09:08 م
الإثنين 25 مارس 2024
كتبت- سارة أبو شادي
بعد نحو 6 أشهر من حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، وللمرة الأولى منذ بداية حرب السابع من أكتوبر، أصدر مجلس الأمن الدولي قرارًا يطالب بوقف إطلاق النار في غزة بشكل فوري اليوم الإثنين على مدار أسبوعين، وذلك بعد امتناع الولايات المتحدة عن التصويت واستخدام حق الفيتو كما فعلت في المشاريع التي قُدمت على مدار شهور من الحرب.
قرار مجلس الأمن اليوم، دفع إسرائيل لإلغاء زيارة وفد كان سيذهب إلى واشنطن، حيث كان من المقرر أن يسافر رون ديرمر وتساحي هنغبي، أعضاء مجلس حكومة الحرب الإسرائيلية والمقربون من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى الولايات المتحدة لمناقشة العملية العسكرية التي تسعى إسرائيل لشنها على رفح وهو ما تعارضه واشنطن، لكن تمرير القرار أثار غضب نتنياهو، خاصة وأنّ واشنطن عادة ما تحمي إسرائيل من قرارات عدة في مجلس الأمن، لكن تلك المرة لم تساند واشنطن حليفتها تل أبيب.
القرار الذي صدر الإثنين من مجلس الأمن، وفقا للباحث في الشؤون الإسرائيلية غسان محمد في حديثه لمصراوي، يعتبر بمثابة انتصارا للمقاومة الفلسطينية في غزة، ورسالة تحذير قوية لإسرائيل تقول إن العالم لم يعد بإمكانه السكوت على حرب الإبادة الجماعية التي تشنها تل أبيب على القطاع، كما أن امتناع الولايات المتحدة عن التصويت، أيضًا يبعث برسالة مهمة للحكومة الإسرائيلية مفادها أن واشنطن باتت محرجة على الساحة العالمية.
وحول ما إذا كانت إسرائيل ستلتزم بالقرار من عدمه، يعتقد الباحث في الشؤون الإسرائيلية ، أنه لا توجد خيارات تسمح لإسرائيل برفض الالتزام بالقرار، فرفضها قد يعرضها لعقوبات دولية بما في ذلك حظر تزويدها بالأسلحة، بالتالي فإن إسرائيل التي باتت “محشورة” حسب وصفه في زاوية ضيقة بعد صدور القرار ، قد تحاول البحث عن ثغرات للالتفاف عليه وعدم تنفيذه لكن هذا التوقع ضئيل.
وفقًا لـ”غسان”، فإن مجلس الأمن سيكون عليه دراسة الموقف الإسرائيلي، وربما يتجه نحو اعتماد قرار جديد يؤكد فيه على ضرورة تنفيذ القرار الأول وإلا سيتم فرض عقوبات على الطرف الذي ينتهك القرار.
بالرغم من الهجوم الذي صدر عن عدد من المسؤولين الإسرائيليين وعلى رأسهم نتنياهو عقب القرار مباشرة، إلا أنّه وفقا لـ”غسان”، فإنه حتى الآن لم يصدر أي تصريح رسمي عن الجانب الإسرائيلي حول القرار، سواء الالتزام به أو عدم تنفيذه، في المقابل رحبت حماس بالقرار وطالبت بأن يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار، معتقدًا أن الموقف الإسرائيلي لجهة رفض القرار أو الموافقة عليه يتوقف على موقف الولايات المتحدة التي تستطيع إجبار إسرائيل على تنفيذه.
القرار لم يحدد تاريخا دقيقا لوقف إطلاق النار ، واكتفى بالقول أن ذلك يجب أن يتم خلال شهر رمضان، وهذه ثغرة في القرار قد تستغلها إسرائيل لمواصلة الحرب، كان يفترض أن يشدد القرار على وقف إطلاق النار ضمن مهلة زمنية محددة ودقيقة لا تتعدى ٢٤ أو ٤٨ ساعة ،وهذا لم يحدث حسبما تحدث الباحث في الشؤون الإسرائيلية غسان محمد، لذا فوفقًا لقوله فمن المبكر الحكم والقول إن الحرب انتهت، لا يزال هناك الكثير من العمل كي يكون القرار حقيقة على أرض الواقع.
فيما تحدث الدكتور حسن مرهج عميد كلية الإعلام جامعة الناصرة في فلسطين والخبيرة في الشؤون الإسرائيلية، أن قرار مجلس الأمن يعد مؤشر إيجابي وإسرائيل ليست في وضع يمكن أن تعترض على القرار ولا تلتزم به، لأن ذلك يمكن أن يعرضها لعقوبات منها حظر تزويدها بالسلاح، وهي الآن تحتاج للسلاح لأنها بدونه لن تتمكن من استكمال الحرب.
الأمر الأهم وهو أن القرار سيسبب انقسام داخلي في إسرائيل، بل يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على حكومة نتنياهو، وفقا لـ”مرهج” في حديثه لمصراوي، والذي أكد على أنّ خطوة الولايات المتحدة الأمريكية اليوم، ومنعها من استخدام الفيتو ضد منع تمرير القرار، هو تنفيذ لمخطط قد وضع مع عضو حكومة الحرب الإسرائيلية بيني جانتس، أثناء زيارته للولايات المتحدة الأمريكية الأيام الماضية، فجانتس لا يختلف كثيرا عن نتنياهو بشأن موقفه من الحرب على غزة ، لكنه ينصاع بشكل أفضل لأوامر أمريكا وهو حاليا الشخص المناسب الذي سيحل محل نتنياهو.
حال عدم تنفيذ القرار ستتعرض إسرائيل لعقوبات، لذا فلا خيارات أخرى أمام نتنياهو سوى وقف إطلاق النار الفوري دون تأخير أو مماطلة، لأنها إذا لم تلتزم فسيكون بإمكان الأمم المتحدة تفعيل البند السابع ، ووضع عقوبات على إسرائيل أو من يتعامل معها لذا ستكون تل أبيب في عزلة تامة و يضعها في موقف محرج، خاصة وأن موقفها الحالي على مستوى الشعوب ليس الأفضل، لذا فمن وجهة نظر الباحث بالشؤون الإسرائيلية حسن مرهج، أن إسرائيل لن تجرؤ على عدم الالتزام بالقرار.
القرار الذي صدر وفقا لعميد كلية الإعلام جامعة الناصرة، كان بمثابة الصفعة الأولى من واشنطن لتل أبيب بينما يمكن أن تكون هناك صفعة ثانية وهي وقف تصدير السلاح لإسرائيل وهذا يجعلها في خطر أمني كبير بالمنطقة، إضافة إلى أنّ أمريكا نفسها تريد إنهاء الحرب لذلك إسرائيل لا خيارات عدة أمامها سوى الانصياع للقرار.
عقب القرار مباشرة خرجت حركة حماس تعلن ترحيبها بالدعوة إلى وقف فوري للأعمال العدائية، مشددة على”ضرورة التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار”من شأنه أن يؤدي إلى انسحاب جميع القوات الإسرائيلية من غزة.
ويمثل تصويت يوم الإثنين، المرة الأولى التي تسمح فيها الولايات المتحدة بتمرير قرار لمجلس الأمن ينتقد بشدة إسرائيل منذ عام 2016.
كما يعكس الضغط الدولي والمحلي المتزايد على البيت الأبيض لبذل المزيد من الجهد لدفع حليفه لحماية المدنيين وإنهاء القتال في غزة، خاصة وأن القرار طالب بالإفراج الفوري عن جميع الأسرى الذين تحتجزهم حماس، لكنه لم يربط ذلك بالدعوة إلى وقف إطلاق النار، مما أثار إدانة فورية من نتنياهو.