07:47 م
الإثنين 12 فبراير 2024
القاهرة- مصراوي:
قالت شبكة بلومبرج، في تقرير لها، إنه وسط الأزمة الاقتصادية التي تواجه مصر في ظل حالة من عدم اليقين، هناك شيء واحد يبدو للمصريين مؤكدًا: هو تخفيض آخر لقيمة العملة في الطريق.
وأضافت أن هذه الخطوة المتوقعة ستمثل الجولة الرابعة الرئيسية من خفض الجنيه المصري منذ أوائل عام 2022 – وربما الأكبر حتى الآن. وإذا تم تنفيذها بشكل صحيح، فقد تساعد في تقريب نهاية أسوأ أزمة عملة صعبة تشهدها البلاد منذ عقود، مما يجذب رأس المال الأجنبي إلى الاقتصاد البالغ حجمه 400 مليار دولار وينقذه من الأزمة.
وتتزايد الحاجة الملحة لمصر، نظرا لأنها تواجه احتياجات تمويلية إجمالية تقدرها مجموعة جولدمان ساكس بنحو 25 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة.
لكن توقيت خفض العملة يعتمد على مجموعة من القضايا الخارجية والمحلية، مع قلق السلطات من التأثير الذي قد يخلفه ارتفاع التضخم المصاحب على السكان الذين يعانون بالفعل، وفقا للتقرير
فيما يلي خمسة مجالات رئيسية يجب مراقبتها من أجل تحديد موعد خفض العملة:
1- تضييق الفجوة بين السوق السوداء وسعر الصرف الرسمي
بعد أن وصل الجنيه إلى مستوى قياسي بلغ أكثر من 70 جنيهًا للدولار الأمريكي في السوق السوداء في مصر في وقت سابق من هذا الشهر، شهد الجنيه انعكاسًا جزئيًا. ومع الحملات الأمنية الأخيرة التي أجبرت العديد من التجار غير الشرعيين على وقف عملياتهم، يتراوح سعر الدولار الآن بين 60-65.
ورغم أن سعر السوق السوداء لا يزال حوالي ضعف سعر الدولار الرسمي الذي يبلغ حوالي 30.9، فإن المزيد من التبريد سيجعل من السهل خفض قيمة العملة.
ويشير سوق المشتقات، الذي يستخدم للتحوط من المخاطر والمضاربة، إلى انخفاض حاد في قيمة العملة المصرية في المستقبل حتى مع قيام التجار بتقليص الرهانات على انخفاض العملة المصرية.
وتراجعت العقود الآجلة غير القابلة للتسليم على الجنيه بشكل طفيف من مستوى قياسي مرتفع، حيث وصل سعر الدولار فيها أجل 12 شهرًا الآن أقل بقليل من 59، مقارنة بذروة بلغت حوالي 67 في أواخر يناير.
وترى بعض البنوك العالمية تعديلاً أصغر مما توقعه المستثمرون. ويتوقع بنك سوسيتيه جنرال أن تسمح مصر لسعر الصرف بالتراجع إلى نطاق 40-45 جنيها للدولار، وهو توقع مشابه لتوقعات دويتشه بنك.
وقالت آنا فريدمان وأوليفر هارفي، الاستراتيجيان في دويتشه بنك، في مذكرة: “من المرجح أن تتحرك السلطات بحذر في ضوء الخلفية الخارجية غير المؤكدة والمتقلبة”. “ما زلنا نرى سعر الصرف كعرض وليس كسبب للوضع الصعب الذي تجد مصر نفسها فيه.”
2- أدلة من صندوق النقد الدولي
يحث صندوق النقد الدولي مصر منذ أشهر على إضعاف عملتها. وتعد هذه القضية عاملا رئيسيا في المحادثات بشأن اتفاق جديد موسع مع الصندوق والشركاء قد يضمن لمصر تمويلا بنحو 10 مليارات دولار.
وهذا يجعل أي تعليق من مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا مفيدًا لدراسة الإشارات المتعلقة بتوقيت تخفيض قيمة العملة. وقالت هذا الشهر إن الصندوق ومصر كانا في “المرحلة الأخيرة” نحو التوصل إلى اتفاق ووصفت العمل مع مصر بأنه “أولوية قصوى بالنسبة لصندوق النقد الدولي” في اجتماع مع رئيس وزرائها. وقد يكون هناك المزيد من القرائن القادمة.
3- رفع أسعار الفائدة
عادة ما تضعف مصر عملتها بالتزامن مع تشديد السياسة النقدية، وهي خطوة تسعى إلى كبح الطلب المحلي وجذب الاستثمار في الأصول المحلية من خلال جعل العوائد أكثر ربحية.
ورفع البنك المركزي سعر الفائدة في نفس اليوم الذي خفض فيه قيمة العملة مرتين في عام 2022، وقام بزيادة كبيرة للفائدة قبل أقل من أسبوعين من آخر تخفيض.
ورفع البنك المركزي في الأول من فبراير سعر الفائدة على الودائع للمرة الأولى منذ أغسطس إلى 21.25% – وهو أعلى مستوى على الإطلاق، و على الرغم من أن ذلك لا يستبعد اتخاذ خطوة أخرى قريبًا.
وقال الاستراتيجيون في بنك سوسيتيه جنرال في تقرير إن الخطوة الأخيرة “يمكن أن تبشر بحزمة سياسات واسعة النطاق، من المحتمل أن يحددها صندوق النقد الدولي لفتح التمويل”.
4- الصفقات الكبيرة تؤتي ثمارها
طرحت مصر أكثر من عشرين من الأصول المملوكة للدولة- من البنوك إلى محطات توليد الكهرباء ومحطات الوقود- في المزاد العلني سعياً لتأمين النقد الأجنبي. وانتعشت المبيعات بعد بداية بطيئة، حيث أعلنت مصر عن أكثر من ملياري دولار في النصف الثاني من عام 2023.
ومن الممكن أن يمنح استثمار كبير جديد السلطات القوة المالية اللازمة لخفض قيمة الجنيه دون التعرض لخطر الانخفاض الزائد عن الحد. أحد هذه الاحتمالات ينطوي على محادثات تجريها أبو ظبي لشراء وتطوير مساحات من مدينة رأس الحكمة، وهي منطقة متميزة على ساحل البحر الأبيض المتوسط في مصر، في مشروع قدرت تكلفته مبدئيا بـ 22 مليار دولار، وفقا للتقرير.
لكن المحللين في بنك باركليز يتساءلون عما إذا كان الجدول الزمني المطول المحتمل لأي صفقة من شأنه أن “يحقق فوائد فورية” لمصر، خاصة أنه من غير المؤكد حجم الاستثمار الأجنبي المباشر الذي قد تتلقاه البلاد نتيجة لذلك.
وقال الاقتصاديون في بنك باركليز، ومن بينهم إبراهيم رزق الله، في تقرير: “إن الاحتياجات التمويلية الملحة لمصر أثرت على توقعاتها، مما يشير إلى التأثيرات المحدودة على المدى القريب لمشروع رأس الحكمة”.
5- موعد قدوم شهر رمضان
إحدى العثرات في التوقيت تتعلق بموعد قدوم شهر رمضان المبارك، والذي من المقرر أن يبدأ هذا العام في 11 مارس تقريبًا، وقد تشكل الفترة السابقة عن رمضان موعدًا نهائيًا غير رسمي لخفض قيمة العملة. فمن غير المرجح أن تنتظر السلطات حتى ذلك الحين لتعرض المصريين لصدمة أسعار مفاجئة.
ربما تقوم الحكومة بإعداد السكان لارتفاع التضخم. وأعلنت الأربعاء الماضي زيادة الحد الأدنى لأجور موظفي الدولة بنسبة 50% اعتبارا من مارس كجزء من حزمة حماية اجتماعية أوسع تقول السلطات إن قيمتها تبلغ نحو 180 مليار جنيه (5.8 مليار دولار).
وقال فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي في بنك جولدمان ساكس، إنه من المحتمل أن تسمح مصر بقدر أكبر من المرونة في الجنيه مع الاستمرار في “إدارة سعر الصرف الرسمي في المستقبل المنظور”. ولا يزال الطلب على العملة الصعبة مرتفعا في وقت لا يملك فيه النظام المصرفي سيولة كافية من العملات الأجنبية.
وقال سوسة: “للتغلب على هذه التحديات، نعتقد أن هناك حاجة إلى مزيد من تشديد السياسات ويجب على القطاع الرسمي بناء احتياطيات كافية من السيولة بالعملة الأجنبية قبل أي محاولة لتوحيد سعر الصرف عن طريق تخفيض قيمة العملة”.