12:20 م
الخميس 30 مايو 2024
غزة – (بي بي سي)
تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي، ولا سيما إنستغرام، صورة تضامنية مع مدينة رفح جنوبي قطاع غزة تفاعل معها ملايين الأشخاص والمشاهير حول العالم، وذلك بعد مقتل وإصابة عشرات الفلسطينيين في اليومين الماضيين، في قصف إسرائيلي لخيام النازحين شمال غربيّ رفح.
ولقي الهجوم ردود فعل واسعة، إذ عبر العديد من الزعماء ورؤساء الدول ومنظمات دولية عن إدانتهم وحزنهم من مشاهد قصف الخيام، في حين قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن الغارة الجوية على مخيم رفح كانت “خطأً مأساوياً”، مؤكداً تشكيل تحقيق في الحادثة.
وعلى مدار اليومين تشهد منصة إنستجرام تفاعلاً مع صورة تعبيرية كُتب عليها “All eyes on Rafah” بالعربية “كل العيون على رفح”، إذ وصل انتشار الصورة حتى ساعة كتابة التقرير إلى ما يزيد على 41 مليون شخص، في وقتٍ تزيد المشاركات كل ساعة.
فما هي قصة هذه الصورة؟ وكيف بدأت؟
من أين بدأ استخدام شعار “كل العيون على رفح”؟
جدد الهجوم الإسرائيلي على خيام النازحين في رفح التفاعل مع عبارة أطلقها ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ريك بيبركورن في فبراير الماضي، عندما قال في حديث مع مجموعة من الصحفيين إن “كل العيون تتجه إلى رفح”، كان حينها يحذّر من هجوم إسرائيلي على رفح.
وتحدث ببيركون من قطاع غزة، عبر اتصال عبر الإنترنت، مع الصحفيين بمقر الأمم المتحدة في جنيف، أنه يخشى وقوع كارثة إنسانية “تفوق التصور” إذا وقع توغل واسع النطاق من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي في رفح جنوبي غزة.
وتشير تقارير إعلامية إلى أن مسؤولين وناشطين راحوا يكررون عبارة ببيركون منذ ذلك الحين للتعبير عن قلقهم وتنديدهم بشنّ عملية عسكرية في رفح.
وفي الأشهر اللاحقة لذلك، حملت فعاليات شعبية شعار “كل العيون على رفح”، للتعبير عن تضامنها مع المدينة التي تستقبل ما يزيد عن مليون ونصف مليون لاجئ من غزة، لعل أبرزها ما قامت به مغنية أيرلندية بتأليف أغنية بعنوان “كل العيون على رفح”، تدعو فيها السياسين لوقف أي أعمال هجومية على المدينة، كذلك نفذ محتجون في مدن مختلفة وقفات تضامنية ترفع ذات الشعار.
وخلال الأسابيع الماضية، التي بدأت فيها إسرائيل عمليات في رفح، استخدم ناشطون وسم “كل العيون على رفح” في منشورات عبر منصات التواصل.
كيف بدأ انتشار الصورة عبر مواقع التواصل في اليومين الماضيين؟
بعد الهجوم على خيام النازحين في رفح، قام شاب ماليزي بمشاركة صورة مصممة بالذكاء الاصطناعي عبر حسابه على إنستغرام، استخدم فيها العبارة التي اشتهرت في الفترة السابقة للتضامن مع مدينة رفح، ولقيت الصورة انتشاراً يفوق 40 مليون مشاركة من قبل مشاهير وممثلين، أبرزهم مغني البوب ريكي مارتن والممثلة التركية توبا بويوك أوستون والممثلة الهندية بريانكا شوبرا، والممثلة السورية كندة علوش.
يؤكد مستشار التسويق الإلكتروني والذكاء الاصطناعي ماهر النمري، أن الصورة مصممة بالكامل عبر الذكاء الاصطناعي، ذلك أنها لا تعبّر عن صورة حقيقية من مدينة رفح، بل هي تظهر صحراء واسعة تقام عليها أعداد كبيرة من الخيام تشكّل مجتمعةً عبارة “كل العيون على رفح”.
يرى نمري أن طريقة اختيار نشر الصورة ساعد بشكل كبير على اتساع حملة التضامن، إذ إن الخاصية المستخدمة للنشر تتطلب نقرتين فقط للمشاركة، وهو ما سهّل على ملايين الناس الانضمام للحملة.
لكن نمري يلفت إلى أن الحدث الحاصل في رفح وما تبعه من تفاعل ساعد على الانتشار الواسع للحملة التضامنية، قائلاً إن هناك العديد من الحملات السابقة حول قضايا أخرى لم تنجح في الانتشار بهذا الشكل، حيث إن الحدث في رفح لا يزال يثير حزناً واسعاً، وفق تعبيره، وهو ما يساعد على انتشار الصورة.
كذلك لا تحتوي الصورة على أي مشاهد دماء أو لقطات لأشخاص حقيقيين أو أسماء أو مناظر حساسة، وهي جميعها أسباب يرى النمّري أنها ساعدت على انتشار أوسع دون وجود محددات تتعارض مع معايير استخدام إنستغرام.
كيف ساعدت خواص إنستجرام على انتشار واسع في حملة التضامن؟
وفق ما تظهر خصائص القصص العائدة لحساب الشاب الماليزي، الذي نشر الصورة لأول مرة عبر حسابه shahv4012، فإنه قام باستخدام خاصية اسمها ” أضف لك -ADD YOURS”، وهي خاصية أطلقها إنستجرام عام 2021، تتيح لأي مستخدم عادي أن ينشر صورة ويطلب عليها التفاعل عبر حساب الشخص المتصفّح.
يقول نمّري إن هذه الخاصية منذ انطلاقها أستخدمت بشكل واسع من قبل قطاع السياحة والسفر، حيث يقوم الشخص بنشر صورة لموقع يزوره أو مقهى، وينتظر من المستخدمين أن يقوموا بالتفاعل معه عبر إضافة صورهم على حساباتهم الخاصة، وهو ما يزيد من التفاعل عبر منصة إنستجرام بين المستخدمين، الأمر الذي تسعى له المنصة، بحسب النمّري.
ويضيف أن استخدام مثل هذه الخاصية في حملات سياسية أو اجتماعية أو قضايا رأي عام يعتبر أمرًا حديثاً، ويقول : “في الغالب، أي شخص يبدأ استخدام هذه الخاصية لقضايا سياسية يهدف لأن يساهم في إطلاق حملات واسعة، لأن الأمر فيما بعد يصبح ككرة الثلج”.
حملات سابقة؟
لا تشكل هذه الحملة استثناء في سياق التضامن عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إذ سبق وتضامن روّاد مواقع التواصل مع العديد من القضايا مستخدمين حساباتهم الشخصية.
ففي السودان، تفاعل روّاد مواقع التواصل عدة مرات مع الأحداث والتطورات الحاصلة هناك، وخاصة بعد الأعمال العسكرية التي شهدتها البلاد وراح ضحيتها المئات ونزح الآلاف إلى مدن وبلدانٍ مجاورة.
ومن أبرز الحملات التي شهدتها البلاد عبر مواقع التواصل كانت حملة ” أزرق من أجل السودان” عندما قام المستخدمون بتغيير صورهم الشخصية للون الأزرق للتضامن مع مظاهرات شهدتها الخرطوم وأصبحت تعبر لاحقاً عن المطالب السياسية والاقتصادية.
كذلك تفاعل المشاهير في عام 2023 مع الزلزال الذي شهدته مراكش في المغرب، والذي راح ضحيته الآلاف، إذ قاموا بنشر صور عبر خاصية القصص على حساباتهم على إنستجرام للتعزية وجمع التبرعات والتضامن مع أهالي الضحايا.
كما شهدت قصة لاجئة سورية تعرضت للعنف في تركيا أيضاً حملة مشابهة عبر مواقع التواصل، طالب فيها الناشطون بتطبيق العدالة للاجئين ونبذ العنصرية ووقف العنف تجاههم.