06:59 م
الإثنين 18 مارس 2024
المنيا- جمال محمد:
تحتفل محافظة المنيا، اليوم الإثنين، بعيدها القومي 105، والذي يحل في يوم 18 مارس من كل عام، تلك الذكرى التي سطر فيها أبناء المحافظة التاريخ، بعد أن واجهوا الإحتلال الإنجليزي في ثورة 1919، وأوقفوا قطار يقل عددا من جنود الإحتلال في مركز ديرمواس وقتلوا من كانوا فيه وعلى رأسهم مفتش السجون الإنجليزية.
“مصراوي” يسرد قصة المقاومة الشعبية في المنيا خلال ثورة 1919، والتي قادها في المحافظة وبالتحديد بمركز ديرمواس جنوبي المحافظة، البطل خليل أبو زيد، والذي تم إعدامه فيما بعد بصحبة عددًا من الثُوار الذين تم إلقاء القبض عليهم ومعاقبتهم.
كان البطل خليل أبو زيد شخصية قيادية ومثقفة، ودارسًا في كلية الزراعة بجامعة اكسفورد بلندن، وظل يتلقى تعليمه هناك طوال 8 سنوات رغبة من والده العمدة “أبو زيد بك علي”، وعقب عودته إلى مصر وجد أن الحرية منعدمة نتيجة لسياسات الإحتلال الإنجليزي، فبدأ يُوعي الأهالي بحقوقهم، وبات أحد السياسيين المتابعين عن قرب لآراء زعيم الأمة سعد زغلول.
وفي يوم 18 مارس 1919 اشتعلت أحداث الثورة في عدد من المحافظات، وعلم “أبو زيد” ببدء تحرك الثوار في جميع المحافظات خاصة بوجه بحري، إلى أن وصلت له معلومات بأن أحد قطارات الإنجليز على وشك الوصول لمحافظة المنيا وبالتحديد محطة “ديرمواس”، فقرر أن يوقفهم ويُعلمهم بأن الأهالي يرفضون وجودهم في مصر أسوة بجموع المصريين.
توجه البطل خليل أبو زيد على رأس حشد يضم 4 آلاف مواطن تقريبًا، إلى المحطة وقطع شريط السكة الحديد عليهم، بعد أن تمكنوا جميعًا من السيطرة على “الأسطوانة” والتي بدونها يتوقف أي قطار ولا يستطيع عبور المحطة، وجرى توقف القطار القادم من الجنوب، ومتجه إلى القاهرة وبه عدد من الضباط الإنجليز وعلى رأسهم مفتش السجون الإنجليزيه “بوب”، وبدأ أبو زيد التحدث إلى الإنجليز، إذ كان هو الوحيد من بين الحضور الذي يُجيد اللغة الإنجليزية بطلاقها بعد أن قضى 8 سنوات في لندن، وأصر على عدم مغادرة القطار قبل الادلاء بمطالب الثوار وإجبار الإنجليز على الاستماع له، فوقعت مناوشات كثيرة مع ضباط الإحتلال قام على إثرها أحد الجنود بإطلاق الرصاص في الهواء، مما أغضب الثوار وجعلهم يقفزون على القطار من كل جانب، ونشبت الاشتباكات التي انتهت بمقتل مفتش السجون الانجليزية و7 جنود آخرين، فيما سالت دماء الثوار على قضبان السكك الحديدية واختلطت بشحنات العسل الأسود التي كانت معبأة في “البلاليص” من قبل بعض التجار، لتُسمى ملحمة المنيا في الثورة تاريخيًا باسم “ملحمة الدم والعسل”.
لم يتوقف الثورا بعدها بل أخذوا جثة مفتش السجون الإنجليزية “بوب” ووضعوه على سيارة “كارو” وجابوا به المدينة، لتصل الأخبار إلى قوات الإحتلال ويأتون إلى مدينة ديرمواس بعدها بعشرة أيام، وسط قوات كبيرة من الضباط والجنود لمعاقبة الثوار.
عند قدوم قوات الاحتلال إلى مدينة ديرمواس للتحقيق في الواقعة ومحاسبة الثوار وإلقاء القبض عليهم، استقبلهم الدكتور خليل أبو زيد دون الافصاح عن هويته وكأنه من عامة الشعب، لأنه كان من ضمن المطلوب ضبطهم ومحاكمتهم، فوقف وتحدث معهم وأقنعهم بأن الوقت الذي وصلوا فيه لن يجدوا أحدا موجوداً في منازلهم لأن جميع أبناء المركز من المزارعين، ويعملون في الأراضي الزراعية، وطلب أن يعرف منهم أسماء المطلوبين لديهم، ووجد اسمه في مقدمة أسماء الكشف، فقام بحفظ الأسماء، وأبلغ كافة المطلوبين ونجح في تهريبهم بإحدى المناطق الجبلية.
اكتشفت قوات الاحتلال بعدها حيلة “أبو زيد” في اليوم الثاني وبدأت في ارتكاب أعمال عنف ضد جميع الأهالي وخاصة السيدات، ما جعله يسلم نفسه هو وكافة المطلوبين البالغ عددهم 91 مناضلًا، وتمت محاكمتهم محاكمة عسكرية في مديرية أسيوط، وكان مركز ديرمواس يتبع أسيوط إداريًا حينها، وتم الحكم بالاعدام شنقًا لجميع المضبوطين، وبعد تخفيف الأحكام عن البعض، جرى تنفيذ حكم الإعدام على البطل خليل أبو زيد، وكان يبلغ من العمر حينها 28 عامًا، و35 آخرين، فيما تم تخفيف الأحكام لباقي الثوار بالسجن لمُدد مختلفة.
وكانت محافظة المنيا قد احتفلت اليوم بالعيد القومي 105، وقام اللواء أسامة القاضي محافظ المنيا، واللواء محمد مصطفى مدير الأمن، وعدد من قيادات المحافظة، بوضع إكليل من الزهور على النصب التذكاري للشهداء، وقرأوا الفاتحة ترحماً على شهداء الواجب من أبناء مصر على مر العصور، ثم عزف سلام الشهيد والنشيد الوطني وسط تشغيل الأغاني الوطنية، وبمشاركة عدد من المواطنين.
إقرأ أيضًا..
بالصور- محافظ المنيا يضع إكليل الزهور على النصب التذكاري بمناسبة العيد القومي
اليوم.. فتح 3 مزارات مجانًا لأهالي المنيا بمناسبة العيد القومي