01:30 م
الثلاثاء 29 أغسطس 2023
كتب- محمد غايات:
شارك أسامة الجوهري، مساعد رئيس مجلس الوزراء، رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، كمتحدث رئيسي في الجلسة الافتتاحية ضمن فعاليات النسخة الأولى من المُنتدى الذي يقيمه المركز الصيني (المعرفة الدولية حول التنمية CIKD)، تحت عنوان “المعرفة حول التنمية الصينية الإفريقية”، المنعقد خلال الفترة من 29 إلى 30 أغسطس الجاري، بالعاصمة الصينية بكين.
جاء ذلك بحضور العديد من القادة والمسؤولين الحكوميين من دولة الصين، وعدد من الدول الإفريقية، وكذا المتخصصين في مجال التنمية، ومراكز الفكر، والمنظمات الإقليمية والدولية؛ بهدف استعراض الخبرات الدولية في هذا المجال.
واستهل الجوهري كلمته بتوجيه الشكر إلى لو هاو، رئيس مركز المعرفة الدولية للتنمية CIKD، وإلى السفارة الصينية، مشيرًا إلى أن هذه النسخة من المؤتمر تتزامن مع الذكرى العاشرة لإطلاق مُبادرة الحزام والطريق الصينية، والذكرى الستين لتأسيس منظمة الوحدة الإفريقية، وتأتي في إطار الجهود المبذولة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة لعام 2030، لافتاً إلى أنه من الضروري الاستمرار في تنظيم هذه المؤتمرات لمناقشة القضايا الحاسمة التي تؤثر على الاقتصاد العالمي، والاقتصاد الإفريقي على وجه الخصوص، كقضية تغير المناخ والتوترات الأمنية، وغيرهما.
وأكد رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء أن أهمية المؤتمر تتمثل أيضاً في أنه يلقي الضوء على ركائز التعاون الصيني- الإفريقي، لا سيما أنه يأتي في وقت تَشهد فيه القارة الإفريقية ظروفاً ومتغيرّات سياسية واقتصادية واجتماعية مُتسارعة، تفرضُ مزيدًا من التحديات والأعباء التي تؤثر سلبًا على الجهود التي تبذلها الحكومات الإفريقية لتحقيق التنمية، خصوصًا مع حالة عدم اليقين والتداعيات غير المسبوقة والمستمرة للأزمة الروسية- الأوكرانية وجائحة كوفيد- 19، مشيراً إلى ما أبرزته تلك التداعيات من تحديات أهمها التعامل مع الضغوط التضخمية المرتفعة، بسبب استمرار ارتفاع أسعار السلع الأساسية العالمية، واستمرار تعطل سلاسل التوريد العالمية، وضعف العملات المحلية مقابل الدولار الأمريكي في معظم البلدان، ومشكلة الديون المتفاقمة والمكافحة من أجل سد الفجوات التمويلية وتفاقم المخاطر التشغيلية لـ16 دولة من أصل 51 دولة إفريقية.
وأوضح رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار أن مواجهة تلك التحديات تتطلب التعاون بين دول القارة وكذلك التعاون مع الشركاء والحلفاء الاستراتيجيين، مؤكداً أنه لهذا السبب أصبح من المهم للغاية لقارتنا أن تُركز بشكل أكبر على بناء الأسواق الإقليمية بما يضمن الوصول إلى التكامل الإقليمي؛ حيث يتعين البناء على ما تم بشأن منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية والتي ستظل إحدى بواباتنا الرئيسية للتخلص من الضغوط الاقتصادية الحالية.
وألقى الجوهري الضوء على عُمق العلاقات الصينية- الإفريقية، مستدلاً على ذلك ببعض الأرقام الواردة بعدد من التقارير والمؤشرات الدولية التي تعكس حجم التبادل التجاري بين الصين والقارة الإفريقية، مشيراً إلى أن الصين أكبر شريك تجاري لإفريقيا، مؤكداً أن بنوك التنمية الصينية قدمت 23 مليار دولار للبنية التحتية الإفريقية، مقارنةً بـ9.1 مليار دولار من جميع بنوك التنمية الأخرى، وتتعاون الصين أيضًا في بناء البنية التحتية الرقمية التي تعتبر بالغة الأهمية للمنصات التي يمكن للأفارقة التواصل من خلالها.
وأشار رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء إلى أن الصين من بين الشركاء الأربعة الأوائل مع إفريقيا، وفقاً لما ذكره أحدث تقرير لشركة ماكينزي الاستشارية.
وأكد الجوهري أن القارة الإفريقية تظل سوقاً واعدة للاستثمار، بما تمتلكه من موارد طبيعية، وقوى بشرية شابة، وحجم طلب لتوفير المرافق والبنية التحتية اللازمة للنمو، مشيرًا إلى أن هناك توقعات دولية بأن تسجل الاستثمارات في مجال البنية التحتية نحو ٣٠٠ مليار دولار بحلول عام ٢٠٤٠، موضحاً أن التعاون الصيني- الإفريقي مبني على المنفعة المتبادلة والتنمية المشتركة؛ لا سيما أن العلاقات السياسية والعسكرية والاقتصادية أصبحت أوثق مع كل دول القارة.
وأوضح رئيس المركز أن العلاقات المصرية- الصينية لها تاريخ طويل؛ فمصر من أولى الدول التي اعترفت بجمهورية الصين في عام 1956، والتواصل بين القيادتين المصرية والصينية مستمر في مختلف المجالات، حيث تعدُ الصين الآن واحدة من أكبر المستثمرين في مصر؛ إذ تعمل حاليًّا 140 شركة صينية داخل مصر ضمن العديد من المشروعات الاستراتيجية والمهمة، مثل منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة التي تضم البرج الأيقوني، ومشروع سكة حديد العاشر من رمضان، ومشروع أبراج العلمين الجديدة، ومركز تجميع وتكامل واختبار الأقمار الصناعية (AITC) الذي أكمل عمليات التجميع والاختبار للأقمار الصناعية مصر سات 2 وغيرها.
وأشار الجوهري إلى أنه لا شك أن هذه العلاقات الوطيدة كانت عاملاً رئيسياً في دعوة مجموعة بريكس لمصر للانضمام لها والتي من شأنها فتح فرص واسعة لمصر تتعلق بزيادة التجارة والاستثمار في العديد من المشروعات؛ خصوصًا في مجال الرقمنة والتنمية الزراعية والبنية التحتية والاقتصاد الأخضر، وستسمح هذه الخطوة لمصر بالاستفادة بشكل أفضل من خبرات الدول الأعضاء بها في مجالات التنمية والتصنيع والنمو الاقتصادي، بما يتيح لمصر إمكانية الوصول إلى سوق مشتركة واسعة لترويج وبيع السلع والمنتجات المصرية، مضيفاً أن الانضمام إلى البريكس سيعزز من الأمن الغذائي المصري؛ خصوصًا في ما يتعلق بالحبوب وزيوت البذور، فضلًا عن حل تحديات الميزان التجاري من خلال التوسع في المعاملات التجارية خالية من الدولار من خلال اتفاقيات ثنائية مع روسيا والصين والهند؛ وهي خطوة قد تساعد في تعزيز إدراج الجنيه المصري في المعاملات المالية الدولية مع دول البريكس.
وأكد الجوهري أن تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة يتطلب مسيرة طويلة من التنسيق والتعاون الإقليمي والدولي تَتكامل خلاله الرؤى، مؤكداً ضرورة البناء على مخرجات هذه النسخة واستدامة تنظيم هذه المؤتمرات التي تُمثل منصة حوارية ونقاشية لأبرز التحديات الراهنة؛ خصوصًا أن هذا المنتدى فرصة لتعزيز العمل التشاركي وتبادل الخبرات بين مؤسسات الفكر والرأي الإفريقية والصينية، إيمانًا بأن التحديات العالمية التي نواجهها اليوم تتطلبُ تعاوناً دولياً فعّالاً وشاملاً، كما أوصى بدراسة إمكانية إعداد مشروع بحثي استراتيجي مشترك مع مركز الفكر الحكومي الصيني حول سبل تعظيم الاستفادة المشتركة من دعوة مصر للانضمام إلى “بريكس”.