كتب- محمد أبو بكر:
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، عددًا جديدًا من مجلة “بوصلة السياسات”، يسلط الضوء من خلالها على منصات السياحة الموحدة التي تم إطلاقها كأحد أوجه رقمنة قطاع السياحة، بجانب خطوات بناء وإطلاق منصة السياحة الموحدة.
أضاف مركز المعلومات، أن ذلك بدءاً من متطلبات عمليات تطوير المنصة، وصولاً إلى هيكل المنصة، والتقنيات التي يمكن تبنيها لتحسين أداء المنصة، واستعرض العدد دوافع الدول لتبني هذا النوع من المنصات، فضلاً عن العوائد المتوقع الحصول عليها ، وذلك من واقع تجارب الدول الرائدة، وأخيراً جاهزية مصر لبناء منصة مماثلة، والجهود التي تم بذلها مؤخراً في إطار تطوير قطاع السياحة.
وأكد مركز المعلومات، أنه مع بداية انتشار تقنيات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، كان قطاع السياحة العالمي في صدارة القطاعات التي تبنت التحول الرقمي على مستوى كل المجالات واستخدام التقنيات التكنولوجية في العمليات التجارية عبر المنصات الجديدة.
ولفت أنه ظهر مصطلح السياحة، الذي يهدف إلى إطلاق الإمكانات المبتكرة لقطاع السياحة بأكمله وتحسين القيمة المضافة للقطاع وتكوين تجارب سياحية فريدة وتطوير نماذج للتعاون المشترك بين القائمين على الصناعة، من خلال تسخير تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في مجال السياحة، بما يشمل تقنيات الواقع الافتراضي، والروبوتات، والبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي.
وأوضح مركز المعلومات أن سوق السياحة الرقمية قد اتسع خلال السنوات الماضية، متأثرًا بتفشي جائحة كورونا “كوفيد 19″، والتي فرضت على الأطراف الفاعلة في القطاع بداية من الجهات التنظيمية إلى الفنادق وشركات الطيران ومواقع السفر والشركات السياحية الصغيرة والمتوسطة، تبني تقنيات التحول الرقمي المتقدمة والاستخدام الذكي للبيانات، إذ ساهمت تلك التقنيات في إعادة بناء قطاع السياحة بشكل أكثر استدامة في أعقاب الجائحة، وانعكس نمو قطاع السياحة الرقمية على حجم سوق السفر عبر الإنترنت في جميع أنحاء العالم، والذي بلغ نحو 474.9 مليار دولار أمريكي خلال عام 2022، ويتوقع له أن ينمو ليصل إلى نحو 521 مليار دولار أمريكي خلال عام 2023 ثم ما يقرب من التريليون دولار أمريكي بحلول عام 2030.
وعرف العدد الجديد الوجهات السياحية الذكية بأنها وجهة تمكن الأطراف الفاعلة من تسهيل وصول السياح إلى المنتجات والخدمات، وتحسين التجربة السياحية باستخدام حلول مبتكرة قائمة على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ما يجعل السياحة مستدامة ويمكن الوصول إليها.
كما تعمل تلك الوجهات السياحية على تطبيق مبادئ المدن الذكية في المناطق الحضرية، والريفية بالتركيز على تخصيص الموارد لدعم السياح خلال الزيارة السياحية بما يشمل حركة التنقل وجودة الحياة، ونتيجة لاعتماد الوجهات الذكية على تطبيقات الهاتف في جمع البيانات، لاقت سوق التطبيقات ومنصات السفر حول العالم رواجاً كبيراً خلال السنوات الماضية، وهو ما انعكس على إيرادات السوق العالمية لتطبيقات السفر، والتي بلغت نحو 1.2 مليار دولار أمريكي خلال عام 2022 مقارنة بنحو 0.56 مليار دولار أمريكي فقط خلال عام 2019، كما يتوقع أن تتضاعف الإيرادات لتصل إلى قرابة 2 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2027.
واستعرض مركز المعلومات دوافع الدول لإطلاق منصة سياحية موحدة، مشيراً إلى العديد من العوائد المتوقعة من إطلاق تلك المنصات ومن أبرزها: توفير قدر كبير من المعلومات والبيانات، والتي قد تنعكس على كل من السياح ومُتخذي القرار، وتحسين التجربة السياحية للمسافرين، حيث تعمل على تسهيل الوصول إلى الخدمات السياحية والانتقال داخل المدن وخارجها، بجانب تعزيز مشاركة الفنادق الصغيرة في بوابات الحجز الكبرى عبر الإنترنت.
ومن العوائد المتوقعة الاندماج في سلاسل القيمة العالمية للسياحة والنظم البيئية الرقمية، بما يوفر سبل الوصول إلى أسواق جديدة للشركات السياحية الصغيرة والمتوسطة، والتنبؤ بالتدفقات السياحية وإدارتها والقياس المستمر والدقيق للبيانات التي يتم الحصول عليها من خلال منصات السياحة ودمجها وتحليلها بواسطة أجهزة الاستشعار عن بعد وأنظمة البيانات الضخمة، وتعزيز النشاط التسويقي للقطاع السياحي وتطوير التخطيط الاستراتيجي للمقصد السياحي من خلال استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لجمع البيانات الديموغرافية للسياح.
وأشار المركز إلى متطلبات إطلاق “منصة السياحة الموحدة” وأبرزها، بلورة أهداف المنصة حيث يتوجب على الهيئات القائمة على المنصة اختيار اسم جذاب لها ووضع رؤى ومهام المنصة، وتحديد الأطراف الفاعلة على المنصة: إذ تتلخص أهمية تحديد الأطراف الفاعلة على المنصة في توضيح الإطار المؤسسي المنوط بتنظيم وإدارة المنصة وذلك لتحديد أدوار والتزامات الأطراف كافة، فضلاً عن تحديد قاعدة مقدمي الخدمات بما يسهل الوصول إلى المستخدمين المستهدفين بشكل فعال.
كما أشار إلى أهمية مراجعة وتنسيق المحتوى المنشور على المنصة، فنظرًا لتعدد الأطراف المتفاعلة على المنصة يتم اقتراح إعداد كتيب لإرشادات النشر على المنصة يكون ملزما للأطراف كافة، وذلك للحفاظ على اتساق المحتوى المنشور على المنصة وتحسين مساهمة الأطراف الفاعلة، على أن يتضمن قوالب للمحتوى وإرشادات التحرير التي يجب اتباعها عند كتابة المقالات والإعلانات المتاحة على المنصة.
ويتضمن كذلك تصميم واجهة المنصة، إذ يمكن أن تتضمن الواجهة أبرز الوجهات السياحية حسب الموضوعات الأكثر بحثًا عنها من قبل المستخدمين على مدار العام، فضلاً عن موجز لأبرز الأخبار المصرية، وحالة وتنبؤات الطقس، كما يمكن تضمين رقم الخط الساخن لوزارة السياحة، ويمكن ربط المنصة بأحد مواقع السفر العالمية.
أشار العدد، فيما يتعلق بهيكل منصة السياحة الموحدة، إلى أنه يمكن أن يتضمن عدداً من الأقسام مثل:
– قسم للوجهات السياحية والذي يبرز المحافظات والمدن السياحية في مصر.
– قسم الأنشطة السياحية الذي يبرز الأنشطة السياحية التي يمكن القيام بها في مصر.
– قسم الإصدارات السياحية والذي يتضمن أعداد النشرة الشهرية التي يقترح أن تقوم المنصة بإصدارها بشكل دوري وتتضمن أبرز الفعاليات والأحداث التي تمت خلال الشهر.
– قسم خطط لزيارة مصر والذي يستهدف دعم وتبسيط التجول والسفر بالخبرات المحلية لتوجيه وإرشاد السياح، بحيث يتضمن دليل زيارة مصر للمرة الأولى والذي يشمل تفاصيل الحصول على الفيزا بما يشمل الإجراءات والمستندات المطلوبة، فضلاً عن كيفية الوصول إلى مصر سواء بحراً أو جواً.
– قسم خدمات السفر الإضافية، والتي تتضمن نصائح الأمان للمسافرين والمعلومات الطبية وأرقام وعناوين السفارات والقنصليات، وأرقام الطوارئ، وأبرز القوانين المحلية العامة، فضلا عن دليل للسياحة، ودليل للمطاعم للزوار النباتيين.
كما استعرض المركز من خلال العدد الجديد أبرز تقنيات بناء المنصة، والتي تشمل الآتي:
– تقنية البحث الذكي والذكاء الاجتماعي.
– الاستناد إلى بيانات مواقع البحث العالمية.
– تقنيات تحسين محرك البحث.
– تقنيات برمجة واجهة التطبيقات.
وفي سياق متصل، تم استعراض عدد من المنصات الدولية وأبرزها؛
– منصة السياحة الإيطالية.
– تطبيق “Digital Tourism Hub”
– منصة وتطبيق “نُسك” للمملكة العربية السعودية، والذي يهدف إلى تحسين جودة الخدمات المقدمة للحجاج باستخدام أحدث التقنيات بالتعاون مع العديد من الجهات الحكومية لتسهيل الإجراءات والسماح لهم بتأدية مناسكهم بكل سهولة وراحة.
واستعرَّض المركز مدى جاهزية مصر لتطوير وإطلاق منصة موحدة للسياحة، حيث تعددت الجهود المبذولة بواسطة عدد من الوزارات والهيئات الحكومية في إطار رقمنة خدمات القطاع السياحي في مصر، وهو الأمر الذي انعكس على زيادة عدد السياح في مصر خلال عام 2022 ليصل نحو 11.7 مليون سائح، أي ما يقترب من مستويات ما قبل جائحة فيروس كورونا المستجد، والتي بلغت نحو 13 مليون سائح خلال عام 2019.
وأطلقت وزارة السياحة والآثار عددًا من المنصات والمواقع الإلكترونية خلال عامي 2022 و2023 سواء للترويج للمقصد السياحي المصري أو لتقديم خدمات إلكترونية للسياح، ومن أهم تلك المنصات الموقع الإلكتروني الرسمي الخدمي لوزارة السياحة والآثار، والذي تم إطلاقه بشكل تجريبي خلال عام 2022، والمنصة الترويجية للهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي، والتي تم إطلاقها خلال عام 2023، كما تم إطلاق النافذة الرقمية الواحدة لسياحة اليخوت الأجنبية بواسطة وزارة النقل خلال عام 2022، كذلك تم إطلاق البوابة المصرية للعمرة خلال شهر نوفمبر 2019.
وأشارت نتائج باروميتر السياحة الصادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في شهر مارس 2023، عن جاهزية قطاع السياحة المصري إلى، نظرة تفاؤلية للمنشآت السياحية بشأن أداء قطاع السياحة والاقتصاد المصري (قيمة المؤشر العام التي بلغت نحو 107.1 نقطة، كما سجلت قيمة مؤشر التوقع المستقبلي قريب المدة “ستة أشهر” لقطاع السياحة نحو 117.4 نقطة)، وهو ما يشير إلى تفاؤل مسؤولي المنشآت السياحية بشأن التوقعات المستقبلية لقطاع السياحة.
كما جاءت تقييمات المنشآت السياحية لأثر السياسات الحكومية على قطاع السياحة إيجابية بشكل كبير (151.1 نقطة)، حيث أكد نحو 61.3% من مسؤولي المنشآت السياحية على الأثر الإيجابي للإجراءات الحكومية على قطاع السياحة، كذلك فقد أجمع الخبراء والقيادات كافة، ضمن نتائج مؤشر باروميتر السياحة الصادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في شهر سبتمبر 2022، على تحسن الوضع الراهن للاستثمارات المنفذة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات داخل قطاع السياحة، كما أفاد نحو 44.4% من الخبراء على تحسن الحملات التي تطلقها الدولة للترويج للسياحة في مصر.
وأشار مركز المعلومات إلى توقعات صندوق النقد الدولي بوصول إيرادات قطاع السياحة في مصر إلى نحو 14.2 مليار دولار خلال عام 2023 /2024 مقارنة بنحو 10.7 مليار دولار خلال عام 2021 /2022، وتقرير (فيتش) بعودة أعداد السائحين الوافدين إلى مصر عام 2024 إلى مستويات ما قبل الجائحة.
واقترح العدد في ضوء مراجعة التجارب الدولية وتقييم جاهزية مصر من واقع الجهود المبذولة والمؤشرات الصادرة عن المؤسسات العالمية، تأسيس منصة إلكترونية موحدة للسياحة في مصر تتيح خدمات حجز تذاكر الطيران والفنادق ومختلف متطلبات العمل السياحي، بما يغلق الباب أمام أي كيانات موازية وبما يعظم من عوائد الدولة، ولتكون بمثابة قناة رسمية يمكن التعامل من خلالها بالنسبة لمختلف الوزارات المعنية بالشأن السياحي ويوفر قدراً هائلاً من المعلومات، والتي قد يتم الاعتماد عليها في وضع خطط الترويج للمقصد السياحي المصري.
وأكد ضرورة أن يتم مراعاة تصميم واجهة المنصة بحث تتضمن عدداً من الخدمات الرقمية من أبرزها أماكن الوجهات السياحية، وطرق التنقل داخل المحافظات المصرية، وتعزيز المنصة بالتقنيات التكنولوجية الحديثة، والتي تساعد على تحسين أداء المنصة وتخزين أكبر قدر من البيانات، وإعداد كتيب لإرشادات النشر على المنصة للحفاظ على اتساق المحتوى المنشور.
كما اقترح تأسيس وحدة تتبع وزارة السياحة؛ لمتابعة المحتوى المنشور على المنصة، وإعداد مجلة شهرية تقوم المنصة بإصدارها بشكل دوري على أن تتضمن أبرز الفعاليات والأحداث التي تمت خلال الشهر، ووضع أجندة للفعاليات المزمع القيام بها بشكل شهري بما في ذلك الأحداث الثقافية والأحداث الرياضية، وإعداد دليل السياحة “سهلة الوصول”؛ لتمكين الفئات الخاصة من كبار السن وذوي الهمم من الاستكشاف والسفر في جميع أنحاء مصر، بجانب ترجمة واجهة المنصة والمحتوى المنشور إلى اللغات الأكثر استخداماً على مستوى العالم، وربط المنصة بتطبيق إلكتروني يسهم في تسهيل الوصول إلى الخدمات الرقمية المتاحة.