04:32 م
الثلاثاء 04 يوليه 2023
باريس – (بي بي سي)
يقول زارتوشتي بختياري، إنه لم ينم لأكثر من ثلاث ساعات في الليلة، منذ بدء أعمال الشغب في فرنسا قبل أسبوع.
في النهار، يمارس عمله كرئيس لبلدية نويي سور مارن، في واحدة من أفقر مناطق فرنسا، شرق باريس.
أما في الليل، فهو يقوم بدوريات في الشوارع مع عشرات من الموظفين وأعضاء مجلس المدينة حتى الساعة 04:00 أو 05:00 فجراً، ليكون بمثابة نظام إنذار مبكر للشرطة ضد مثيري الشغب هناك.
قال: “في غضون أيام، كنا في الجحيم”.
يتوجه بختياري، يوم الثلاثاء، إلى قصر الإليزيه مع أكثر من 200 رئيس بلدية آخر لمناقشة الأزمة مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
ويطالب بختياري الدولة بـ”مزيد من الصرامة” وبالسماح لشرطة المدينة المحلية باستخدام طائرات مُسيرة لمراقبة النشاط في المدينة.
ويقول: “ما يحدث الآن هو نتيجة سنوات من الضعف من جانب السياسيين، وقرارات مُعلقة لم تُتخذ بعد، إنها مشكلة متعلقة بالسلطة لأن مثيري الشغب لا يخشون العدالة، قد يذهبون إلى المحكمة، ولكنهم يعودون إلى منازلهم بعد ساعات قليلة من المحاكمة ببساطة لأنه ليس لدينا أماكن كافية في السجون، وفي هذا الحي في باريس، لا يمكننا تحمل هذا النوع من ضعف الدولة”.
وخارج مكتبه مباشرة في دار البلدية، يوجد جدار متفحم لمركز شرطة المدينة المحلي.
ويبين بختياري ما حدث قائلاً: “قفزوا فوق هذا الجدار الساعة 1 صباحاً بقارورة بنزين”، مشيراً إلى احتراق أسطول مكون من سبع سيارات شرطة، هياكلها المحترقة مصطفة تحت الواجهة.
ولكن تم تقاسم المبنى مع إدارة الإسكان العام، المكلفة بإيجاد منازل لـ 2300 من السكان المحليين.
وفي الداخل، يبدو المكتب عبارة عن “غلاف كاربوني من البلاستيك المُذاب والرماد”، ولم تتم رقمنة جميع الملفات الورقية، وتم محو تفاصيل العديد من أولئك الذين هم في أمس الحاجة إلى السكن من السجلات بسبب الحريق.
تقف رئيسة قسم الإسكان، لورانس تيندرون برونيه، بين الأنقاض المحترقة وهي تبكي.
“أنا حزينة جداً، سنعيد البناء، سنبدأ من جديد، ولكن في الوقت الحالي، هناك أشخاص يعانون بشدة من نقص في أماكن السكن، أعرف حوالي نصفهم – عندما يتصلون، أستطيع التعرف على أصواتهم، إنهم ليسوا مجرد ملفات، إنهم بشر”.
يقول بختياري إن تم التقاط صور للمتسببين في الحريق عبر كاميرات المراقبة، ومن خلال اللقطات يبدو أنهم مراهقون، ربما تقدر أعمارهم بين 14 إلى 16 عاماً.
وتضيف لورانس: “أجد صعوبة في فهم أنه هناك أطفال يقومون بتدمير الأشياء، لأنه في هذا العمر، يجب أن يكون الآباء مسؤولين عنهم”.
وفي الجزء الخلفي من المبنى، يطل على موقف السيارات الذي يضم أسطول سيارات الشرطة المحترقة، نجد أحد الجيران قام بتصوير الحريق بهاهاتفه المحمول، ووافق على التحدث إلينا من دون الكشف عن هويته.
ويقول هذا المواطن الفرنسي، “إنه النمط ذاته”، عندما سمع عن العمر التقريبي للمشتبه بهم في عملية الحرق.
“عصابات منظمة تشرع في إطلاق الأطفال الذين يبلغون من العمر 11 إلى 13، يقولون لهم: لن تذهبوا إلى السجن أبداً، هيا انطلقوا، إنهم يرسلون الأطفال إلى خط المواجهة، إنه تكتيك العصابات”.
والمنطقة الأكثر تضرراً في نويي سور مارن هي منطقة تسمى ليه فوفيت، إذ تم إحراق المكتبة العامة والمتاجر والسوبر ماركت هنا، وتعد ليه فوفيت موطنا للعديد من المثيرين للشغب أنفسهم.
وتعيش عائشة هناك أيضاً، وهي تعمل مساعدة في مجال التعليم وتبلغ من العمر 23 عاماً، وتقول إنها تتفهم الغضب الأولي الذي أشعل فتيل العنف حتى وإن كانت تعتقد أنه تحول فيما بعد إلى نهب وتدمير.
وتضيف: “هم متعبون، دائماً ما يتعرض نفس الأشخاص للظلم. إذا كنت أسود أو عربياً، يتم سحب السلاح وإطلاق النار بدون تفكير، عندما يتعلق الأمر بشخص أبيض، يفكرون مرتين قبل إطلاق النار أو حتى فرض غرامة”.
بيد أن بختياري يرفض، متحدثا في مكتبه بمبنى البلدية، الاتهامات الموجهة إلى الشرطة الفرنسية.
“بالطبع لا، لا أستطيع أن أسمع هذا النوع من الحجج”، ويبين بختياري “ربما لدينا أشخاص في الشرطة عنصريون، ولكننا لا يمكن أن نقول إن الشرطة نفسها عنصرية، الشرطة تتصرف بشكل جيد جداً هنا في فرنسا”.
لكن تصرفات رجال الشرطة الفردية، مثل الضابط الذي يواجه الآن تهمة القتل العمد لإطلاق النار على ناهل م. البالغ من العمر 17 عاماً الأسبوع الماضي ، ليست سوى نصف القصة.
أما النصف الآخر فيتعلق بالانقسامات التي تكشفها هذه الأحداث داخل فرنسا.
وتجاوزت التبرعات العامة لعائلة ذلك الضابط مليون يورو يوم الاثنين – متفوقة بشكل كبير على المبلغ الذي تم جمعه لعائلة ناهل.