جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
لا شك أن صفقة الإفراج عن الرهائن أعطت انطباعا قويا أن المقاومة الفلسطينية في غزة أدارت بمفردها المشهد السياسي في صفقة الرهائن المتبادلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وذلك باحترافية وبرؤية استراتيجية منقطعة النظير، فوق الأرض وتحت الأرض، وأعطت رسائل إلى الرأي العام الإسرائيلي والعالمي أنهم ما زالوا قادرين على المواجهة على الأرض ضد الترسانة العسكرية الصهيونية والأمريكية والأوروبية وإجبارهم على الاعتراف بالمقاومة في غزة رغم كل التصريحات النارية التى صدرت من بايدن ونتنياهو ووزير دفاعه بأنهم سيعملون على إبادة حماس والجهاد من غزة باستخدام كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة، وتصريحات بايدن ونتنياهو بسحق حركة حماس واستعادة الرهائن بالقوة العسكرية، وفشلت إسرائيل ومعها أمريكا في تحقيق هذا أو ذاك.. وهو ما أحدث تصدعا في الجبهة الداخلية الإسرائيلية خصوصا أن جرائمهم أثارت غضب شعوب العالم الحر، بعد أن استمر القصف الإسرائيلي الغاشم على غزة أكثر من 50 يوما وأسقط أكثر من 14 ألف شهيد فلسطيني وعشرات الآلاف من المصابين باستخدام أكثر من 32 ألف طن متفجرات.
وأعتقد أن جهاز المخابرات المصرية لعب دورا محوريا كالعادة في إتمام هذه الصفقة بالتنسيق مع أجهزة الاستخبارات الأمريكية والقطرية، رغم محاولات البعض القفز على الدور المصري وهي المحاولات التى باتت مفضوحة ومكشوفة بعدم التركيز على الدور المصري في وسائل الإعلام الإسرائيلية والأمريكية، فـ(معبر رفح أصبح هو الحاضنة للرهائن) وكل ما تم من تفاوض ولقاءات ومعلومات -سنعلن عنها عندما تحين الفرصة- أكدت الدور المصري الفاعل والذى لا بديل عنه، لسبب بسيط أن الأمن القومي الفلسطيني جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري.
واستطاعت القيادة المصرية أن تثبت للجميع أن موقفها الحاسم ضد تهجير الفلسطينين إلى سيناء وتصفية القضية الفلسطينية، كان موقفا وطنيا خالصا بعيدا عن المصلحة، وهو ما يكذب كل الشائعات التى روجتها صحف إسرائيلية وغربية -لإحداث فتنة مصرية داخلية، وعربية إقليمية- بوجود صفقات لتهجير الفلسطينيين من غزة مقابل إسقاط الديون المصرية وغيرها من الشائعات التى ثبت كذبها.. ونستطيع أن نقول بكل ثقة إن إرادة مصر وشعبها كانت قوية ولم تتزحزح وحققت ما تريد ولم يتم تهجير أحد إلى سيناء.
ولكن كان لأهل غزة والضفة الغربية الدور الرئيسي بتحملهم أبشع غارات جوية في تاريخ العالم ورغم حالات الإبادة وقتل آلاف الأطفال والنساء وتدمير البنية التحتية بعد البنية البشرية لم يتركوا شمال غزة أو جنوبها وارتبطوا بأرضهم وهذا ما أذهل الجميع وخاصة الأمريكان الذين فعلوا كل شئ لمحاولة القضاء على المقاومة الفلسطينية، حتى تحولت مواقف حلفاء أمريكا وإسرائيل إلى تعاطف مع القضية في الفلسطينية، واستياء من الجرائم الإسرائيلية والأمريكية حتى خرج علينا رؤساء وزراء أسبانيا وبلجيكا بعدم تحميل حماس مسئولية ما جرى في غزة، وهو ما يمثل اختراقا للجدار الأوروبي الداعم تماما لإسرائيل، وسط غياب تام للدول العربية.
ونستطيع أن نقول بموضوعية وثقة إن ما جرى أمام شاشات العالم اليوم يؤكد أن القضية الفلسطينية لن يتم تصفيتها لأنني أعتبر البطل الحقيقي في هذا المشهد هو المواطن الفلسطيني في غزة والضفة والقدس المحتلة
فهل تتحرك الدول العربية الفاعلة خلال هذه الهدنة لمدة 4 أيام وتحاول أن تخفف الغياب عن المشهد الفلسطيني وتقدم دعما إنسانيا وماليا وسياسيا حقيقيا يدعم استمرار قدرة هذا الشعب الذي ضرب أروع ما يقال وسيقال في البطولة والتضحية والشهادة والتشبث بالأرض أمام الجرائم الأمريكية والإسرائيلية؟
وهل ستكون هذه الهدنة هي بداية لعودة القرار العربي؟ أم أن العرب محتاجون إلى هدنة لاستمرار تبعتيهم غير المفهومة لبيت الطاعة الأمريكي؟