جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
سليمان جودة
ما أقدمت عليه اسرائيل مع أنطونيو جوتيريش، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، عادت وكررته بطريقة مختلفة مع جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوربي، وفي الحالتين كانت تضرب بكل الأعراف السياسية الدولية عرض الحائط.
فلقد جاء وقت على الأمين العام أعلن فيه أن بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة التطرف في تل أبيب، يرفض الرد على مكالماته الهاتفية منذ بدء حرب إسرائيل على قطاع غزة في السابع من أكتوبر من السنة الماضية .
أعلن جوتيريش هذا قبل أيام، ومن الواضح أنه تجنب الإشارة إلى الموضوع منذ بدء الحرب، لعل نتنياهو يدرك أن ما يفعله لا يصح ولا يجوز، وأن عدم رده على الأمين العام للمنظمة الأم في العالم أمر غير مسبوق.
ولأن رئيس حكومة التطرف قد مضى في غيه لا يبالي، ولأن استهانته بكل الأعراف قد بلغت حدوداً غير محتملة، فإن الأمين العام لم يجد مفراً من إعلان ذلك على العالم، ولسان حاله يقول أن الدولة العبرية تضع نفسها فوق القانون الدولي، وأن رئيس حكومتها لا يكتفي بأن يواصل الإبادة الجماعية في حق الفلسطينيين في غزة، ولكنه يصم أذنيه عن كل نداء، ويغمض عينيه عن كل ما يدعوه الى وقف جرائمه في القطاع .
ولم يكن عدم رده على الأمين العام نابعاً من فراغ، ولكنه كان نوعاً من الغضب على جوتيريش الذي لم يدع مناسبة تمر منذ بدء الحرب، إلا وانتصر فيها للفلسطينيين سواء بمواقفه المعلنة في مقر المنظمة في نيويورك، أو بنداءاته للعالم من عند معبر رفح الذي زاره أكثر من مرة ووقف على بابه يكشف ما تمارسه تل أبيب .
وعندما صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة على إنهاء الاحتلال بأغلبية ١٢٤ صوتاً في منتصف سبتمبر، فإن جوتيريش ضم صوته الى الأصوات المؤيدة لإنهاء الاحتلال، وأضاف أنه من موقعه كأمين عام مصمم على تنفيذ نتيجة التصويت .
قال ذلك على الملأ وأعلنه بشجاعة، فأضاف الى سجل مواقفه المسئولة موقفاً جديداً بحروف من نور حقاً .
أما بوريل فلقد كان في زيارة الى المنطقة، وكان جدول زيارته المعلن أنه سيزور إسرائيل فيما سيزور من دول المنطقة، ولكن المفاجأة كانت أن وزير خارجية الدولة العبرية أعلن أن إسرائيل ليست مستعدة لاستقبال الرجل !
وقد عاد مسئول السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد إلى بروكسل حيث مقر الاتحاد وهو يأسى على الموقف الإسرائيلي المتعنت، ولم يكن جوزيب قد فعل شيئاً سوى أنه شارك في لقاء أوربي عربي مصغر في مدريد عن الحرب في غزة، وعن ضرورة وقفها، وعن أهمية أن تكون الاجتماعات السنوية للأمم المتحدة في آخر سبتمبر طريقاً الى ذلك .
كيف يمكن أن يتعايش العالم مع دولة هذه هي مواقفها أو هذا هو سلوكها؟ الحقيقة أن الذنب ليس ذنبها بقدر ما هو ذنب الولايات المتحدة التي أسرفت في تدليلها فوصلت بها الى هذا المدى المدمر للأمن في المنطقة وفي العالم .