جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
لا شك أن المجزرة الإنسانية الأخيرة في مدرسة التابعين في غزة، واستشهاد أكثر من 125 مدنيًا، وصور أشلاء الأطفال والنساء والرجال، مشهد أصبح متكررًا، نتيجة الصمت العربي والدولي، فكل شيء مباح ومستباح لنتنياهو وحكومة إسرائيل اليمينية المتطرفة لتفعل ما تريد، في أي وقت وفي أي زمان وأي مكان، ولا نملك إلا التنديد والرفض، وهم مستمرون في جرائمهم بحجة أن هذا سيكون سببًا في إتمام صفقة الرهائن الإسرائيلية، بينما يقوم وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن بإبلاغ نظيره الإسرائيلي جالانت بتحريك حاملة طائرات أمريكية (إبراهام لينكولن) وغواصة نووية محملة بالصواريخ لدعم إسرائيل تحسبًا للضربة الإيرانية خلال الساعات القادمة.
فالعالم كله يتوقف بسبب الإنسان الإسرائيلي، أما الإنسان الفلسطيني فهو في حالة نسيان ولا وجود له.. وأتعجب من موقف العالم كله، وخاصة بايدن الذي يعتبر هو الشيطان الحقيقي في العالم، الذي يعمل منذ أكثر من 10 شهور على إدارة الصراع في غزة وليس إنهاء الحرب، لأنه صهيوني ويهودي، وما حدث من قتل أسير وإصابة اثنتين هو دليل عملي وواقعي على الضغط الذي يمارس على حراس الرهائن من حماس والجهاد والفصائل الفلسطينية، وكل رئيس أمريكي سيفعل ذلك أيضًا، ومعه الأوروبيون المتواطئون تواطؤا فاضحًا، فهم يجيّشون الأساطيل وأحدث طائرات إف 22 في البحر والبر والجو، تحسبًا لرد الفعل من إيران وحزب الله على إسرائيل، ويطالبون بإجلاء رعاياهم من لبنان، ولكن لم نسمع صوتًا أوروبيًا أو أمريكيًا بإجلاء رعاياهم من إسرائيل، وهذا هو الوضع الحقيقي، فنحن كفلسطينيين وعرب أصبحنا خارج أجندة الأمريكان والأوروبيين، وليس لنا وزن أو قيمة أو وجود، في سبيل تحقيق المشروع الصهيوني إسرائيل الكبرى، على حساب الشهداء والأبرياء في غزة.
انتبهوا يا عرب ويا مسلمون، فإن ترامب لا يختلف عن بايدن، وإن أخطر ما قاله ترامب في حملته الانتخابية هو إسقاط الأديان من العلاقات الدولية، والاعتماد على الإعلام والمال، خوفًا من الدين الإسلامي، فهو ينشر ما يسمى بـ(الإسلاموفوبيا).
وأذكركم بمقولة شارل ديجول للشعب الجزائري قبل الثورة (لقد فهمتكم)، واليوم ها نحن نرى النتنياهو يحقق المخطط الصهيوني (من النيل إلى طهران) ويقول للمقاومة والشعب الفلسطيني والعربي والإسلامي (لن أفهمكم أبدًا) وهذا هو الفرق بين القائد التاريخي لفرنسا والبلطجي العالمي نتنياهو.
والجريمة الكبرى الأخرى، الآن، أن وزير الخارجية الإسرائيلي يدعو لضرب مخيم جنين في الضفة الغربية واعتباره امتدادًا لغزة، بزعم أنه محور الشر للمد الإيراني والمقاومة من حماس والجهاد.
وما نراه في الضفة الغربية التي هي قريبة أو متداخلة مع المدن الإسرائيلية، أنه لا وجود للسلطة الفلسطينية ولا اعتبار لها على الإطلاق، بدليل أن الكنيست الإسرائيلي صوّت بالأغلبية المطلقة على عدم إقامة دولة فلسطينية، فإسرائيل تستخدم شماعة وجود بعض عناصر من الجهاد أو حماس في مدرسة التابعين رغم أنه لا وجود لهذا الأمر على أرض الحقيقة والواقع، ولكن نتنياهو يحتقر العالم، ويحتقر العرب والمسلمين، ويفعل ما يريد وما لا يريد، ولن تتم صفقة تبادل الرهائن؛ لأن اختيار يحيى السنوار رئيسًا للمكتب السياسي لحماس بعد استشهاد إسماعيل هنية، هو ضربة استباقية من المقاومة لرئيس الوزراء الإسرائيلي شخصيًا ومعه بن غفير وسموتريتش، فالسنوار مهندس المقاومة الحقيقية على الأرض، سيكون كالكابوس للحكومة الإسرائيلية المتطرفة، رغم كل المحاولات التي تدعي أمريكا القيام بها لوقف الحرب في غزة، لكن الحقيقة أن ذلك هدفه ألا تتم ضربة إيران وحزب الله على إسرائيل، فهو اتفاق تكتيكي أمريكي إسرائيلي على توفير مزيد من الوقت لتحقيق قيام الدولة اليهودية.
والسؤال الذي يطرح نفسه، لنا كعرب وكمسلمين وكل أحرار العالم: ماذا بعد لو استمرت إسرائيل في المذابح والإبادة الجماعية لأهلنا الفلسطينيين وانتقلت إلى أهلنا في الضفة الغربية والقدس الشريف؟ ويدخل على الخط أيضا المستوطنون الذين يقتلون أهلنا في الضفة أمام أعين العالم.. هل العالم تعود على المذابح والإبادة والاستشهاد اليومي لمئات الأطفال والنساء والرجال في غزة؟ حتى أصبحت صورة متكررة لا ينفعل لها الناس ولا تؤثر في أحد في العالم؟ أم ماذا يحدث لهذه الغيبوبة التي أصابتنا كحكومات عربية وإسلامية وعالمية؟
إلى متى سنظل خائفين وخانعين ومستسلمين لمخطط النتنياهو؟ هل ستظل مصر وقطر تلعبان دور الوسيط مع الجانب الآخر، بينما إسرائيل تنسف الوسطاء، بل تشكك في مصداقيتهم أيضًا؟!.
القضية يتم تأخيرها حتى يصل ترامب إلى الحكم ويتم مواجهة إيران، وإسرائيل ستضرب المفاعلات النووية الإيرانية في المرحلة القادمة وقريبًا جدًّا سواء ضربت إيران أم لم تضرب، هذا هو المخطط الذى يتم تأجيله حتى تقترب الانتخابات الأمريكية، ونحن نتساءل: لماذا لا تقوم إيران وحزب الله بضرب المفاعل النووي الإسرائيلي والمواقع الاستراتيجية وشركات البترول والغاز، وتدمر إسرائيل حتى لا تجد فرصة لضرب المدنيين في غزة أو في أي مكان آخر وتتحول الحرب إلى حرب إقليمية؟!.
أعتقد أنه آن الأوان أن نعد العدة كعرب ومسلمين– قبل فوات الأوان- لمواجهة هذا المخطط الأمريكي الصهيوني الإمبريالى اليميني المتطرف الذي تُعتبر فيه الدول الأوروبية شريكًا أصيلًا في اللعبة الصهيونية.
وما زلت أؤكد أن مصر هي رأس الحربة مع تركيا وإيران في مواجهة أمريكا وإسرائيل «إسرائيل قبل أمريكا، وأمريكا قبل إسرائيل» وستتحرك في هذه الحالة الصين وروسيا وكل الدول العربية والإسلامية، لأن وقت الخلاص قد حان، ووقت الصمت نفد، ووقت الصبر طال، فكرامتنا كعرب أصبحت على المحك وفى الحضيض، وشهداؤنا في غزة وفي الجنوب اللبناني وفى العراق وفى اليمن وفى سوريا وفى إيران، لن تذهب دماؤهم وأرواحهم في مهب الريح، فإما نكون أو لا نكون، لأن مسلسل إبادة وقتل الفلسطينيين أصبح عرضًا مستمرًا وسيتكرر يوميًا، وأقولها بأعلى صوت من أعلى مئذنة في قاهرة المعز بلد الأزهر الشريف (ارجع إلينا يا عمر).
شكر الله سعيكم
وصمتكم.