11:40 ص
الخميس 04 أبريل 2024
كتب- سامح غيث:
أضاء الشموع وانتظر خروج زوجته من “الحمام” ليحتفلا بعيد ميلادها الـ 44، فوقعت عيناه على “الدبلة”.. أمسك بها ليُلبسها إياها فور خروجها؛ تفاؤلا ببدء عام جديد. تسمرت عيناه أمام الاسم المنقوش على “الدبلة” ليس اسمه، إنه اسم خطيب ابنتهما.
عندما واجه الزوج زوجته، لم تُنكر لكنها ردت بحدة ممزوجة بالبجاحة والفجور:” أيوه بحبه.. وجدت معه أنوثتي التي افتقدتها طيلة السنوات الماضية”. غضبت الابنة وغرست سكين في قلب أمها منهية حياتها في الحال.
من واقع كتاب “أغرب القضايا” للمستشار بهاء أبو شقة، وكيل مجلس الشيوخ، نروي قصة مقتل سيدة على يد ابنتها وكيف نجت الابنة من السجن.
بحثا عن الرزق، ترك الشاب الفقير بلدته في صعيد مصر وانتقل إلى القاهرة. وجد ضالته في ورشة أحذية يمتلكها رجل مسن- ليس له أولاد.. كان وحيدا في الحياة بعد وفاة زوجته-، بمرور الوقت استبد المرض بصاحب الورشة، أقعده طريح الفراش، اعتنى الشاب بالرجل وداوم على علاجه.
“يابني كتبت الورشة باسمك” .. قالها المُسن قبل وفاته للشاب الذي اعتنى به. شيئا فشيئا، كبرت الورشة وذاع صيت الشاب، الجميع يتحدثون عن مهارته. في يوما ما التقى الشاب بفتاة تحضر إلى الورشة لشراء أحذية نسائية للاتجار فيها “دلالة”.
ظلت تتردد مرات كثيرة على الورشة وبدأنا نتجاذب أطراف الحديث، لمست كلماتها قلبي خصوصا كفاحها في الحياة، أعجبني فيها الصدق والأمانة، وقررت الارتباط بها. يقول الزوج بحسب كتاب “أبو شقة”.
تزوجا، وأقاما في فيلا بإحدى مناطق الجيزة الراقية، رُزقا بابنة وثلاثة أولاد.
في إحدى شقق العقار المواجه للفيلا كان يسكن شاب يعمل في إحدى المستشفيات ذاع صيته بين أهالي الحي أنه طبيب يعمل في منطقة قريبة الجميع يتحدث عن مواقفه النبيلة.
في ليلة مشئومة مرضت الزوجة فطلب زوجها من أحد الجيران أن يدله على طبيب، فأرشده على ذلك الطبيب. الذي حضر وأعطاها الأدوية التي سكنت آلامها وطلب منها المداومة عليها لمدة أسبوع، كان يتردد يوميا على المنزل حتى تماثلت الزوجة للشفاء.
بعد ثلاثة أشهر من شفاء الزوجة وأثناء حديثها مع زوجها في شيئ جاد قطعت الحديث وأشادت بالطبيب ولم تكن هذه الإشادة الأولى كانت تسرد محاسنه وتتغنى بمهاراته وأن له الفضل في إنقاذ حياتها.
شعر الزوج بالغيرة فردت ضاحكة: ده جاي يطلب ايد بنتك” فتبدلت ثورته وفرح، ووافق دون تردد. في جو رومانسي تمت الخطوبة وعمت الفرحة الجميع، لكن سرعان ما تبدلت مشاعر الابنة وقررت إنهاء الخطوبة، حاول الأب منعها جاهدا دون جدوى، فكانت تجهش بالبكاء دون إبداء أسباب.
“مراتك يا محترم على علاقة مع عريس بنتك”.. مضمون رسالة تركها مجهول للزوج أثناء ممارسة عمله في الورشة، أدرك بعدها سر التغيير المفاجئ لمشاعر ابنته، وعلم الزوج بعدها أن “سيرة زوجته على كل لسان”، واجه زوجته فاعترفت أنها نزوة وقفت عند حد الإعجاب.
هربا من أحاديث الناس ترك الزوج وأسرته “الفيلا” وانتقلوا للعيش في مسكن آخر، وفي عيد ميلاد زوجته الـ 44 قرر الزوج أن يحتفل معها بمفردهما اشترى تورته وهدية ثمينة .. أضاء الشموع.. كانت الزوجة في “الحمام” وقعت عين الزوج على الدبلة .. أمسك بها ليلبسها إياها فور خروجها من الحمام تفاؤلا ببدء عام جديد تسمرت عيناه أما الإسم المنقوش على الدبلة ليس اسمه.. إنه اسم الطبيب “خطيب ابنته سابقا”.. وعندما واجهها ردت بحدة ممزوجة بالبجاحة والفجور :”آه بحبه .. لقيت معاه أنوثتي اللي افتقدتها معاك”.. فأمسكت الابنة بسكين الذي أحضره والدها لتقطيع التورتة وغرسته في قلب أمها.
ترك الأب جثة زوجته، وخرج يبحث عن عشيقها في كل مكان، دون جدى، فتوجه إلى المستشار بهاء أبوشقة : “قتلت مراتي الليلة اللي فاتت ..لازم اعترف إني قتلتها أمام الشرطة والنيابة والمحكمة وأمام الدنيا كلها”
بسؤال الابنة أكدت تلك العلاقة الآثمة بين الأم وخطيبها وأنها أنهت الخطوبة بعدما اكتشفت تلك العلاقة.
كشفت التحقيقات أنه لم يكن طبيبا، كان أفاقا نصابا يبتز أمولها واعتاد ذلك مع غيرها، وأنه طبيب مزيف فشل كطالب في كلية الطب ولم يكمل دراسته، ينتقل من مكان لآخر ويعيش من عرق السيدات المخبولات المفتونات عالة على أموالهن.. وشرط أساسي لاختيار ضحاياه أن يكونن أكبر منه سنا لابتزاز أموالهن.
النيابة العامة أحالت القضية إلى محكمة الجنايات وبدأ أبوشقة دفاعه عن المتهم بمقولة الإمام محمد عبده “إن خير موارد العدل القياس على النفس”. وطرح سؤالا يفرض نفسه على منطق الدليل في هذه القضية هو: لو أيا منا ساقه قدره الأليم وحظه العاثر في أن يعيش فصول هذه المأساة التي عاشها المتهم .. فماذا هو فاعل”.
إن المجني عليه الحقيقي وبحق هو الزوج الذي تلقى طعنة غادرة في شرفة.. في كيانه.. في عرضه أمام نفسه .. أمام أولاده.. أمام الحي الذي عاش فيه.. كانت كفيلة بأن تجهز عليه.. تحطمه.. تقضي عليه قضاء مبرمًا.
رفُعت الجلسة للمداولة. في هذه الأثناء وصل خبر أن الطبيب العاشق قد ترك مسكنه وهرب إلى مكان مجهول، وأنه وجد مقتولا في شقة بإحدى المناطق النائية في أطراف القاهرة وأن البحث مازال جاريا للوصول إلى سر الحادث والقبض على القاتل.
حكمت المحكمة بحبس المتهم سنة مع الإيقاف عن تهمة قتل زوجته.
اختتم أبوشقة في كتابة : مرت الأيام وانقطعت سيرة الرجل وإذا بي وأنا في طريقي إلى مكتبي بصوت يناديني، ذكرني بنفسه، وأنه يخاف يخاف من القتل ومن رؤية الدم، فسألته لماذا قتلت زوجتك وأنت تخاف رؤية الدم؟
فأجاب: لم أقتلها.. بنتي اللي قتلتها.. أنا كنت جايب التورته عشان احتفل بعيد ميلاد بنتي وكنت موجود أنا وبنتي واولادي وبنتي شافت الدبلة فواجهت أمها التي أصرت على حبها للعشيق وطلبت أن نتركها تعيش حياتها على نحو آثم غير عابئة بكرامة زوجها.
لم تتمالك الابنة نفسها وأمسكت السكين وأخذت تطعنها حتى لفظت أنفاسها الأخيرة.
واستكمالا لمسيرة الكفاح التي بدأها طلب الأب من أبناءه التوجه فورا لجدتهم وأنه سيعترف بقتل والدتهم.
بعد عدة أعوام قرأ أبو شقة نعيا في إحدى الصحف يتضمن وفاة الرجل، فتوجه لتقديم واجب العزاء، وطلبت الابنة لقاء أبو شقة وأخبرته أن والدها وراء قتل الطبيب عشيق أمها وأنه بالفعل اتفق مع أحد المتهمين الخطرين الذي أمضى مدة عقوبته وكان في سبيله للإفراج عنه، أن يقتله نظير مبلغ مالي وبالفعل زج في طريقه إحدى بائعات الهوى التي صاحبته إلى مسكنه وأسكرته حتى الثمالة ثم قامت بقتله وانصرفت ولم تتوصل التحريات إلى معرفة الحقيقة.