جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
تمنيت لو أن السلطة الجديدة في دمشق قد حلت كل شيء في البلد، وهي تعلن أحمد الشرع رئيساً انتقالياً، إلا الجيش السوري الذي جرى حله ضمن سواه من كيانات سورية أخرى جرى حلها معاً!
ذلك أننا نتصور أن يتم حل حزب البعث الذي حكم السوريين على مدى ٥٤ سنة، سواء تحت رئاسة حافظ الأسد مرة، أو تحت رئاسة ابنه بشار مرةً ثانية.. ففي الحالتين كان البعث هو الحزب الحاكم، وكان هو الحزب المسيطر، وكان هو الحزب الذي لا حزب غيره في البلد!
وقد اتضح لنا عند سقوط نظام بشار الأسد بالطريقة التي سقط بها، وبالسرعة التي سقط بها، وبالسهولة التي سقط بها، أن الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة كان على حق تماماً عندما كان في زمانه يسمي هذا الحزب حزب العبث!
كان يبدل حروف الكلمة، وكان يسميه هكذا في وقت مبكر جداً، ولم يكن أحد يتصور أن تكون كلمة العبث هي الاسم الذي على مسمى، وإلا، فما هي الحصيلة التي انتهى إليها حكم الحزب، ليس في سوريا وحدها، وإنما في العراق أيضاً.. فهناك في بلاد الرافدين جرى حله أيضاً بعد سقوط نظام صدام حسين الذي حكم هو الآخر باسم حزب البعث ولكن فرع العراق.
فماذا كانت النتيجة؟ خرج العراقيون يسقطون تمثال صدام في كل ميدان، وخرج السوريون بالطريقة نفسها يسقطون تمثال حافظ الأسد في كل ميدان.. فيا لها من حصيلة بائسة، ويا لها من حصيلة محزنة في البلدين.
وعندما دخل بول بريمر العراق حاكماً أمريكياً على بلاد الرافدين بعد سقوط صدام، سارع الى حل الجيش العراقي، وكان ذلك أسوأ قرار اتخذه بريمر كما تبين فيما بعد.
ولا تعرف لماذا لم يستفد الشرع وجماعته من التجربة العراقية؟ ولا لماذا سمح وسمحت جماعته بحل الجيش السوري، مع إن ما تابعناه عند سقوط نظام بشار يقول إن هذا الجيش لم يقف مع بشار، ولم يدافع عنه، ولم يقاتل معه، ولا حتى برصاصة واحدة، وقد كان ذلك ولا يزال مثار دهشة من جانب كل الذين تابعوا تفاصيل سقوط نظام بشار.. ولكن هذه قصة أخرى.
فالجيش السوري لو كان قد وقف مع الرئيس السابق، لكان من الممكن بقاء النظام في العاصمة على الأقل، ولكن لأن هذا لم يحدث، فإن النظام سرعان ما تهاوى وتداعى، ولم تأخذ الحكاية معه أكثر من ١١ يوماً لا تزيد.
وإذا كان هذا هو التصرف الذي قام به الجيش، فالمعنى أنه جيش سوريا، لا جيش نظام حكم دون نظام آخر، والمعنى أنه جيش السوريين لا جيش غيرهم، ولا حتى جيش طائفة فيهم دون طائفة، والمعنى للمرة الثالثة أنه كان أحق بأن يبقى كما هو، لا أن نساوي بينه وبين حزب البعث الذي كان يقتصر على رجال النظام بطبيعة الحال.
أخشى أن تدفع سوريا ثمن حل جيشها، تماماً كما سبق أن دفع العراق ثمن القرار الأحمق الذي اتخذه بريمر.