05:32 م
الأحد 11 فبراير 2024
كتبت- سلمى سمير:
في الوقت الذي يجهز فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي العدة من أجل هجوم محتمل على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، في سبيل ملاحقة عناصر حركة حماس وقادتها على رأسهم يحيى السنوار الذي تتهمه بأنه العقل المدبر لهجوم الـ7 من أكتوبر، تظهر إسرائيل ورقة ترى أنها قادرة على تغيير قواعد خصمها في اللعبة.
ففي الوقت الذي تصفه إسرائيل بـ “رجل ميت يمشي” باعتبار أن مسألة إلقاء القبض عليه وإعدامه هو أمر لا مفر منه، إلا أنها وضعت أيضًا حلًا آخر للسنوار في حال أراد ترك المعركة والنجاة بنفسه من حرب لم تُحسم بعد لأي طرف حتى الآن، وذلك حسب مسؤولين عسكريين إسرائيليين تحدثوا إلى شبكة “سي إن بي سي” الأمريكية.
المنفى هو الحل
حدد المسؤولون الذين لم تفصح الشبكة الأمريكية عن أسمائهم، شرط إسرائيل لإنهاء الجدل حول السنوار الذي تغنت اللغة العبرية باسمه خلال مناسبة لتحفيز الجنود الإسرائيليين للذهاب إلى المعركة في غزة والعودة برأس السنوار، وتمثل ذلك الشرط في تأمين ممر آمن لخروج قائد حماس في غزة إلى منفى رفقة 4 آخرين من قادة حماس في مقابل أن يتم الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة منذ الـ7 من أكتوبر.
وبذلك تحاول إسرائيل أن ترسم للسنوار مستقبلًا مشابهًا لما حدث مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عام 1982، عندما داهمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مقر منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت حينها حيث كان عرفات، في عملية خططت لها الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول الأخرى، ترتب على إثرها مغادرة المئات من أعضاء منظمة التحرير من لبنان على متن سفينة، تبعهم بعدها مباشرة ياسر عرفات حيث قضى في منفاه بتونس 12 عامًا.
وفي الحقيقة أقر أحد المسؤولون الإسرائيليون وهو أحد مستشاري رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذين تحدثوا لـ “إن بي سي” بذلك صراحة، قائلًا إن تل أبيب لا تمانع في مغادرة السنوار كما فعل عرفات في لبنان، ليشدد بعد ذلك أن خروج القائد المدبر في حماس وارد فقط في حالة إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين.
هل يوافق السنوار؟
على جانب آخر، في الوقت الذي لن يغلب فيه السنوار في استغلال منفاه في أغراض أخرى مثل إدارة حركة حماس من الخارج، وذلك حسب جيرشون باسكن المفاوض الإسرائيلي الذي عمل كوسيط لسنوات في المفاوضات التي دارت بين حركة حماس وإسرائيل، والذي قال إن السنوار لن يقبل بفكرة تأمين خروجه والعيش في ملاذ آمن مثل قطر ولبنان كما فعل عرفات سابقًا.
وأشار باسكن، إلى أن السنوار سيفضل فكرة الموت شهيدًا “والتمتع بحياة أبدية في الجنة” بدلًا من القبول بشروط إسرائيل والعيش في منفى لسنوات يحددها عدوه.
وإضافة إلى فكرة الملاذ الآمن، فلا يبدو أن خروج السنوار الآمن من غزة هو قرار يمكن أن يتخذه بنفسه، مع رغبة إسرائيل أيضًا في تخلي حماس عن إدارة قطاع غزة بعد الحرب وهو ما سوف ترفضه حماس بشكل قاطع، وسوف يدفع بالتفكير في الطريقة التي سيُدار من خلالها قطاع غزة مستقبلًا سواء من القادة الفلسطينيون أو الحكومات العربية وذلك حسب دبلوماسيين أمريكيين وغربيين سابقين تحدثوا إلى “إن بي سي”.
أين السنوار؟
وفي الوقت الذي تدور فيه المفاوضات حاليًا بشأن كيفية التوصل إلى هدنة وإتمام صفقة تبادل الأسرى، لا يبدو أن السنوار الذي نذرت إسرائيل مكافأة قدرها 400 ألف دولار لمن يوشي بمكان تواجده في سبيل القبض عليه على علم بما تتضمنه تلك المفاوضات أو أنه يساهم حتى في الرد عليها، مع انقطاع الاتصال بينه وبين قادة حركة حماس في الخارج قبل أسابيع وذلك حسبما ذكرت قناة “كان” الإسرائيلية.
ورغم إلقاء جيش الاحتلال الإسرائيلي للمنشورات على سكان قطاع غزة في سبيل الحصول على معلومات تفيد بمكان تواجد السنوار مع ضمان سرية هوية الواشي، إلا أن إسرائيل لم تستطع أن تجزم حتى الآن بمكان وجود العقل المدبر، وفي سبيل ذلك تزيد من اجتياحها البري لغزة يومًا بعد يوم فبعد تصريحات أحد الضباط العسكريين لـ “رويترز” أن السنوار متواجد في مدينة خان يونس لذلك اجتاحها جيش الاحتلال بقواته منذ شهرين، عادت الآن مصادر أخرى بتصريحات مغايرة تفيد بأن السنوار متواجد حاليًا في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، حسب صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية.
وفي سبيل ذلك تستعد قوات الاحتلال الإسرائيلي حاليًا لاجتياح مدينة رفح بريًا تحت مزاعم القضاء على حركة حماس رغم إعلان نتنياهو في وقت سابق أن المدينة منطقة آمنة يستطيع الفلسطينيون الاحتماء بها إلا أن تراجع في تصريحاته بعد ذلك قائلًا إن القوات الإسرائيلية ستتجه نحو رفح من أجل ملاحقة حركة حماس.