03:29 م
الثلاثاء 05 ديسمبر 2023
كتب- محمد صفوت:
مع اندلاع الحرب في غزة، وسط توترات حدودية بين إسرائيل وحزب الله، كان ينظر إلى الحرب بأنها تنذر باندلاع صراع مباشر بين إيران وإسرائيل.
نشرت “فورين بوليسي” مقالاً للكاتب أراش رايزينجاد الباحث في مركز الشرق الأوسط بكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، يعدد فيه الأسباب التي تمنع إيران من الدخول في صراع مباشر مع إسرائيل.
يستهل الكاتب مقاله برسالة كتبها متشددون إيرانيون إلى المرشد الأعلى الإيراني يطالبونه بالدخول مباشرة في الصراع الدائر في غزة.
يرى الكاتب أن رغم محاولة المتشددين في إيران وغيرهم، لجر طهران لصراع مباشر مع تل أبيب، بعيد المنال.
ويوضح أن التفكير الاستراتيجي الإيراني أكثر حذرًا من الانجرار لحرب إقليمية، مشيرًا إلى أن هناك 7 أسباب على الأقل تدفع إيران لتجنب بدء حرب مع إسرائيل نيابة عن حماس.
الانقسام الداخلي والدعم الشعبي المنخفض
يسرد الكاتب أسباب عدم انخراط إيران في الصراع، يقول إن أولها أن الحكومة الإيرانية لا تستطيع حشد المجتمع للانخراط في حرب جديدة كما فعلت آبان الحرب العراقية في ثمانينيات القرن الماضي.
ويوضح أن الدعم الشعبي للحكومة الإيرانية منخفض مقارنة بفترة حرب العراق، مشيرًا إلى الاحتجاجات التي اندلعت العام الماضي بالإضافة للأزمة الاقتصادية بسبب العقوبات الأمريكية، وصولاً إلى السخط بين الشباب والطبقة المتوسطة.
يرى الكاتب، أن السبب الثاني هو الانقسام الذي تشهده الحكومة الإيرانية بين متشددين مؤيدون للحرب، ومعتدلون يحذرون من الانجرار للصراع.
يتبنى المتشددون الإيرانيون، نظرية أن تدمير حماس سيلاحقه تدمير لحزب الله ومن ثم الدخول في حرب مباشرة مع بلادهم، ولذلك يدعمون استهداف القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة.
على الناحية الأخرى، يرى المعتدلون أنه إذا اتخذت بلادهم موقفًا متطرفًا بشأن غزة فإنه ستنجر إلى حرب مع الولايات المتحدة وهو ما سترحب به إسرائيل.
يشير الكاتب إلى أن هذا الرأي يتبناه وزير الخارجية الإيرانية السابق جواد ظريف، الذي حذر مرارًا وتكرارًا من الانجرار لمواجهة مع إسرائيل، وعلى الرغم من تهميشه من قبل حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، لا يزال ظريف يتمتع بنفوذ كبير بين النخب السياسية في الجمهورية الإسلامية وحتى مجتمعها.
فشل إسرائيل في حرب غزة لا يغير استراتيجية إيران
يرى الكاتب، أن الفشل الواضح لإسرائيل في غزة لا يغير حسابات طهران الاستراتيجية تجاه إسرائيل.
ويوضح أنه رغم التكنولوجيا الهائلة التي تمتلكها إسرائيل، فقد وجهت حماس ضربة عسكرية واستخباراتية كبيرة ضدها، وبالتالي حطمت سياسة الردع التي تنتهجها.
ويضيف: “هذا لا يغير وجهة نظر إيران بشأن إسرائيل أو ديناميكيات القوة في المنطق”.
حماس وحزب الله
يواصل الكاتب قائلاً: “لا حماس ولا حزب الله يشكلان وكيلاً لإيران؛ والأدق اعتبارهم حلفاء إيران من غير الدول”، فلا توجد علاقة من أعلى إلى أسفل بين طهران وحماس.
يوضح ذلك بالإشارة إلى الحرب الأهلية السورية، حيث رفضت حماس دعم إيران للرئيس السوري بشار الأسد، ووفقًا للتقييمات الاستخباراتية الحالية فلم تكن طهران على علم بهجمات السابع من أكتوبر.
وفي منتصف نوفمبر الماضي، زعمت وكالة رويترز أن المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي أبلغ إسماعيل هنية، زعيم حماس، أنه بما أن الحكومة الإيرانية لم تتلق أي تحذير بشأن الهجوم على إسرائيل، فإنها لن تدخل الحرب على الحركة الفلسطينية. نيابةً عن الحركة.
موسكو وبكين حلفاء إيران
الشركاء الاستراتيجيون لإيران هم أحد أهم الأسباب وراء عدم انجرار طهران إلى الصراع حتى اللحظة، فلم تعلن روسيا والصين عن دعم حماس بعد.
سعت إيران إلى التحالف مع بكين وموسكو، في إطار سياستها الخاصة بالنظر إلى الشرق الأوسط، ولن ترغب في إفساد علاقاتها مع هاتين الدولتين.
وفي الواقع، تتبع طهران سياسة مماثلة في غزة لتلك التي تبنتها بعد ملاحظة نهج الانتظار والترقب الصيني الروسي عند استيلاء طالبان على كابول قبل عامين. إن هدف إيران هو تجنب العزلة في الأزمات الدولية الكبرى.
قطع العلاقات العربية مع إسرائيل
أحد الأسباب التي ذكرها تحليل “فورين بوليسي” أن و إيران تعتقد أن دولاً عربيةً ربما ترحب باندلاع حرب بين طهران وتل أبيب، وفي نفس الوقت ترغب إيران في قطع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، ما يدفعها إلى الابتعاد عن الصراع المباشر مع تل أبيب.
وجهة نظر خامنئي
ترى “فورين بوليسي” أن السبب الأكثر أهمية وما يؤثر حقيقي على القرار الإيراني، هو وجهة نظر خامنئي.
وتقول، إنه خلافاً لوجهة النظر السائدة في الغرب، فإن المرشد الأعلى في إيران يتعامل مع الصراعات الإقليمية من وجهة نظر واقعية وليس من وجهة نظر إيديولوجية.
وتوضح أنه بعدما شغل منصب رئيس الجمهورية الإسلامية خلال الحرب المدمرة مع العراق، فإنه يدرك تمامًا عواقب الحرب، خاصة مع الولايات المتحدة.
تشير “فورين بوليسي” إلى أن هذا الوعي دفع إيران لاختيار رد مدروس نسيبًا للرد على اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني.
تختتم الصحيفة تحليلها بالقول، إنه رغم تفسر هذه الأسباب الـ 7 المترابطة إحجام الجمهورية الإسلامية عن التورط في الحرب نيابة عن حماس. إلا أن الحرب في غزة قد تؤدي إلى تسريع وتيرة البرنامج النووي الإيراني.
ومن المرجح أن تستمر طهران في ممارسة الضغط على كل من إسرائيل والولايات المتحدة من خلال حزب الله ووكلائها في العراق وسوريا دون تصعيد الصراع إلى حرب إقليمية واسعة النطاق.