي سقاها لمعاصريه بعد حكمه، حيث تم تفكيك معابد آتون وإعادة استخدام الحجارة لإنشاء معابد أخرى، وتم تدمير آثار أخناتون، ثم عادت الحياة لآثار الإله آمون وألقى الناس باللوم على أخناتون وتحوله إلى الديانة الآتونية، والذي دمر الآلهة التي عبدوها، وبدأت حملة تدمير ذكرى أخناتون على يديّ الملك حور محب، الذي قرر محو جميع ملوك وملكات فترة العمارنة، والتي لم تكن ذات شعبية كبيرة في ذلك العصر، واستكمل خلفاء حور محب تلك العملية.
وبالتالى فإن الغرض من تدمير أو قطع رأس التمثال أو محو الاسم أو سرقة المقبرة أو المومياء أو تهشيم الوجه هى رغبة المدمرين لتلك الآثار أن لا يبعث أصحاب تلك الآثار في العالم الآخر ويظلوا يهيمون على وجههم دون هوية ودون بعث ودون حياة أبدية في جنات النعيم.