بي بي سي
أثارت إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت ردود فعل قوية في خضم الحرب التي تخوضها إسرائيل على عدة جبهات.
ومن المرتقب أن يُعقد مؤتمر صحفي مشترك، الأربعاء، لقادة المعارضة في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) بعد قرار الإقالة.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان الثلاثاء، إقالة جالانت من منصبه، وعيّن وزير الخارجية يسرائيل كاتس لتولي الوزارة خلفا له، فيما عيّن جدعون ساعر وزيراً للخارجيّة.
وقال نتنياهو: “أزمة الثقة التي حلت بيني وبين وزير الدفاع لم تجعل من الممكن استمرار إدارة الحرب بهذه الطريقة”.
من جهته، علق جالانت عبر منصة إكس بقوله إن “أمن دولة إسرائيل كان وسيبقى رسالته في الحياة”.
واعتبر جالانت خلال خطابه الليلة الماضية، أن إقالته جاءت نتيجة خلافات حول ثلاثة موضوعات هي “قانون التجنيد، والالتزام باستعادة الأسرى، وتشكيل لجنة تحقيق رسمية في أحداث السابع من أكتوبر”.
وتناقلت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية أن نتنياهو سيقيل قادةً في المؤسسة الأمنية، وعلى الفور أعلنت رئاسة الوزراء أن نتنياهو هاتف الليلة الماضية رؤساء الأركان والموساد والشاباك وأبلغهم توقعه استمرار العمل المشترك مع كاتس.
يقول المحلل السياسي إيلي نيسان لبي بي سي إن إقالة جالانت عملية “جنونية”.
ويعتبر نيسان أن إقالته في وقت الحرب أمر غير معقول، مؤكدا وجود اختلاف في وجهات النظر بين نتنياهو و جالانت.
ورأى المحلل السياسي أن خطوة رئيس الوزراء “لا تليق في أيام الحرب”.
ويرى الباحث في معهد ترومان في الجامعة العبرية روني شاكيد، خلال حديث لبي بي سي أن وزير الدفاع الجديد يسرائيل كاتس ليس لديه خبرة وقوة عسكرية مثل جالانت.
واعتبر أن الرابح الوحيد مما يحدث هو نتنياهو، موضحاً أنه فرض رأيه وسياسته على الأرض.
وبعد الإعلان عن فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة، يرى شاكيد أن سياسته حتى هذه اللحظة مجهولة وأن اسرائيل لن تتقدم، بل وستعود إلى ما كانت عليه في الأول من شهر أكتوبر 2023.
خلافات بدأت قبل عام
تقول كبيرة المراسلين السياسيين تال شاليف في موقع “والا”، لبي بي سي إن “الخلافات بين جالانت ونتنياهو بدأت منذ شهر مارس 2023 خلال أحداث التعديلات القضائية”.
وقالت المحللة الإسرائيلية مزال موعاليم لبي بي سي إن الخلاف بين نتنياهو و جالانت في الأساس هو “مسألة سياسية”، معتبرة أن جالانت “كان يخطط لاستبدال نتنياهو في محاولة لإحراجه وجعله ضعيفا أمام العالم”.
واعتبرت موعاليم أن جالانت بدأ هجومه على نتنياهو، لذلك أصدر مكتب نتنياهو بيانا يوضح أن جالانت يتبنى ما سمته “السردية المناهضة لإسرائيل”، ووجه له مكتب الحكومة تهما وصفتها موعاليم “بالصعبة والخطيرة”.
“ليلة جالانت” مرة أخرى
يعد جالانت الوزير الوحيد الذي خرج ضد التعديلات القضائية وصرح أمام العالم بأن ذلك يشكل خطرا على دولة إسرائيل، وبعد مرور 24 ساعة على تصريحاته آنذاك أقاله نتنياهو، وتظاهر الإسرائيليون في جميع أنحاء البلاد بشكل غير مسبوق بمشاركة قرابة مليون متظاهر، وسميت بـ “ليلة جالانت”، بحسب ما قالت شاليف لبي بي سي.
وأعلنت حينها نقابة العمال في إسرائيل إضراباً عاماً، وتراجع نتنياهو عن قراره بإقالة جالانت، ومنذ ذلك الحين توصف العلاقة بين جالانت ونتنياهو بـ “السيئة” علما بأن لجالانت قرارات ووجهات نظر “تعارض رئيس حكومته”.
ترى تال شاليف أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تدعم أي صفقة على الطاولة وتريد التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وفور الإعلان عن إقالة جالانت، تظاهر مئات الإسرائيليين في مدينة تل أبيب وبعض المدن الإسرائيلية حيث أغلقوا بعض الشوارع الرئيسية.
واعتقلت الشرطة الاسرائيلية 40 متظاهراً على ضوء الاحتجاجات في مدينة تل أبيب، حسبما ذكرت صحيفة هآرتس.
وكانت الشرطة الإسرائيلية مستعدة سلفا لاحتجاجات إقالة جالانت وتوقعت مشاركة الآلاف فيها، حسبما ذكرت القناة 12 الإسرائيلية.
وقال مسؤولون في جهازين أمنيين، إن إقالة جالانت في وقت الحرب فعل يفتقر للمسؤولية في ظل انتظار هجوم إيراني محتمل، وفق هيئة البث الإسرائيلية.
وحذّر الرئيس الإسرائيلي اسحق هرتسوغ من “اضطراب سياسي” بعد إقالة وزير الدفاع يوآف جالانت.
فيما أشاد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بقرار إقالة جالانت، وقال في إشارة إلى جالانت: “لا يمكن تحقيق النصر الكامل معه”.
كما دعا زعيم المعارضة يائير لابيد كل المواطنين الإسرائيليين للخروج إلى الشوارع، ودعت عائلات الرهائن الإسرائيليين للتظاهر رفضاً لإقالته.
وعبر كبار مسؤولي المؤسسة الأمنية عن شعورهم بالصدمة من قرار إقالة جالانت، بحسب موقع واللا الإسرائيلي.
وعلق البيت الأبيض بأن جالانت كان شريكاً مهماً للمساهمة في أمن إسرائيل، فيما عبر مسؤولون أمريكيون عن مفاجأتهم بهذا القرار.
“صاحب تصريحات انهزامية”
ورأى نوعام أمير، المعلق السياسي للقناة 14 الإسرائيلية المقربة من نتنياهو، أن خطوة إقالة جالانت كان يُفترض أن تحدث منذ فترة، وقال إن جالانت كان يعلم أن “ساعته تقترب”.
وتحدث عضو الكنيست دان إيلوز، من حزب الليكود، عن ضرورة وجود ثقة مطلقة بين رئيس الوزراء ووزير الدفاع، وبمجرد كسر الثقة يصبح الأمر خطيرا.
وعلقت عضو الكنيست تالي غوتليب من حزب الليكود، على الإقالة بقولها: “أن تأتي متأخراً أفضل من ألا تأتي أبداً”، مشيرة إلى أن جالانت “صاحب التصريحات الانهزامية، ومن يدلي بتصريحات تسيء إلى رئيس الوزراء أثناء الحرب يجب أن يرحل”.
اللاعب الرئيسي
يقول محلل الشؤون العسكرية إيال عليمة لبي بي سي، إن إقالة جالانت في خضم الحرب واستمرار العمليات العسكرية في قطاع غزة دون الوصول لصفقة لإعادة الأسرى سيؤدي إلى “تفجر الأوضاع الداخلية الإسرائيلية “.
وأكد عليمة أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية مهمتها الأساسية هي إعادة الأسرى وذلك يُلزم إسرائيل بوقف الحرب، مشيرا إلى أن رئيس الأركان الإسرائيلي تحدث عن ذلك بشكل علني.
ويرى المحلل السياسي الإسرائيلي إيلي نيسان أن “نتنياهو لا يحب أن يبرز أحد وزراء ائتلافه الحكومي في الساحة ويفضل أن يكون هو اللاعب الرئيسي”.