02:21 م
الإثنين 14 أكتوبر 2024
الغربية- مروة شاهين:
في هدوء الفجر، ومع أولى خيوط الشمس الذهبية، تستيقظ “هدى” لتحيا لحظات من الخشوع والدعاء، ومن نافذة مطبخها البسيط، تشاهد شروق الشمس وهي تعد إفطار عائلتها، وفي كل يوم، تدعو الله أن يوفقها في عملها الذي يبدأ قبل أن يستيقظ الناس، فهى سائقة أجرة، تنقل الطلاب والمعلمين والمسافرين، وتحمل في قلبها دعواتهم وأمانيهم.
“الرزق بيتوزع بدري”.. بهذه العبارة بدأت “هدى قاسم” صاحبة 45 عاما التي تعمل “كابتن” في إحدى شركات خدمات نقل الركاب المحلية بمحافظة الغربية، حديثها لـ”مصراوي”، موضحة أنها تنهى فروض المنزل بمنطقة الشون، وتجلس تنتظر مكالمات وطلبات العملاء لتوصيلهم، تربطها علاقة ثقة بهم، وأغلب زبائنها من السيدات والطالبات، ولا يخلو الأمر من توصيل رجال مهندسين وأطباء إلى مواقع عملهم.
قبل 20 عاما تعلمت هدى قيادة السيارات، واحترفت القيادة الهادئة، أتاح لها ذلك العمل في مكتب تعليم قيادة السيارات، كانت أغلب المتعلمات معها سيدات وبنات مقبلات على الزواج أو شراء سيارة، “كانوا بيرتاحو معايا وبيحبوا السواقة الهادئة”، تصف هدى وضعها على عجلة القيادة.
“بعد أول طلب بنزل وأشوف قياس المياه وزيت المحرك”، تخبرنا “هدى” بالروتين اليومي، وتضيف أن القيادة في شوارع مدينة المحلة المزدحمة دوما لا تترك مجال لإهمال سائل التبريد أو الزيت، ذلك خطر على المحرك، تخبرنا أنها تعلمت مع القيادة كيف تتابع حالة السيارة وتجري فحص سريع لدائرة الحركة مع فحص الإطارات قبل التحرك.
التحقت “هدى بكلية الاعلام، لم تعمل بشهادتها بعد التخرج، ولم يمنعها ذلك من استكمال البحث عن العلم، إذ قدمت بقسم الدراسات العليا لاستكمال دراستها مجددا، شجعها على ذلك ابنيها أحمد وأيمن، الأول حاصل على ليسانس آداب، والثاني طالب بالفرقة الرابعة.
روت هدى في حديثها لـ “مصراوي”، أنها قررت العمل سائقة لتوصيل الطلاب والطالبات، والسيدات والرجال، معتمدة على سيارتها لتوفير نفقات تساعد على تدبير احتياجات أسرتها.
تحكي سائقة السيارة: “الموضوع بدأ من فترة طويلة، والفكرة لاقت قبول من أولادي ووجدت تشجيع من صديقاتي وجيراني، وتعامل يحترم المرأة في الطريق، ولم أتعرض لمضايقات” تضيف هدي أن بعض العملاء يطلبونها بشكل خاص لتوصيل زوجاتهم وبناتهم، الأسر التي التخرج في عطلة الأسبوع، أو المتجهين إلى النادي أصبحت أمثل لهم مصدر أمان، ليس لكوني سيدة فقط بل لأنهم يعرفون قيادتي الهادئة، دون أي مجازفة تعرض حياتهم للخطر.
تستقبل هدى طلبات التوصيل من 7.30 صباحا وحتى 12.30 ظهرا، وتنتهى من فترة العمل الصباحية وتعود إلى منزلها في منطقة الشون، تعد وجبة الغذاء لأولادها و تنجز بعض الأعمال في المنزل، و تنال قسط من الراحة، ومع دقات الخامسة مساءا تبدأ فى تلقى طلبات التوصيل مجددا، حتى الساعة 11 مساء.
“في شوارع وأماكن مش بعرف أوصلها”، تخبرنا هدى عن الصعوبات التي تواجهها، حيث يطلب العملاء توصيلهم على قرى ونواحي على أطراف مدينة المحلة وأحيانا تكون في مراكز ومدن أبعد، وهي لا تعرف الوصول إليها، بينما الاعتماد على برامج تحديد المواقع لا يوفر بيانات دقيقة وطرق سهلة تقطعها لتبلغ وجهتها.
لكن السعي المستمر والبحث جعلها على دراية بالطرق التي توفر طرق مختصرة تقطعها في وقت أقل مما كانت تستغرقه من قبل.