06:01 م
الأربعاء 15 مايو 2024
كتبت- سلمى سمير:
يمر اليوم 76 عامًا على قدوم عصابات الاحتلال الإسرائيلي إلى الأراضي الفلسطينية بموجب وعد بلفور “من لا يملك لمن لا يستحق”، الذي كان بمثابة الإذن القانوني لقوات الاحتلال لتشرع تواجدها على الأراضي المحتلة وتبدأ بها مرحلة لم تنته حتى اللحظة من ترحيل أبناء الشعب الفلسطيني من أراضيهم.
في ذات الذكرى التي بدأت عام 48 من القرن الماضي، أحيت المقاومة الفلسطينية اليوم بطريقة مختلفة باستهداف 12 جنديًا إسرائيليًا في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، في وقت تعاني فيه إسرائيل أزمة لا تخفى من نقص أعداد الجنود في ظل خوضها حرب هي الأطول منذ نشأتها بموجب الوعد البريطاني.
كان مخيم جب شمال غزة المنكوب هو بطل القصة اليوم باستهداف القوات الإسرائيلية في مختلف مناطق مخيم جباليا أكبر مخيمات اللاجئين في غزة وهي العملية التي دفعت الجيش الإسرائيلي لسحب معداته من المخيم تحت غطاء عسكري جوي رغم بدئه عملية عسكرية داخل المخيم قبل أيام.
جاءت عمليات القسام في ذكرى “النكبة” داخل مخيم جباليا بعمليات متعددة من قنص جنود الاحتلال داخل مناطق تحصنهم، أو الاشتباك المباشر معهم في شوارع المخيم أو تفجير آلياتهم ودباباتهم أثناء تواجدهم بداخلها باستخدام قذائف “الياسين 105”.
أتى رد المقاومة الفسلطينية، بعد عمليات عسكرية متعددة شنتها إسرائيل على أكبر مخيمات اللاجئين داخل غزة، بذريعة ملاحقة عناصر المقاومة وهو ما قامت إسرائيل في سبيلها بشن أكثر من 100 غارة جوية في يوم واحد على جباليا في العملية التي بدأت قبل أيام، مع صدور التقارير بتجديد حركة حماس صفوفها شمالي القطاع.
سبق عملية جباليا، خسارة أخرى في حي الزيتون مستقبل نازحي عام 48 والذي تعتبره إسرائيل ضمانة إسرائيل لتأكيد بسط سيطرتها على شمالي غزة، حيث جاءت الخسارة في هيئة إعلان انسحاب من الحي الذي شهد عملية عسكرية استمرت 6 أيام دارت خلالها معارك شرسة بين قوات الاحتلال وفصائل المقاومة الفلسطينية بمختلف أسمائها.
خلال المواجهات المسلحة بين فصائل المقاومة وإسرائيل في حي الزيتون، وقعت عدة خسائر بشرية وعسكرية في صفوف الجيش الإسرائيلي آخرها ما أعلنه المسؤولون بإصابة 28 جنديًا في 24 ساعة داخل الاشتباكات الدائرة في شمال غزة، نافذته لعزل مدن القطاع عن بعضها.
احتفال وحسرة
تحمل ذكرى الـ14 والـ15 من مايو شعورًا مختلفًا لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين الذين كان التاريخ الأول لهم فرحة لمنحهم دولة أعلن عنها زعيم الحركة الصهيونية ديفيد بن جوريون وهو الإعلان الذي حظي بمباركة أكبر قوتين في العالم حينها الولايات المتحدة والتي لا زالت صاحبة موقف داعم لإسرائيل والاتحاد السوفيتي المتمثل في روسيا الغير مؤيدة لعدد كبير من الإجراءات الإسرائيلية في المنطقة.
بينما كان التاريخ الثاني شعورًا لا ينتسى للفلسطينيين عقب مواجهتم في اليوم التالي من الإعلان الإسرائيلي قوات الاحتلال تطردهم من منازلهم وأراضيهم وهو ما نزح على إثره أكثر من 750 ألف فلسطيني إلى الضفة الغربية وقطاع غزة ودول مجاورة منها الأردن التي استقبلت أعدادًا كبيرة من الفلسطينيين لا يزالون داخل متواجدين داخل مخيمات معروفة بالأردن.
تلى ذلك اليوم الإعلان العربي، بتجميع جيش يذهب إلى الأراضي المحتلة من أجل طرد العصابات الصهيونية أُوكلت قيادته إلى الضابط السوري فوزي القاوقجي، بينما كانت القوات البريطانية قد خرجت وقتها من الأراضي الفلسطينية عقب أداء مهمتها.
وخلال تلك المواجهة وقف جيش “الإنقاذ” العربي الذي تشكل من جيوش مصر ولبنان وسوريا والعراق والسعودية، أمام عصابات آرجون والبالماخ وشتيرين والهاجاناة الصهيونية التي سيطرت على مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية فور خروج البريطانيين، إلا أن تلك المواجهة لم تمنى بالفوز رغم ذلك وهي ما سمتها إسرائيل “حرب الاستقلال”.
نزوح يليه نزوح
واليوم وبعد مرور 76 عامًا على النكبة لا يزال الفلسطينيين يواجهون نفس المصير بالتهجير الذي لم ينتهي بنزوحهم لغزة، حيث تجددت الكرة مرة أخرى عقب الـ7 من أكتوبر الماضي عندما طالبت قوات الاحتلال الإسرائيليين أهالي شمال غزة بالنزوح نحو الجنوب المُسمى منطقة “آمنة”.
لكن ذلك ذلك يحدث فخلال طرق النزوح وداخل المناطق الآمنة استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين مرات كثيرة داخل المناطق المزعومة بدءًا من شارع صلاح الدين الذي وضعت فيه إسرائيل الكمائن وقنصت وقصفت النازحين أثناء سيرهم إلى “الآمان” ما أدى لاستشهاد أكثر من 70 شهيدًا.
كما قامت إسرائيل بارتكاب المجازر داخل المناطق التي وصل إليها النازحون عقب إعلانها مناطق “آمنة” سواء ما حدث في المواصي الذي ارتكبت فيه إسرائيل مجزرتين أو الفاخورة أو حي الزيتون الذي تشبثت إسرائيل به لفوائده العسكرية الكثيرة له.
وأخيرًا وبعد استقرار أكثر من مليون ونصف نازح داخل مدينة رفح الجنوبية لا تزال إسرائيل تلاحقهم داخل ملجأهم الأخير من خلال إلقاء منشورات عليهم تطالبهم بالتوجه إلى وسط القطاع المدمر الذي طلبت منهم سابقًا النزوح منه، وبدء عمليات عسكرية قالت إنها “محدودة” بذريعة ملاحقة عناصر المقاومة الفلسطينية.