11:19 ص
الثلاثاء 10 أكتوبر 2023
كتب- مصراوي:
قال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، إن الزيادة السكانية غير المنضبطة لا ينعكس أثرها على الفرد أو الأسرة فحسب، إنما قد تشكل ضررا بالغا للدول التي لا تأخذ بأسـباب العلم في معالجة قضاياها السكانية، مشيرا إلى أنه إذا كنا نؤمن إيمانا حقيقيا بدور العلم وأهميته ودور التخطيط والدراسات المستقبلية في مجال التنمية لا يمكن أن نطلق أحكاما غير مبنية على العلم والدراسة المتخصصة.
ولفت إلى أن قضية تنظيم النسل والمشكلات السكانية هي من المتغيرات التي يختلف الحكم فيها من زمان إلى زمان، ومن مكان إلى مكان، ومن دولة إلى أخرى، بحيث لا يستطيع أي عالم أن يعطي فيها حكما قاطعا أو عاما.
وأضاف وزير الأوقاف – في بيان، اليوم الثلاثاء – أن تصحيح المفاهيم الخاطئة فيما يتصل بالقضايا السكانية يدخل في صميم تجديد وتصويب الخطاب الديني وتصحيح مساره، مشيرا إلى أن نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول: “يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ” (متفق عليه)، فاشترط (صلى الله عليه وسلم) الباءة التي تشـمل القدرة على الإنفاق كشرط للزواج، ومن باب آولى فهي شرط للإنجاب، فما بالكم بالإنجاب المتعدد.
وأوضح أن الكثرة إما أن تكون كثرة صالحة قوية منتجة متقدمة يمكن أن نباهي بها الأمم في الدنيا، وأن يباهي نبينا (صلى الله عليه وسلم) بها الأمم يوم القيامة، فتكون كثرة نافعة مطلوبة، وإما أن تكون كثرة كغثاء السيل عالة على غيرها، جاهلة متخلفة في ذيل الأمم فهي والعدم سواء.
وأشار إلى أن القدرة ليست هي القدرة المادية فقط إنما هي القدرة بمفهومها الشامل بدنيا وماديا وتربويا وقدرة على إدارة شئون الأسرة، وكل ما يشمل جوانب العناية بها والرعاية لها، مضيفا أن القدرة الفردية وحدها مناط الأمر بل الأمر يتجاوز قدرات الأفراد إلى إمكانات الدول في توفير الخدمات التي لا يمكن أن يوفرها آحاد الأفراد بأنفسهم لأنفسهم، ومن هنا كان حال وإمكانات الدول أحد أهم العوامل التي يجب أن توضع في الحسبان في كل جوانب العملية السكانية.
وتابع “إن قضية الصحة الإنجابية لا تقتصر فقط على الجوانب الاقتصادية، إنما يجب أن يبرز إلى جانب هذه الآثار الاقتصادية كل الآثار الصحية والنفسية والأسرية والمجتمعية التي يمكن أن تنعكس على حياة الأطفال والأبوين والأسرة كلها ثم المجتمع والدولة”.
ولفت إلى أن قضية تنظيم النسل والمشكلات السكانية هي من المتغيرات التي يختلف الحكم فيها من زمان إلى زمان، ومن مكان إلى مكان، ومن دولة إلى أخرى، بحيث لا يستطيع أي عالم أن يعطي فيها حكما قاطعا أو عاما، ففي الوقت الذي تحتاج فيه بعض الدول إلى أيد عاملة ولديها من فرص العمل ومن المقومات والإمكانات ما يتطلب زيادة الأيدي العاملة لديها يكون الإنجاب مطلبا، وتكون الكثرة سبيلا من سبل تقدم هذا البلد، أما الدول التي لا تمكنها ظروفها من توفير المقومات المطلوبة من الصحة والتعليم والبنى التحتية وفرص العمل اللازمة، في حالة الكثرة غير المنضبطة تصبح الكثرة هنا كغثاء السيل، وإن أي عاقل ليدرك أنه إذا تعارض الكيف والكم كانت العبرة والمباهاة الحقيقية بالكيف لا بالكم.
وأكد أن المتأمل في الشريعة الإسلامية يجد أنها أولت إعداد الإنسان عناية خاصة، بداية من تكوين الأسرة، مرورا بمراحل الحمل، والولادة، والرضاعة، فكفلت له حقه في الرضاعة الطبيعية حولين كاملين.. موضحا أن قضية تنظيم النسل لون من ألوان وفاء الوالدين بحقوق أبنائهم، فكل رب أسرة مسئول عن أبنائه في التربية القويمة، والتعليم الصحيح، والتنشئة السوية؛ ليكون عضوا نافعا لدينه ووطنه، ولا شك أن الأمم التي تحسن تعليم أبنائها، وإعدادهم وتأهيلهم أمم تتقدم وترتقي، فالعبرة ليست بالكثرة العددية، وإنما بالصلاح والنفع.
وقال وزير الأوقاف إن الأنبياء (عليهم السلام) عندما طلبوا الولد إنما طلبوا الولد الصالح لا مطلق الولد، فهذا نبي الله إبراهيم (عليه السلام) يقول: “رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ”، وهذا سيدنا زكريا (عليه السلام) يقول: “رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ”، ويقول أيضًا: “فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا”، فالعبرة هنا ليست الكثرة ولكن الصلاح.
وأوضح أن تحسين الخصائص السكانية والارتقاء بها يتوقف على ما يمكن أن تقدمه الأسرة والمجتمع والخدمات المتاحة للطفل من مقومات تبني شخصيته بناء سليما صحيا وبدنيا وتعليميا وفكريا وثقافيا، وهو ما يجب أخذه باعتبار بالغ في الثقافة الإنجابية ومراعاته بشدة عند الإنجاب.