12:21 ص
الأحد 17 سبتمبر 2023
(دويتشه فيله)
حذرت منظمات إغاثية من خطر انتشار الأمراض في درنة بسبب جثث ضحايا الفيضانات التي ضربت المدينة في الوقت الذي تتضارب فيه الأرقام حول العدد الحقيقي للضحايا. يأتي ذلك فيما بدأت المساعدات الدولية تتدفق على ليبيا.
حذرت منظمات إغاثة من تزايد خطر انتشار الأمراض بعد الفيضانات الكارثية في شرق ليبيا. وأعلنت منظمة الإغاثة الإسلامية السبت أن “أزمة إنسانية ثانية” على وشك حدوث في مدينة درنة المتضررة من الفيضانات، مشيرةً إلى “تزايد خطر انتشار الأمراض المنتقلة عبر المياه ونقص الطعام والأدوية والمأوى”.
وقال صلاح أبو القاسم من منظمة الإغاثة الإسلامية: “الآلاف من الأشخاص ليس لديهم مأوى للنوم وليس لديهم طعام”. وأضاف: “في مثل هذه الظروف، يمكن أن تنتشر الأمراض بسرعة نظرًا لتلوث أنظمة المياه، المدينة تشم رائحة الموت”.
في هذه الأثناء، أعلنت منظمة أطباء بلا حدود أنها نقلت فرقًا إلى شرق البلاد لفحص إمدادات المياه والصرف الصحي هناك. وقالت منسقة الرعاية الطبية مانويل كارتون: “في مثل هذا النوع من الأحداث، يساورنا القلق الشديد بشأن الأمراض المرتبطة بالمياه”. ووصفت الوضع في مدينة درنة بأنه “فوضوي”. وشددت على أن “أعداداً كبيرة من المتطوعين وصلوا من جميع أنحاء ليبيا والخارج، وينبغي إعطاء الأولوية لتنسيق المساعدات”.
لكن منظمة الصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية أعلنتا أن جثث ضحايا الكوارث الطبيعية لا تشكل خطرًا على الصحة على عكس الاعتقاد السائد.
وجرف السيل عددًا كبيرًا من الضحايا نحو البحر الأبيض المتوسط الذي لفظ عشرات الجثث التي بدأت بالتحلل. وتحدثت المنظمة الدولية للهجرة عن نزوح أكثر من 38 ألف شخص في الشرق الليبي بينهم 30 ألفا من درنة.
تضارب في الأرقام
وضربت عاصفة قوية شرق ليبيا يوم الأحد الماضي وأدت إلى فيضانات عارمة، وتعرضت مدينة درنة على الساحل لأضرار جسيمة بسبب انهيار سدّين. وحتى الآن، هناك تقديرات متباينة بشأن أعداد القتلى، حيث أكد ممثل عن السلطات محلية وجود ما لا يقل عن 3940 قتيلاً.
لكن وزير الصحة في حكومة شرق ليبيا عثمان عبد الجليل، أعلن ليل الجمعة السبت تسجيل 3166 قتيلًا. وإزاء تضارب الأرقام الصادرة حول عدد القتلى، أكد أن وحدها وزارته مخوّلة وضع حصيلة وأنها ستحدّثها وستعلنها يوميا قرابة الساعة 15,00 ت غ.
من جهتها، أعلنت منظمة الصحة العالمية في بيان السبت العثور على جثث 3958 شخصاً والتعرف على هوياتهم، وقالت إن “أكثر من تسعة آلاف شخص في عداد المفقودين”، من دون أن تحدد مصدر هذه الأرقام.
العثور على المزيد من الجثث
قالت إدارة الحماية المدنية في مالطا اليوم إن فريق إنقاذ تابعا لها عثر أمس على مئات الجثث على شاطئ مدينة درنة الليبية المنكوبة بالفيضانات. وذكر ناتالينو بيزينا الذي يقود الفريق المالطي لصحيفة تايمز أوف مالطا أنه “كان هناك على الأرجح نحو 400 (جثة)، لكن من الصعب التحديد”.
ونشرت مالطا فريقا يضم 72 منقذاً من الجيش وإدارة الحماية المدنية يوم الأربعاء.
واكتشف فريق مكون من أربعة أشخاص الجثث، بعدما عثر أولاً على سبع جثث، بينها جثث ثلاثة أطفال، داخل كهف بجانب البحر. ويعتقد أن الفيضانات العارمة جرفت جثث الضحايا إلى البحر بعد أن تسببت الأمطار الغزيرة الناجمة عن العاصفة دانيال في انهيار سدين، لتجرف المياه ربع المدينة الساحلية.
وقال بيزينا لوسائل الإعلام المالطية إن فريقاً صغيراً من إدارة الحماية المدنية صادف الكهف الذي كان نصفه مغموراً بالمياه وعثر على الجثث بداخله. وبينما واصل الفريق البحث، انضمت إليه قوارب ليبية تبحث أيضاً عن الضحايا والناجين، ثم صادف الفريق خليجاً صغيراً مليئاً بالحطام وعدة مئات من الجثث.
تضاول الأمل في العثور على ناجين
على جانب آخر، بدأت المساعدات الدولية تصل السبت إلى ليبيا لدعم الناجين من الفيضانات، فيما يتراجع الأمل في العثور على أحياء بين آلاف المفقودين بعد ستة أيام على الكارثة.
وفي مطار بنينا في بنغازي، كبرى مدن شرق ليبيا، أفرغت طائرة إماراتية وأخرى إيرانية السبت أطناناً من المساعدات تم تحميلها في شاحنات لنقلها إلى المنطقة المنكوبة الواقعة على مسافة 300 كلم إلى الشرق، على ما أفادت صحافية في فرانس برس. وكانت الطائرة الإماراتية تحمل مواد غذائية وآنية طبخ وخيما ومعدّات إغاثة، وفق الصحافية.
كما أعلنت منظمة الصحة العالمية وصول طائرة إلى بنغازي تحمل “29 طناً من الإمدادات الطبية” من مركزها اللوجستي العالمي في دبي، “تكفي لمساعدة حوالى 250 ألف شخص”، موضحة أن المساعدات تضم أدوية أساسية ولوازم طبية لجراحة الحالات الطارئة وأكياسا لنقل الجثث وتأمين “دفن لائق” للموتى.
وكتب الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما على حسابه بموقع (اكس) قائلاُ: “إذا كنت تتطلع إلى مساعدة الأشخاص المتضررين من الفيضانات في ليبيا، فاطلع على هذه المنظمات التي تقدم الإغاثة”، مرفقاً بتغريدته حسابات لعدة منظمات إغاثية:
ويعيق الوضع السياسي وحالة الانقسام بين المؤسسات عمليات الإغاثة. فليبيا غارقة في الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، وتتنافس على السلطة فيها حكومتان، الأولى تتخذ من طرابلس في الغرب مقرًا ويرأسها عبد الحميد الدبيبة وتعترف بها الأمم المتحدة، وأخرى في شرق البلاد الذي ضربته العاصفة، يرأسها أسامة حمّاد وهي مكلّفة من مجلس النواب ومدعومة من الرجل القوي في الشرق المشير خليفة حفتر.
وأعلن حمّاد أنه “اعتباراً من السبت سيتم تطبيق إجراءات جديدة في منطقة الكارثة” التي سيتم إغلاقها أمام المدنيين والأجهزة الأمنية، مضيفاً: “لن يتمكن من الوصول إليها سوى فرق البحث والمحققين الليبيين والأجانب”.
وبعد فتح تحقيق في ظروف الكارثة، أكد النائب العام الليبي الصدّيق الصور أن السدّين اللذين انهارا كانا يظهران تشقّقات منذ 1998. غير أن الأشغال التي باشرتها شركة تركية في 2010 بعد سنوات من التأخير علقت بعد بضعة أشهر إثر ثورة 2011 ولم تستأنف منذ ذلك الحين. وتعهد النائب العام بالتعامل بشدة مع المسؤولين عن الكارثة.