03:10 م
الثلاثاء 14 مايو 2024
كتب- محمود مصطفى أبوطالب:
قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إن علماء الأزهر لا توفي حقهم الكلمات، ولا تترجم العبارات عنايتهم بهذه المؤسسة العريقة، فمن الواجب علينا وفاء لعلمائنا أن نذكرهم بالخير دائمًا، ونثني عليهم بما هم أهله أبدًا، وكلامي هنا ليس من باب التعصب للأزهر.
وأضاف الضويني، خلال كلمته في مؤتمر “دور مشايخ الأزهر في خدمة العلوم الشرعية والدينية”، بمركز الأزهر للمؤتمرات بمدينة نصر، اليوم الثلاثاء، أنه واجبنا أن يعرف الجميع أن أنوار الأزهر الشريف بعلومه وتراثه أشرقت على ربوع الدنيا: علمًا وحكمة، ورحمة وهداية، ونورًا وبركة؛ منذ أكثر من ألف سنة، وما زالت؛ حتى نري المشككين في تراثنا، والمتهمين رجالنا، والمتهكمين على علومنا؛ نريهم هذا التراث، ودوره في المحافظة على هوية الأمة، وهل يسعنا حقًّا أن نتخذه وراءنا ظهريًا؟!
وأكد وكيل الأزهر أن المؤتمر يتزامن مع محاولة بعض الألسنة والأقلام التطاول على التراث، وعلى العلوم الشرعية والعربية، ليتناول علاقة واضحة بين رجال الأزهر الشرفاء وبين علوم التراث التي نمت في ربوعه، والتراث في عقيدتنا الأزهرية نقطة ارتكاز ثابتة حولها نطوف، ومنها نبدأ حركة علمية حرة، فلم يمنعنا التراث يومًا من الحركة، ولم يمنعنا التراث يومًا من التفكير، وإن نفرًا من الناس يحاولون أن يوهموا الشباب أن التراث سبب كل مشكلات الأمة، ويغرونهم بأن إنسانَ العصر إنسانٌ حرٌّ له أن يفكر وينتقد كيفما شاء، وهكذا في مغالطة عارية من كل ما يسترها.
وتساءل الضويني: هل فقدنا الحرية في تراثنا حتى يأتيَ مَن لم يترب على التراث، ومن لم يعرف مفاتيحه ليعلمنا الحرية الفكرية؟ وهل كان النقد مجرمًا عند العلماء ومحرمًا عند الفقهاء حتى أباحه لنا هؤلاء؟ وكيف يتهمون التراث بالجمود، وهذه المذاهب المتعددة يخلف بعضها بعضًا؟!
واستنكر وكيل الأزهر اتهام العلماء في العصر الحالي والعصور السابقة بعدم الحرية في التعامل مع المسائل والنصوص، ولدينا المذاهب يخالف بعضها بعضًا؛ بل يخالف تلاميذ المذهب إمامه وأستاذه الأكبر، ولدينا مؤلفات شرق الأمة تسود في غربها، ومؤلفات غربها تسود في شرقها، متسائلًا: فأين هذا الجمود الذي يتهم به التراث؟ مشيرًا إلى أن الاتجاه الحداثي يعمل على إلغاء قدسية النص، بل يعمل على تفكيك مكونات الهوية من عقيدة ولغة وتاريخ وقيم، وإذا كنا نُقر بأهمية التراث في المحافظة على هويتنا، وصد أي محاولة لعدوان فكري على الأمة وثوابتها، فإن من الأمانة والموضوعية الكاملة أن نوجه الشباب إلى التعامل مع التراث بطريقة متوازنة، تستخرج منه كنوزه المخبوءة فيه، مع عدم إغفال الواقع وما يحمله من مستجدات، وتلك مهمة قومية وطنية بامتياز.