11:34 م
الأربعاء 19 مارس 2025
كتبت- سهر عبد الرحيم:
بعد فترة من الهدوء القصير الذي عاشه الغزيون جراء دخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ يناير الماضي، جاءت إسرائيل لتقوض هذا الاتفاق من خلال استئناف الحرب على القطاع الفلسطيني وتنفيذ تهديدها لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بأن “أبواب الجحيم ستُفتح” إذا لم تفرج الحركة عن جميع الأسرى التي تحتجزهم في قطاع غزة.
وأسفر استئناف قوات الاحتلال الإسرائيلي للحرب على قطاع غزة، منذ فجر أمس الثلاثاء، إلى استشهاد 436 فلسطينيًا، وإصابة 678 شخصًا. فضلًا عن اغتيال قادة ومسؤولين بارزين في حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
وأعلنت حركة حماس، أمس الثلاثاء، استشهاد ما لا يقل عن 5 من قادتها إلى جانب أفراد من عائلتهم، ومن بينهم، رئيس حكومة الحركة في قطاع غزة عصام الدعليس، وهو أيضًا عضو المكتب السياسي للحركة، إذ استهدفت غارة إسرائيلية منزلًا كان الدعليس بداخله، واستشهد ثلاثة من أبنائه واثنين من أحفاده.
ومن بين الشهداء أيضًا، وكيل وزارة الداخلية اللواء محمود أبو وطفة، وأبو عبيدة الجماصي، عضو المكتب السياسي لحركة حماس ورئيس لجنة الطوارئ، وأفرادًا من عائلته، بينهم أحفاده، الذين كانوا في منزله بمدينة غزة عندما تعرض لغارة جوية إسرائيلية.
كما أفادت تقارير فلسطينية، أمس الثلاثاء، باستشهاد العميد بهجت أبو سلطان، رئيس هيئة التنظيم والإدارة بوزارة الداخلية والأمن الوطني في قطاع غزة، والمستشار أحمد عمر الحتة، وكيل وزارة العدل في اللجنة الحكومية التي تديرها حماس.
وفي السياق ذاته، نعت حركة الجهاد الإسلامي وذراعها العسكري “سرايا القدس”، استشهاد المتحدث العسكري باسم السرايا ناجي سيف (أبوحمزة)، قائلة: “بكل فخر واعتزاز، تزفّ حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين إلى شعبنا الفلسطيني العظيم وإلى شعوب أمتنا العربية والإسلامية، القيادي الشهيد أبوحمزة، الذي اغتاله جيش الإجرام في استهداف غادر طال عائلته وعائلة أخيه”.
لكن كيف استهدفت الغارات الجوية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، فجر الثلاثاء، قادة حركتي حماس والجهاد الإسلامي؟، وهل تم تسريب معلومات عنهم؟
يقول المحلل السياسي وخبير الشؤون الشرق أوسطية حسن مرهج، إنه “من المؤسف أن تقوم إسرائيل باستئناف الحرب بعد فترة من الهدوء تنفس من خلالها الغزيين الصعداء، وانهيار اتفاق وقف إطلاق النار، يؤكد بأن التصعيد سيكون سيد الموقف خلال الأيام القادمة”.
ويجيب مرهج خلال حديثه لـ”مصراوي” عن هذه التساؤلات، قائلًا: “ما يتعلق بتسريب المعلومات، فإن هناك تقارير تتحدث عن أن الاستخبارات الإسرائيلية قد حصلت على معلومات دقيقة حول مواقع القادة المستهدفين، مما ساعد في تنفيذ هذه العمليات بنجاح”.
وأضاف “غالبًا ما تعتمد إسرائيل على شبكة من المصادر المحلية والمعلومات الاستخباراتية لجمع البيانات حول تحركات وأماكن وجود قادة الفصائل المسلحة، وعقب وقف إطلاق النار فإن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لم تتوقف عن تتبع من بقي من قادة الفصائل الفلسطينية، خاصة أن هؤلاء قد شعروا بأن الضغط الأمني لم يعد كما في السابق، وهذا ما أعطى الأفضلية لإسرائيل في تتبع القادة”، مشيرًا إلى أن “إسرائيل بصدد القضاء نهائيًا على حركتي حماس والجهاد”.
وفي المقابل، يرى الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني عبد المهدي مطاوع خلال حديثه لـ”مصراوي”، أن عملية اغتيال قادة حركتي حماس والجهاد الإسلامي لا تتعلق بتسريب المعلومات حول تحركاتهم وأماكن تواجدهم، مبررًا ذلك بأن الشخصيات المعلن عن استشهادها هى شخصيات ليست سرية بل معروفة للناس.
وقال مطاوع، إن “ما حدث هو عملية استرخاء من جانب قيادات حركة حماس بسبب اعتقادهم أن الضغط الأمريكي سيمنع إسرائيل من استئناف القتال في قطاع غزة مرة أخرى، فضلًا عن حالة الاطمئنان التي شعر بها عناصر الحركة والتي تمثلت في العودة إلى منازلهم بالقطاع أو أماكن أخرى أقل أمانًا من التي كانوا فيها في السابق”.
وأشار مطاوع، إلى أن إسرائيل جددت معلوماتها مرة أخرى واستطاعت تحديد أماكن تواجد تلك الشخصيات، موضحًا أن ما ساعد أيضًا على اغتيال قادة حركتي حماس والجهاد هو أن انهيار المنازل في قطاع غزة جعل الجزء الأكبر من الفلسطينيين يتواجدون في أماكن شمال القطاع، وبالتالي فإن تحديد الساكنين في الأماكن الأخرى أصبح أسهل كثيرًا.