03:34 م
الخميس 15 فبراير 2024
كتب- محمود الطوخي
وسط حالة السخط التي تعيشها الدول الأعضاء بحلف شمال الأطلسي “الناتو”، في أعقاب تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، يترقب القادة الأوروبيون مصير الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل، والتي تشير استطلاعات إلى تزايد حظوظ المرشح الجمهوري بحسمها أمام نظيره الديمقراطي جو بايدن، فما هي احتمالات تنفيذ ترامب لخططه؟.
في تجمع انتخابي بولاية كارولينا الجنوبية، السبت الماضي، قال ترامب إنه في حال عودته إلى البيت الأبيض في انتخابات نوفمبر المقبل، فإن واشنطن لن تكون مضطرة إلى الدفاع عن الدول الأعضاء في الناتو التي تتخلف عن سداد التزاماتها المالية للحلف.
وذكر ترامب، “وقف رئيس لدولة كبيرة وقال (حسنا يا سيدي، إذا لم ندفع وتعرضنا لهجوم من روسيا، هل ستحموننا)، فقلت: لم تدفع إذا أنت متأخر في السداد، لا، لن أحميك، بل سأشجعهم على القيام بما يريدون، عليك أن تدفع، عليك أن تسدد فواتيرك”.
وبالرغم من استنكار الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن لتصريحات ترامب ووصفها بأنها “خطيرة وغير أمريكية ومخزية وغبية”، إلا أنها أثارت حالة من الغضب والقلق بين أعضاء الحلف العسكري.
لم تكن هذه المرة الأولى التي يوجه فيها ترامب انتقادات لحلفائه الأوروبيين في الناتو؛ إذ سبق وطالبهم خلال فترته الرئاسية ما بين 2021:2017 بزيادة النفقات الدفاعية، إلا أنها لم تلقى اهتماما كبيرا من قبل بعض الأعضاء.
ومع بدء الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير من العام 2022، تنبّهت بعض الدول في الحلف إلى ضرورة زيادة مخصصاتها الدفاعية إلى 2% من ناتجها المحلي كحد أدنى.
سابقة ترامب مع ألمانيا
في يوليو عام 2020، أصدر الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب مرسوما بسحب نسبة كبيرة من الجنود الأمريكيين من ألمانيا؛ متذرعا بأن برلين أخفقت في بلوغ الحد الأدنى من الإنفاق الدفاعي الذي حدده حلف الناتو.
وأشارت التقديرات حينها إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” سحبت مالا يقل عن 12 ألف جندي أمريكي، ما يقارب 25% من القوات الأمريكية بألمانيا، من ألمانيا ضمن خطوة وصفتها بـ “إعادة انتشار استراتيجي” لقواتها في أوروبا، موضحة أن من بينهم 6400 جندي سيعودون إلى الولايات المتحدة.
وعلل ترامب حينها قراره بأن: “لن نكون المغفلين بعد الآن، الأمر بسيط للغاية.. نخفض قواتنا لأنهم لا يدفعون مستحقاتهم”، في إشارة إلى ألمانيا، غير أن القرار لقي معارضة واسعة من الكونجرس الأمريكي؛ إذ رأى فيه البعض تشجيعا لروسيا.
ضعف الجيوش الأوروبية
ومنذ تدشين حلف الناتو في أعقاب الحرب العالمية الثانية، اعتمدت الجيوش الأوروبية بشكل لافت على القدرات الأمريكية في تأمين عواصمها من أية عدائيات محتملة، استنادا إلى المادة الخامس من مواثيق الحلف والتي تتعلق بالدفاع المشترك، إذ تعتبر الهجوم على أحد أعضاء الناتو هجوم على جميع الأعضاء، والتي يتم تفعيلها سوى مرة واحدة عقب هجمات 11 سبتمبر في أمريكا.
ونتيجة لذلك أشارت تقارير عسكرية أوروبية إلى أن الاعتماد بشكل شبه كامل على القوات الأمريكية في أوروبا، أضعف قدرات أقوى الجيوش في القارة العجوز.
وهو ما أظهره تقرير رسمي بريطاني، حذر فيه الجيش من التورط في حروب كبرى، وفق صحيفة “دايلي ميل” البريطانية.
وأكد التقرير الذي أصدرته لجنة الدفاع بمجلس العموم البريطاني، مطلع فبراير الجاري، أن الجيش البريطاني هو الأضعف من بين جيوش المملكة المتحدة بسبب “أوجه القصور الكبير في القدرة”، نتيجة النقص في المركبات والدبابات والذخيرة.
وتزامن تحذير اللجنة الدفاعية مع تصريحات قائد الجيش، بأن القوات الملكية قد تضطر إلى تجنيد العامة في حال انخراطها في حرب؛ بسبب صغر حجم القوات النظامية.
وفي فبراير عام 2023 أبدت الولايات المتحدة استياءها من “حالة الضعف التي وصل لها الجيش البريطاني”؛ إذ أكد مسؤول كبير في البنتاجون لوزير الدفاع البريطاني حينها بين والاس، أن واشنطن لا تتعامل مع الجيش الملكي كواحد من بين أقوى الجيوش في العالم.
قبل أن يصرّح قائد عسكري بريطاني سابق، بأن جيش بلاده غير قادر على حمايتها إذا انخرطت المملكة المتحدة في حرب شاملة، على الرغم من كونها صاحبة أعلى إنفاق دفاعي في أوروبا والثانية في الحلف الأطلسي خلف الولايات المتحدة.
ونتيجة لإجراءات المرشح الرئاسي الجمهوري السابقة مع ألمانيا واتهاماته للأوروبيين باستغلال القوات الأمريكية والتي تبدو واضحة في تراجع قدرات أقوى جيوشها، فإن ترامب قد لا يتردد في تنفيذ وعيده بمغادرة الحلف العسكري الأكبر عالميا.