12:45 م
الأربعاء 23 أكتوبر 2024
كتب- أحمد جمعة:
قالت النقابة العامة للأطباء، إنها طلبت من الدكتور جابر جاد نصار، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق ورئيس جامعة القاهرة الأسبق، إعداد مذكرة قانونية بشأن مدى إخضاع العيادات الطبية للتراخيص وفقًا لقانون البناء، بعد شروع أجهزة الحكم المحلي في المحافظات بمطالبة الأطباء بضرورة التصالح والحصول على ترخيص لتحويل هذه العيادات من سكني إلى إداري.
ووفق بيان للنقابة، جاء ذلك بناءً على الاجتماع الطارئ لمجلس النقابة العامة للأطباء برئاسة النقيب العام د. أسامة عبد الحي، مع مجالس النقابات الفرعية، الجمعة الماضية.
وجاءت المذكرة القانونية التي تلقتها نقابة الأطباء، متفقة مع الموقف والرأي القانوني للنقابة منذ بداية الأزمة، حيث أكدت أن العيادات الطبية وغيرها من المنشآت الطبية لا تخضع مطلقًا بأي شكل كان لقانون البناء رقم ۱۱۹ لسنة ۲۰۰۸ ولا التصالح عليه، وأن العيادات الطبية والمستشفيات الخاصة وما في حكمها تخضع لقانون المهن الطبية، وهو الأمر الذي استقرت عليه مراكزها القانونية حتى قبل إصدار قانون المهن الطبية عام ١٩٨١، وفق البيان.
وأوضحت أن قرارات المحافظين في هذا الشأن مخالفة للقانون والدستور، وتعد اغتصابًا للسلطة واعتداء على الملكية الخاصة، وعلى أوضاع قانونية سليمة استقرت منذ عشرات السنين.
وأكد نقيب الأطباء، أن النقابة أرسلت خطابًا إلى رئيس مجلس الوزراء د. مصطفى مدبولي، ورئيس مجلس النواب المستشار الدكتور حنفي جبالي، ونائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية وزير الصحة والسكان د. خالد عبد الغفار، ووزيرة التنمية المحلية د. منال عوض، يتضمن المذكرة القانونية، وتأكيد النقابة على ضرورة عدم مطالبة الأطباء أصحاب العيادات الخاصة بالتصالح على عياداتهم وتحويلها من سكني لإداري.
وشدد عبد الحي على أن النقابة تواصل جهودها من أجل حل هذه الأزمة، بما يضمن الحفاظ على حقوق الأطباء.
بالإشارة إلى المذكرة القانونية التي تلقتها نقابة الأطباء، فإنها أكدت أن العيادات الطبية ملكية خاصة تتمتع بالحماية الدستورية من حيث ضرورة صونها وعدم إرهاقها بقيود تعيق الانتفاع بها. وقد أكدت ذلك المحكمة الدستورية العليا إذ ذهبت في حكمها بتاريخ ٢٠٠٥/٥/٨ في الدعوى الدستورية رقم ٥١ لسنة ٢٤ ق د إلى أنه “وحيث إن الدستور، إعلاءً من جهته لدور الملكية وتوكيدًا لإسهامها في صون الأمن الاجتماعي، كفل حمايتها لكل فرد، ولم يجز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء وفي الحدود التي يقتضيها تنظيمها. ومن أجل ذلك، حظر الدستور فرض قيود على الملكية الخاصة تتنافى مع وظيفتها الاجتماعية أو يكون من شأنها تعطيل الانتفاع بها بما يفقدها علة وجودها وينحدر بالحماية المقررة لها إلى ما يفرغها من مضمونها، ذلك أن صون الملكية الخاصة وإعاقتها لا يجتمعان”.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن صون الدستور للملكية الخاصة مؤداه أن المشرع لا يجوز أن يجردها من لوازمها، ولا أن يفصل عنها بعض أجزائها، ولا أن ينتقص من أصلها أو يغير من طبيعتها دون ما ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية. وكان ضمان وظيفتها هذه يفترض ألا ترهق القيود التي يفرضها المشرع عليها جوهر مقوماتها، وكان صون الملكية وإعاقتها لا يجتمعان، فإن هدمها أو تقويض أسسها من خلال قيود تنال منها، ينحل عصفًا لها منافيًا للحق فيها”.
وعلى ذلك، فإن العيادات الطبية إنما هي مال خاص مملوك لصاحبه، ولا يجوز إرهاقه بقيود تمنع الانتفاع به. ومن ذلك بالتأكيد فرض رسوم باهظة على كل متر بدعوى تحويل المنشأة إلى نشاط مهني، وهو الأمر الذي لا يرتكن على نص قانوني معتبر، بل إنه يخالف جهرًا نصوص القانون رقم ٥١ لسنة ۱۹٨١ بشأن تراخيص المنشآت الطبية. ومن المعلوم والثابت في علم القانون والتشريع أن حين تتزاحم النصوص القانونية فإن الخاص يقيد العام. ومن ثم فإن القواعد والنصوص التي وردت في قانون ممارسة المهن الطبية هي نصوص خاصة تمنع من تطبيق أي نصوص أخرى تتعلق بالقانون العام، وهو قانون البناء، حتى مع التسليم بتزاحم هذه النصوص، وهو أمر غير وارد في هذه الحالة.
وأشارت المذكرة القانونية إلى أن البين من مواد إصدار القانون ۱۱۹ لسنة ۲۰۰۸ بإصدار قانون البناء أن نطاق تطبيقه هو تراخيص البناء. وعلى ذلك، فإن أحكامه لا تنصرف إلى تنظيم التراخيص المهنية، أي تلك التي ترتبط بمباشرة المهنة. فهذه التراخيص تختص بها جهات أخرى وينظمها قوانين أخرى كالقانون رقم ٥١ لسنة ۱۹۸۱ بشأن تنظيم المنشآت الطبية، وقانون ١٥٤ لسنة ۲۰۱۹ بشأن المحال العامة، وقانون ٤٥٣ لسنة ١٩٥٤ بشأن المحال المتعلقة بالراحة والمضرة بالصحة والخطرة، وتراخيص المنشآت الفندقية وفقًا للقانون رقم 1 لسنة ۱۹۷۳.
وتابعت: على ذلك، يتضح ابتداءً عدم خضوع العيادات الطبية لقانون البناء بأي وجه كان؛ فالعيادات الطبية الفردية أو المستشفيات تحظى بتنظيم قانوني يختص بالترخيص لها، وكيفية إدارتها وتشغيلها على الوجه الذي ينظمه قانونها. وآية ذلك هو مسمى القانون نفسه؛ فهنا يسمى قانون البناء رقم ۱۱۹ لسنة ۲۰۰۸، وهناك يسمى قانون تنظيم المنشآت الطبية رقم ٥١ لسنة ١٩٨١.
كما أكدت أنه ليس ثمة صلة بين العيادات الطبية والمستشفيات والقانون رقم ١١٩ لسنة ۲۰۰۸، إذ لم ترد في نصوصه لفظ منشأة طبية، سواء فردية أو جماعية. وبناء عليه، فإن تطبيق هذا القانون على العيادات الطبية من قبل أجهزة الإدارة المحلية غير صحيح، ويخالف صحيح القانون.