11:45 ص
الخميس 13 يونيو 2024
واشنطن – (د ب أ)
تراجعت نسبة التأييد الشعبي للرئيس الأمريكي جو بايدن إلى مستوى منخفض تاريخيا يبلغ 41%، على الرغم من استقرار حالة الاقتصاد.
وقال هاريسون كاس الكاتب الأمريكي في المجال العسكري والأمن القومي في تقرير نشرته مجلة “ناشونال إنتريست” الأمريكية إن افتقار بايدن إلى التأييد الشعبي يرجع إلى حقيقة أن بايدن يجسد الوضع الراهن في واشنطن، والذي لا يثق به الكثيرون من الأمريكيين ويعتبرونه غير كفء أو فاسد.
ويرى كاس أن جهود بايدن لإرضاء كل من المحافظين والتقدميين حققت نتائج عكسية، مما تسبب في نفور وابتعاد المجموعتين، حيث يشعر المحافظون بعدم الرضا عن خطابه الاجتماعي التقدمي، في حين يشعر التقدميون بالإحباط إزاء سياساته المعتدلة وتأييده لإسرائيل.
وتسهم مسيرة بايدن السياسية الطويلة وارتباطه بسياسات التيار السائد في افتقاره للجاذبية في مناخ سياسي يؤيد التغيير والقيادة الجديدة.
وتساءل كاس عن السبب في استمرار انخفاض تأييد بايدن وسبب عدم حب الأمريكيين له على الرغم من استقرار الوضع الاقتصادي، وقال إن معدل التأييد الشعبي لبايدن تراجع إلى مستوى منخفض تاريخيا عند 41%، إلا أن بعض الخبراء يشيرون إلى أن الاقتصاد والظروف العامة في الولايات المتحدة ليست سيئة للغاية.
وتساءل كاس قائلا إنه إذا لم يكن السبب هو الانكماش الاقتصادي، فلماذا لا يشعر الأمريكيون بالحماس إزاء رئيسهم؟ مشيرا إلى أن لديه بعض الأفكار في هذا الشأن.
يرى كاس أن بايدن هو بمثابة التجسيد المادي للوضع الراهن، وقال إنه على الرغم من أنه ليس شخصية أيقونية مثل بيل كلينتون أو جورج بوش أو جون كينيدي، فإنه يعد مطلعا من الدرجة الأولى على الأمور في واشنطن، وحتى فترة قريبة، كان إطلاع المرء على الأمور في واشنطن بمثابة ميزة أو مصدر قوة.
ولكن مؤخرا في العقد الأخير أو نحو ذلك، أصبح ينظر إلى صفة المطلع على الأمور في واشنطن على أنها شيء سيء، وأصبح هناك إحساس ثابت في ذهن العديد من الأمريكيين بأن حكومتهم الاتحادية غير فعالة أو مركزة على نفسها أو فاسدة أو تتسم بكل هذه الصفات.
وهناك انخفاض ثقة في الحكومة، حيث أوضح ذلك انتخاب ترامب عام 2016 من خلال وعود بـ”تجفيف المستنقع” (والمستنقع هو واشنطن).
وأشار كاس إلى أن مجموعات كبيرة من الشعب أصبحت ترى أن سياسيي “التيار السائد” أي جو بايدن الذي تولى مناصب بالانتخاب لمدة خمسين عاما، يقفون ضد مصالح الشعب؛ ولهذا فإن الشعب يريد شيئا جديدا الآن أكثر من أي وقت مضى، ربما منذ ريتشارد نيكسون، وبايدن بالتأكيد ليس شخصية جديدة.
وقال كاس إنه لا يمكن للمرء إرضاء أو إسعاد الجميع، وأشار إلى أن بذل الجهود لإسعاد الجميع غالبا ما يأتي بنتيجة عكسية، حيث يغضب المرء الجميع، وقد عاني بايدن من تأثير مماثل من خلال جهوده لاستيعاب يمين ويسار الطيف السياسي وإرضاء الجماهير إلا أنه أثار نفور كل من اليمين واليسار بدلا من ذلك.
ورأى كاس أن بايدن لم يكن من الممكن أن يجذب اليمين، وتحديدا اليمين المتشدد على أي حال، وربما كان اليمين المعتدل مذعن أو مطيع لرئاسة بايدن، إلا أن جهود بايدن للإشادة بالقيم اليسارية تعد علامة حمراء مرفوضة بالنسبة للمحافظين العاديين.
وقال كاس إن بايدن رجل ثمانيني لا يصدق على الأرجح أي كلمة من المصطلحات الاجتماعية العصرية التي يروج لها (لقد اعتاد قضاء الوقت مع دعاة الفصل العنصري)، إلا أن هذا كاف لإثناء المحافظين الذين، مثل نظرائهم الليبراليين، غالبا ما ينحازون إلى المرشحين بناء على الخطاب الثقافي المرتبط بالحرب.
وكان اليسار متشككا دائما في بايدن أيضا، حيث لم يكن مرشحهم، فقد كانوا يرغبون في فوز بيرني ساندرز أو إليزابيث وارين أو شخص تقدمي بشكل شرعي.
ولا يعتقد أحد أن بايدن تقدمي، لقد ساعد في تحويل ولاية ديلاوير إلى أكبر ملاذ ضريبي ملائم للشركات في البلاد، كما صاغ مشروع قانون الجريمة عام 1994، وهو مساهم مباشر في معدل السجن المرتفع في أمريكا، إلا أن بايدن، الذي تم تسويقه على أنه الشخص الوحيد القادر على هزيمة ترامب في عام 2020، تم اعتباره قريبا بما يكفي وقرر التقدميون إنهاء الخلاف، على أمل أنه بمجرد تولي المنصب، سيدفع الضغط الاجتماعي الليبرالي بايدن إلى اليسار.
إلا أن هذا لم يحدث في الواقع، حيث أن بايدن لديه تاريخ لمدة خمسين عاما بعيدا عن كونه تقدميا، ولم يكن ليغير موقفه في اللحظة التي وصل فيها إلى المنصب الذي سعى إليه، باستخدام سياسات معتدلة، لمدة نصف قرن.
وقال كاس إن الكثير من التقدميين ربما كان من الممكن أن يستمروا في غض الطرف وينظرون إلى بايدن نظرة إيجابية طالما كان يدعم القيم التقدمية مع الاستمرار في إبعاد ترامب عن البيت الأبيض، لكن دعم بايدن لإسرائيل ورد فعل رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتشدد على هجمات حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي هو خطيئة مميتة في نظر التقدميين الأمريكيين.
واختتم كاس تحليله بالتأكيد مجددا على قوله إن جو بايدن شخصية غير محبوبة بشكل كبير من الناحية التاريخية، ويرجع ذلك بشكل جزئي إلى حقيقة أنه شخصية أساسية في الوضع الراهن في واشنطن ولأن جهوده لإسعاد الجميع فشلت وتسببت بدلا من ذلك في إزعاج الجميع.