02:31 ص
الأحد 29 سبتمبر 2024
كتبت- أسماء البتاكوشي:
قبل نحو عام من الآن، عانت إسرائيل من أسوأ فشل استخباراتي لها على الإطلاق عندما شنت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” هجومًا مفاجئًا، أسفر عن مقتل 1200 شخصا وأسر نحو 250 أخرين.
تلى ذلك هجمات حزب الله اللبناني في شمال إسرائيل، لتستخدم تل أبيب قصة سلاحها الأمثل وهو الجواسيس اللذين طالما زعموا أنهم يستحقون الثناء إلى الواجهة.
وبعد اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، ظهرت العديد من التساؤلات، حول كيف نجحت إسرائيل في اختراق الحزب اللبناني استخباراتيًا بينما فشلت في اختراق المقاومة في قطاع غزة رغم الحصار المفروض عليه.
في تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، فإن هذا التحول يعكس كيف استثمرت إسرائيل وقتها ومواردها على مدى العقدين الماضيين، فمنذ خوضها حربًا ضد حزب الله في لبنان عام 2006، استعدت إسرائيل بدقة لصراع كبير آخر مع الجماعة، وربما مع إيران التي تدعمها.
وعلى صعيد آخر، كان يُنظَر إلى حماس باعتبارها تهديدًا أقل قوة. فحتى قبل وقت قصير من التوغل الإسرائيلي في قطاع غزة في السابع من أكتوبر، كان كبار المسؤولين الإسرائيليين يستبعدون أي مؤشرات تشير إلى وقوع هجوم وشيك.
وفي سبتمبر الماضي، وصف الجيش الإسرائيلي غزة بأنها في حالة من “عدم الاستقرار المستقر”، وخلصت تقييمات الاستخبارات إلى أن حماس حولت تركيزها إلى إذكاء العنف في الضفة الغربية، وأنها تريد الحد من خطر الانتقام الإسرائيلي المباشر.
وتقول كارميت فالنسي، الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب والخبيرة في شؤون الجماعات اللبنانية: “كان معظم تركيزنا منصبًا على الاستعداد للمواجهة مع حزب الله، لقد أهملنا إلى حد ما الساحة الجنوبية والوضع المتطور مع حماس في غزة”.
وحسب وول ستريت جورنال، فقد تركت سلسلة الهجمات الإسرائيلية في لبنان على مدى الأسبوعين الماضيين حزب الله في حالة من الذهول والصدمة إزاء قدرة إسرائيل على اختراق الجماعة، خاصة بعد اغتيال تل أبيب الأمين العام للحزب حسن نصر الله في غارة عنيفة استهدفت المقر العام للحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت مساء الجمعة.
وانفجرت آلاف أجهزة اللاسلكي “البيحر” التابعة لحزب الله، مما أسفر عن استشهاد نحو 37 شخصًا وإصابة نحو 3000 آخرين، وبعد فترة وجيزة، أدت غارة جوية في بيروت إلى اغتيال مجموعة تضم أكثر من اثني عشر من القادة العسكريين النخبة.
وقالت الصحيفة الأمريكية، إن أمن حزب الله لا يزال ضعيفًا. ففي يوم الثلاثاء الماضي، أدت غارة جوية إسرائيلية أخرى في جنوب بيروت إلى مقتل القائد الأعلى للصواريخ في حزب الله.
جاءت هذه العمليات بعد شهرين تقريبًا من إثبات إسرائيل قدرتها على اختراق حزب الله باغتيال القائد الأعلى فؤاد شكر، الذي ظل بعيدًا عن أنظار الولايات المتحدة لأربعة عقود.
وتم اغتيال فؤاد شكر في غارة جوية على شقته في الطوابق العليا من مبنى سكني في بيروت، حيث تم استدعاؤه بمكالمة هاتفية قبل ذلك بوقت قصير.
وأدت الحملة المكثفة التي شنتها أجهزة التجسس الخارجية الإسرائيلية، الموساد، ووحدات الاستخبارات العسكرية، إلى اغتيال عناصر في قيادة حزب الله وتقليص ترسانته من الأسلحة، وقد أعقبت قوات الاحتلال الجوية حملة قصف عنيفة ضربت أكثر من ألفي هدف هذا الأسبوع.
ويعد نجاح إسرائيل ضد حزب الله مقارنة بفشلها فيما يتعلق بحماس، أكدت وول ستريت جورنال، أن هذا يأتي لأن أجهزة الأمن الإسرائيلي أفضل في الهجوم من الدفاع، وفقا لأفنر جولوف، المدير السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي والذي يعمل الآن مع منظمة مايند إسرائيل، وهي مجموعة استشارية للأمن القومي.
وقال جولوف “إن جوهر عقيدة الأمن الإسرائيلية هو نقل الحرب إلى العدو. أما في غزة فكان الأمر مختلفا تماما. لقد فوجئنا، لذا كان الأمر بمثابة فشل”.
وأكدت الصحيفة الأمريكية، أن إسرائيل راقبت عملية بناء ترسانة حزب الله منذ أن وقع الجانبان على هدنة في عام 2006 بعد حرب استمرت شهرًا، وفي ذلك الوقت، كان العديد من أفراد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية يشعرون بخيبة الأمل إزاء أداء الجيش في الحرب، حيث فشل في إلحاق ضرر كبير بحزب الله، الذي بدأ في إعادة بناء موقعه في الجنوب.
ونتيجة لهذا، سعى الجيش إلى فهم حزب الله بشكل أفضل وتقليص الدعم العسكري والمالي الذي تقدمه إيران للمجموعة، بما في ذلك من خلال حملة الغارات الجوية في سوريا والتي أصبحت تُعرف باسم “الحرب بين الحروب”.
وعلى النقيض من ذلك، تبنى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في غزة استراتيجية احتواء حماس في السنوات الأخيرة، معتقدًا أن الجماعة الفلسطينية تركز على حكم غزة وليست مهتمة بحرب مع إسرائيل، إذ كان الجانبان قد خاضا سلسلة من الصراعات القصيرة في أعقاب سيطرة حماس على قطاع غزة في عام 2007، ويبدو أن زعيم الجماعة في القطاع، يحيى السنوار، كان أكثر اهتمامًا بتحسين الظروف الاقتصادية للشعب الفلسطيني.
وكانت هناك دلائل تشير إلى أن حماس كانت تخطط لهجوم، بما في ذلك التدريبات العسكرية التي أنبأت بالطرق التي اقتحمت بها إسرائيل في السابع من أكتوبر، ولكن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية قللت من أهمية هذه التدريبات واعتبرتها مجرد تهديد لجمهور حماس في الداخل، فقد كان الجيش يشعر بالثقة في قوة الجدار العازل المتقدم تكنولوجيًا الذي أقامه لفصل غزة عن الأراضي الإسرائيلية.
وقال عوزي شايا، وهو مسؤول استخبارات إسرائيلي سابق، إن جمع المعلومات الاستخباراتية من مصادر بشرية ربما كانت لتحذر من وقوع هجوم أصبح أكثر صعوبة بعد انسحاب إسرائيل من جانب واحد من قطاع غزة في عام 2005 وتسليمه للسيطرة الفلسطينية.
وأضاف أن “القدرة على خلق استخبارات بشرية في غزة في منطقة صغيرة وكثيفة للغاية، حيث يعرف الجميع بعضهم البعض، حيث يظهر شخص غريب على الفور، تجعل الحياة أكثر صعوبة”، موضحًا أن الوصول إلى الأشخاص في لبنان أو خارجه المرتبطين بحزب الله أسهل.
وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها إسرائيل على مدى فترة طويلة لإضعاف قوة حزب الله العسكرية، فقد نجحت الجماعة اللبنانية في حشد ترسانة هائلة من الأسلحة يمكنها استخدامها في أي حرب، والآن تدرس المجموعة كيفية الرد على سلسلة الهجمات الإسرائيلية المدمرة، فقد أطلق الحزب أول صاروخ له على الإطلاق على العاصمة التجارية تل أبيب يوم الأربعاء، في رده الأكثر جرأة حتى الآن، ولكنه لم يقترب حتى الآن من تنفيذ كل قدراته.
وقالت فالنسي، الباحثة البارزة في معهد دراسات الأمن القومي، إن هناك خطرًا يتمثل في أن النجاحات التي حققتها إسرائيل مؤخرًا قد تجعلها تشعر بثقة مفرطة في نفسها، مضيفةً أن غزو لبنان بالقوات قد يمنح حزب الله الفرصة لإظهار تفوقه العسكري على الأرض.
وأضافت “لقد رأينا مدى صعوبة وتحدي القضاء على منظمة معقدة مثل حماس، لكن حزب الله قصة مختلفة.