04:59 م
الثلاثاء 21 مايو 2024
كتب- محمد صفوت:
سلطت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية في تحليل للخبير الاستخباراتي يونا جيريمي بوب، كبير المراسلين العسكريين للصحيفة، الضوء على تأثير قرار إصدار مذكرة اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزة.
يرى الكاتب أن القرار المحتمل لمحكمة العدل الدولية سيؤثر على أسلوب وطريقة قتال جيش الاحتلال الإسرائيلي وعلى المستوى الكلي في الدولة العبرية، وربما يطال تأثيره قرارات التجنيد الجديدة.
يبدأ الكاتب مقاله بسرد لمحاولات إسرائيل منع الجنائية الدولية من فتح أي تحقيق كامل بحقها منذ عام 2009 حتى 2021، ويرى أن هذا خلق مأزقًا من خلال مراجعة أولية لقضايا الاختصاص القضائي.
ويقول إنه حتى أكتوبر 2023، نجحت إسرائيل في كبح جماح المدعي العام للجنائية الدولية كريم خان، الذي بالكاد تحدث عن إسرائيل والفلسطينيين على مدار عامين ونصف العام من توليه المنصب.
تغير في أقل من شهر
يتحدث كبير المراسلين العسكريين لـ”جيروزاليم بوست”، عن تغير كل شيء في أقل من شهر منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر الماضي. أصدر خان بيانًا تلو الآخر يحذر فيه إسرائيل من ارتكاب جرائم حرب في غزة.
ويشير إلى محاولة خان زيارة غزة عبر معبر رفح ومنع إسرائيل له، حيث عقد مؤتمرًا صحفيًا في رفح المصرية. بعد ذلك، زار إسرائيل والضفة الغربية بصفة غير رسمية للقاء ضحايا 7 أكتوبر الإسرائيليين والسلطة الفلسطينية في رام الله، ولم يتمكن من الوصول لغزة.
منذ فترة، يصدر خان تحذيرات لإسرائيل بأنه سيمضي قدمًا في إصدار مذكرات الاعتقال بحق المسؤولين الإسرائيليين في حال أصرت إسرائيل على اجتياح رفح، حتى أن الدولة اليهودية تلقت رسائل في منتصف أبريل مفادها أن أوامر الاعتقال قد تكون في الطريق.
يقول الكاتب: “بعد تعثر المفاوضات الهادفة لوقف إطلاق النار، والخلافات الأمريكية الإسرائيلية، والإصرار على تنفيذ عملية رفح، يبدو أن خان قرر أن لديه أدلة كافية ودعمًا سياسيًا للمضي قدمًا في تهديداته للمسؤولين الإسرائيليين”.
تأثير قرار خان على إسرائيل
يؤكد الكاتب أن إصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين كارثة كبيرة ستؤثر على أداء القوات الإسرائيلية في غزة وعلى كيفية قتال الجنود، وقد يؤثر في النهاية على مهام التجنيد وسيؤثر سلبًا على الرأي العام.
يشير الكاتب إلى أن قرار الجنائية الدولية سيشمل 3 من قيادات حماس، وينتقد المدافعين عن حماس، ويضيف أن القرار لن يشمل بيني جانتس وجادي آيزنكوت، ويعتبر أن ذلك ليست تفاصيل صغيرة.
ويرى أن تصنيف أي مسؤول إسرائيلي على أنه متهم بارتكاب جرائم حرب تعد أخبار سيئة، والأسوأ أن يكون هذا الشخص هو رئيس الوزراء.
ويقول الكاتب إن نتنياهو ربما يستمر في منصبه لمدة 6 أشهر أو عام، ولكن إذا حل محله جانتس وابتعد نتنياهو عن المنصب ستكون المحكمة الجنائية الدولية قد ساعدت إسرائيل إلى حد ما على تفادي رصاصة أسوأ.
عدم إصدار أوامر اعتقال لقادة جيش الاحتلال الإسرائيلي
يرى الكاتب أن عدم إصدار أوامر اعتقال بحق أي مسؤول في جيش الاحتلال الإسرائيلي، يمنح الجيش فرصة للتحقيق في جرائم الحرب، وهو ما قد يقبله خان، أو على الأقل يقبل الدخول في مفاوضات مع الجيش بشأن النتائج التي سيصل لها.
ويعتقد أن عدم إصدار مذكرات اعتقال أو توجيه اتهامات لمسؤولين في جيش الاحتلال الإسرائيلي يمكن أن تخفف من التأثير المباشر على قدرة جيش الاحتلال الإسرائيلي القتالية والتجنيدية، كما أنه سيعني احترام الجنائية الدولية للنظام القانوني الإسرائيلي.
هل هي مناورة من الجنائية الدولية؟
يقول الكاتب إن فتح تحقيق داخلي في جرائم الحرب المزعومة بغزة يمنح الجنائية الدولية مناورة للقول إنها تلاحق نتنياهو وجالانت فقط، مضيفًا: “لا أحد يفكر حتى في التحقيق معهم”.
ويقول إنه في حال فتح تحقيقًا داخليًا في هذا الشأن، سيحتاج خان إلى تجميد أوامر الاعتقال، مشيرًا إلى أن هذا الحل اقترح منذ عدة أسابيع من نائب المدعي العام السابق للشؤون الدولية روي شوندروف، لكن الحكومة تجاهلته في ذلك الوقت، لكن حاليًا ربما تعيد الحكومة الإسرائيلية النظر في الاقتراح.
خان يتمتع بذكاء سياسي
يعتقد الكاتب أن خان انتظر حتى منتصف عملية رفح التي يعارضها العالم، والمرجح أن تكون آخر المعارك الكبرى في غزة. كما أن خان يتمتع بذكاء سياسي أكبر بكثير من سلفه فاتو بنسودا، ولم يلاحق سوى نتنياهو وجالانت، والأول لا يحظى بشعبية كبيرة في الوقت الحالي في جميع أنحاء العالم، ومتأخر في استطلاعات الرأي داخل إسرائيل.
وعن جالانت، يقول إنه لن يتم التحقيق معه وربما طالب خان بإصدار أوامر بحقه لتصريحاته بعد هجمات السابع من أكتوبر.
ويرى الكاتب أن خان يعتقد أنه يساعد جانتس وغيره من أحزاب الوسط واليسار في إسرائيل، بإزاحة كل من نتنياهو وجالانت.
والحقيقة هي أنه داخل إسرائيل، من المحتمل أن تمنح أوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية نتنياهو دفعة مؤقتة، لكن هذا قد يكون خارج نطاق تحليل خان أو يتجاوز المستوى الذي يهتم به للنظر في القضايا الداخلية الإسرائيلية.
خيار شوندورف
وسواء تبنت إسرائيل خيار شوندورف، الذي ساعدها في التغلب على مزاعم جرائم الحرب الواردة في تقرير جولدستون في 2008-2009، فمن الأهمية بمكان أن يبدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي بسرعة في الإعلان عن نتائج بعض تحقيقاته في جرائم الحرب.
لن يؤدي هذا إلى توقف خان عن ملاحقة جيش الاحتلال الإسرائيلي وإجباره على تحليل حالات محددة بدلاً من التعامل مع الصور النمطية العامة فحسب، بل سيُظهر أيضًا للعالم أن هناك جانبًا آخر حقيقيًا قائمًا على الأدلة للقصة.
يزعم الكاتب أن خان كان يدرك في الماضي أن جيش الاحتلال الإسرائيلي عليه أن يقاتل حماس التي تستخدم الدروع البشرية والمستشفيات والمدارس والمساجد، وقد أوضح كبار المسؤولين في الحكومة الأمريكية هذه النقطة، لكن هذه النقطة غابت عن إعلان خان التفصيلي يوم الاثنين.
إسرائيل سهلت دخول المساعدات
يدعي الكاتب أن إسرائيل سهلت دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع بينما عرقلت حماس المساعدات، وهي نقطة يمكن أن تستغلها الدولة العبرية إذا فتحت تحقيقًا فيها ونشرت نتائجها، ويزعم أن هذه النقطة أهملها خان في بيانه اليوم.
وفي ختام تحليله، يعترف الكاتب بأن بلاده ارتكبت خطأ استراتيجيًا في قطع المياه والمواد الغذائية عن غزة في البداية، ويدعي أنها عملت على تصحيح هذا وسهلت دخول المساعدات للقطاع.