07:33 م
الإثنين 07 أكتوبر 2024
كتبت- سهر عبدالرحيم:
منذ السابع من أكتوبر 2023، وعلى مدار عام كامل، سعت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إيجاد حلول لإنهاء الحرب بين حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وإسرائيل، الحليف الأساسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط لكن دون فائدة، وذلك نتيجة تعنت رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بالتوصل إلى اتفاق.
الأمر الذي أدى في النهاية إلى تصاعد حدة الصراع وتوسع نطاقه إلى خارج حدود فلسطين المحتلة، ليشمل “حزب الله” في لبنان، ثم إيران التي أصبحت طرفًا محوريًا في هذا النزاع.
ومنذ بداية الحرب في قطاع غزة، حاولت الولايات المتحدة تقديم حلول مقبولة لجميع الأطراف، منها 31 مايو الماضي، عندما قدم بايدن مقترحًا لإسرائيل و”حماس” لوقف إطلاق النار والتوصل إلى صفقة تبادل أسرى بين الطرفين، لكن إسرائيل رفضت المقترح، على الرغم من موافقتها المبدئية عليه، معتبرة فيما بعد أن الصفقة “غير مناسبة”.
وأظهر رفض الاحتلال ضعف تأثير بايدن في الضغط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، رغم أن واشنطن تعد أكبر مورد للأسلحة لإسرائيل ودرعها الدبلوماسي في الأمم المتحدة.
يقول عضو الحزب الديمقراطي والمحلل السياسي، مهدي عفيفي، إن “للإدارة الأمريكية الحالية نهجًا خاصًا في التعامل مع أزمات الشرق الأوسط، خاصة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل؛ والسبب في ذلك هو النفوذ الكبير الذي يتمتع به اللوبي الصهيوني داخل الولايات المتحدة، والذي بدأ منذ أكثر من 76 عامًا، أي قبل تأسيس الكيان الصهيوني نفسه، حيث استطاعت تل أبيب التأثير في مفاصل الإدارة الأمريكية والكونجرس”.
يضيف عفيفي خلال حديثه لـ”مصراوي”: “في الوقت الذي يرتكب فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي جرائم حرب وإبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني، يتم استقباله في الكونجرس الأمريكي بحفاوة غير مسبوقة، بشكل يفوق حتى الاستقبال الذي يحظى به القادة الأمريكيون أنفسهم”.
ويشير عفيفي إلى أن “جزءًا كبيرًا من فشل المفاوضات بين إسرائيل و”حماس” تتحمل مسؤوليته الولايات المتحدة، التي تقدم دعمًا غير مشروط للاحتلال الإسرائيلي، من خلال المال والأسلحة والمعلومات الاستخباراتية، موضحًا أن الحل الوحيد الذي قد ينهي الحرب هو وقف تصدير الأسلحة إلى تل أبيب، وهو أمر لن يحدث أبداً.
“بالتأكيد، لدى بايدن القدرة على الضغط على إسرائيل للتوصل إلى اتفاق مع حماس ينهي الحرب”، يقول عفيفي، يرى من وجهة نظرة أن المسألة تتعلق بالنية وليس القدرة، فالإدارة الأمريكية الحالية ليس لديها نية لوقف إطلاق النار.
ويرى عضو الحزب الديمقراطي والمحلل السياسي، أن التصريحات الإعلامية التي تدعي رغبة الرئيس الأمريكي جو بايدن في إحلال السلام في المنطقة وإنهاء حرب غزة ومنع التصعيد مع “حزب الله” في لبنان، ليس سوى “استهلاك إعلامي، مشيرا إلى أن جميع الإدارات الأمريكية تعمل بجد لمساعدة الاحتلال الإسرائيلي في تحقيق حلمه والقضاء على أي مقاومة.
وتابع المحلل، أن تصريحات المرشح الرئاسي الأمريكي دونالد ترامب، التي أدلى بها في أغسطس الماضي، عندما قال: “إن مساحة إسرائيل تبدو صغيرة على الخارطة، ولطالما فكرت كيف يمكن توسيعها”، مما يعكس الدعم الأمريكي المستمر للاحتلال الإسرائيلي.
ويؤكد عفيفي أن “لا شيء يمكن أن يؤثر على علاقة الولايات المتحدة بإسرائيل، وما يجب فهمه هو أن العلاقات بين واشنطن وتل أبيب ليست مجرد صداقة وطيدة، بل هي علاقة جزء من كل. إنها علاقة أب بابنه، الذي يتعهد بحمايته والدفاع عنه تحت أي ظروف، وأن أمن إسرائيل يأتي قبل أمن الولايات المتحدة نفسها”، وذلك وفقاً لتعبيره خلال مكالمة هاتفية مع موقع “مصراوي”.
وأضاف عفيفي أن “المشهد الحالي يؤكد عدم نجاح إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في التعامل مع أزمات الشرق الأوسط المتصاعدة، وكانت قمة في التحيز لإسرائيل على كافة المستويات ولم تحاول بإيجابية وأمانة في حل المشكلات والتوصل لحلول، واتسمت بعدم المصداقية”.
وعن إمكانية اتخاذ إسرائيل قرارات مهمة بدون علم الولايات المتحدة، على سبيل المثال مثل اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية في 31 يوليو الماضي، كما صرح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أكد عضو الحزب الديمقراطي أنه من غير الممكن، حيث أن واشنطن هي التي تمد الاحتلال بالمعلومات الاستخباراتية لتحديد أماكن القادة”، لافتًا إلى أن “الاختلاف يكون في تحديد المدة الزمنية لتنفيذ المهمة فقط وليس في المهمة نفسها”.
من جانبه يقول طارق فهمي أستاذ العلاقات الدولية وخبير دراسات الأمن القومي والشؤون الإسرائيلية، إن سياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن في الشرق الأوسط تعكس تناقضات وصراعات، فهي تدعم الاحتلال وفي الوقت نفسه تدعو إلى الحفاظ على حياة المدنيين.
وتابع فهمي في تصريح لموقع “مصراوي”، تزامنًا مع ذكرى عملية طوفان الأقصى التي شنتها حركة حماس في السابع من أكتوبر العام الماضي على إسرائيل، أن الإدارة الأمريكية تتحدث في الخطابات الإعلامية والسياسية المعلنة ولكنها لا تتخذ تدابير فعالة، مشيرا إلى أن هذا كان واضحًا في الوساطة الأمريكية خلال حرب غزة، وكذلك الآن في لبنان، حيث طرحت الولايات المتحدة مبادرة الـ21 يومًا وتطبيق قرار مجلس الأمن رقم (1701)، ولكن دون أن تمتلك الإرادة للضغط على إسرائيل للاستجابة.
ويعتبر فهمي في تقييمه لسياسة بايدن، أنها سياسة فاشلة لم تحقق الاستقرار في المنطقة، حيث أدارت الأزمة لصالح إسرائيل، سواء في غزة من خلال تواطؤها مع الأحداث أو عبر التحدث عن إمكانية التوصل إلى حلول وعدم استهداف المدنيين، مع وضع شروط لاستخدام الأسلحة.
وأوضح فهمي أنه مع اقتراب نهاية ولاية الرئيس الأمريكي جو بايدن، هناك عدة نقاط تتعلق بهذه الإدارة، منها أن هذه الإدارة لم تقدم رؤية منذ البداية لعملية التسوية واستقرار المنطقة، على عكس الإدارات الأمريكية السابقة.
وتابع أن إدارة بايدن تواطأت مع إسرائيل في قطاع غزة، وفرضت استراتيجية الأمر الواقع، حيث كانت شريكة في ما حدث من خلال الدعم العسكري والاستراتيجية المعتمدة، موضحا أن هناك تناقض في السياسة الأمريكية، والدليل على ذلك اعتبار إدارة بايدن الحوثيين جماعة غير إرهابية، وإدراجهم ضمن الجماعات المسلحة الإرهابية.
وفي السياق ذاته، لم يختلف رأي البروفيسور جابرييل سوما، أستاذ القانون الدولي والعضو في مجلس مستشاري الرئيس السابق والمرشح الرئاسي دونالد ترامب، عن الآراء السابقة التي انتقدت سياسة بايدن، حيث قال: “ما يحدث في الشرق الأوسط، بما في ذلك لبنان، يمثل فشلاً في سياسة الرئيس جو بايدن في المنطقة”.
وأضاف سوما خلال حديثه لـ”مصراوي”، أن “نهج بايدن تجاه الأزمة في الشرق الأوسط يظهر عدم قدرته على الانخراط في حوار لتجنب الفوضى الحالية.
والحرب في غزة تعد شاهدة على فشله في حل المشكلة، مما أدى إلى دمار غزة واستشهاد حوالي 44 ألف شخص وإصابة نحو 92 ألف شخص”.
وفيما يتعلق بإنهاء الحرب في غزة والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، قال سوما: “لا أعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية يمكنها التفاوض مع حماس”.
يقول البروفيسور جابرييل سوما إن عدم تمكن إدارة بايدن من فرض ضغط كافٍ على إسرائيل لوقف الحرب والتوصل إلى اتفاق مع حماس، خاصة مع استمرار الحرب لمدة عام كامل، هو عدم وجود قيادة لديها الجرأة للانخراط في المفاوضات لحل المشاكل العالمية، بما في ذلك مشاكل الشرق الأوسط.
وفيما يتعلق بتراجع شعبية بايدن وانسحابه المحتمل من الانتخابات الرئاسية لعام 2024 وعلاقته بحرب غزة، قال سوما إن “السياسة الخارجية في الولايات المتحدة لا تتجاوز 8%، وما يحدد نتائج الانتخابات هو الاقتصاد المحلي للأمريكيين”.
وأضاف: “اليوم، الاقتصاد ليس جيدًا، والسؤال يصبح: هل أنت في وضع أفضل الآن مما كنت عليه قبل 4 سنوات؟ الجواب هو لا. بايدن لم ينسحب من إعادة انتخابه، بل أجبرته النخب الديمقراطية على الانسحاب وعينت نائبته كامالا هاريس للترشح”.
ويرى سوما، وهو عضو مجلس مستشاري المرشح الرئاسي دونالد ترامب، أن سياسة إدارة بايدن تجاه الأزمات الحالية تختلف عن تلك التي كانت في الإدارات الأمريكية السابقة، وخاصة إدارة ترامب. مشيرًا إلى أنه “في عهد ترامب، لم تكن أوكرانيا قضية، ولم يكن هناك أزمة في الشرق الأوسط، وكانت علاقات الولايات المتحدة مع بوتين جيدة، وكذلك مع الصين، وكانت لديها علاقات جيدة مع زعيم كوريا الشمالية”.
وتابع: “اليوم، نرى فوضى في أوروبا، وفي الشرق الأوسط، وأزمة في بحر الصين الجنوبي”، مؤكدًا أن المرشح الرئاسي دونالد ترامب لديه خطة ورؤية للتعامل مع الأزمات الحالية في الشرق الأوسط، ورغم أنه قد لا يحل جميع المشاكل في المنطقة، إلا أنه سيعيد إليها الاستقرار.
إقرأ أيضا:
عام على طوفان الأقصى.. حروب الساحات بلا انتصار – ملف