07:41 م
السبت 01 يوليو 2023
باريس – (بي بي سي)
هزت أعمال شغب مدنا فرنسية لليلة الرابعة على التوالي، حيث نشرت الحكومة 45 ألف شرطي وعدة عربات مدرعة لمواجهة الاضطرابات، التي أثارها مقتل مراهق من أصول عربية على يد أحد ضباط الشرطة.
وقالت وزارة الداخلية الفرنسية إن 994 شخصا اعتقلوا خلال ليل الجمعة/السبت، مقارنة بـ 875 شخصا في الليلة السابقة، وذلك في أعمال عنف أدخلت الرئيس إيمانويل ماكرون في أسوأ أزمة لقيادته منذ احتجاجات السترات الصفراء.
وقالت الوزارة يوم السبت على حسابها على تويتر: “العنف الذي وقع خلال الليل كان أقل حدة مقارنة بالليلة السابقة”.
وتم إحراق العديد من المباني والمركبات ونهب متاجر في الاضطرابات التي انتشرت في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك مدن مثل مرسيليا، وليون، وتولوز، وستراسبورغ، وليل.
كما تواصلت الاحتجاجات في باريس حيث قٌتل المراهق نائل م، البالغ من العمر 17 عاما وهو من أصل جزائري ومغربي، بالرصاص خلال نقطة تفتيش مرورية يوم الثلاثاء الماضي، في ضاحية نانتير بالعاصمة الفرنسية.
وقالت مصادر لوكالة رويترز للأنباء إن جنازته ستقام في وقت لاحق يوم السبت.
“تمييز عنصري”
وقد طلبت الامم المتحدة الجمعة من فرنسا معالجة مشاكل التمييز العنصري في صفوف قوات الأمن لديها.
ورفضت الحكومة الفرنسية الاتهامات الموجهة من الأمم المتحدة بوجود العنصرية في أوساط الشرطة. وقالت وزارة الخارجية الفرنسية إن “أي اتهام بالعنصرية أو التمييز الممنهج في أوساط الشرطة في فرنسا هو اتهام لا أساس له من الصحة”.
وشملت اعتقالات ليل الجمعة/السبت 80 شخصا في مدينة مرسيليا جنوبي البلاد، ثاني أكبر مدينة في فرنسا وتضم العديد من الأشخاص المنحدرين من أصول شمال أفريقية.
وأظهرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي انفجارا هز منطقة الميناء القديم في مرسيليا. وقالت سلطات المدينة إنها تحقق في السبب، لكنها لا تعتقد أن هناك أي إصابات.
وقالت الشرطة إن مثيري الشغب في وسط مرسيليا نهبوا متجرا للأسلحة النارية، وسرقوا بعض بنادق الصيد لكن دون ذخيرة. وقالت الشرطة إن شخصا اعتقل ومعه بندقية على الأرجح من المتجر، الذي يقبع الآن تحت حراسة الشرطة.
تعزيز القوات
ودعا عمدة مرسيليا، بينوا بايان، الحكومة الفرنسية إلى إرسال قوات إضافية على الفور.
وقال في تغريدة في ساعة متأخرة من مساء الجمعة: “مشاهد النهب والعنف غير مقبولة”.
وأصيب ثلاثة من ضباط الشرطة بجروح طفيفة في ساعة مبكرة من صباح السبت. وحلقت مروحية تابعة للشرطة في سماء المنطقة.
وفي ليون، ثالث أكبر مدينة في فرنسا، نشرت شرطة الدرك ناقلات جند مدرعة وطائرة هليكوبتر.
وكان وزير الداخلية، جيرالد دارمانان، قد طلب من السلطات المحلية وقف سير الحافلات والترام، وكتب لرجال الإطفاء وضباط الشرطة يقول إنه “يمكنه الاعتماد عليهم”.
وردا على سؤال في برنامج إخباري تلفزيوني عن احتمال إعلان الحكومة حالة الطوارئ، قال دارمانان: “بكل بساطة، نحن لا نستبعد أي فرضية وسنرى بعد الليلة ما سيختاره رئيس الجمهورية”.
وقال دارمانان إن أكثر من 200 من أفراد الشرطة أصيبوا منذ اندلاع الاضطرابات واعتقل المئات من مثيري الشغب، مضيفا أن متوسط أعمارهم 17 عاما.
وأصدر لاعبو المنتخب الفرنسي لكرة القدم بيانا نادرا دعوا فيه إلى الهدوء. وقالوا في بيان نُشر على حساب النجم كيليان مبابي على إنستغرام: “يجب أن يتوقف العنف لإفساح المجال للحزن والحوار وإعادة الإعمار”.
ونهب اللصوص عشرات المتاجر واضرموا النار في نحو 2000 سيارة، منذ بدء أعمال الشغب.
اجتماع طارئ
كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتهم، يوم الجمعة، منفذي أعمال الشغب باستغلال مقتل الفتى المراهق برصاص الشرطة من أجل خلق حالة من الفوضى.
ورأس ماكرون اجتماعاً طارئاً للحكومة الفرنسية، بعد ليلة ثالثة من أعمال الشغب.
ودعا ماكرون “الأهل إلى التحلي بالمسؤولية”. وقال “من الواضح أن الوضع الذي نعيشه، كما نرى، هو نتيجة جماعات منظمة وعنيفة ومجهزة في بعض الأحيان، ونحن ندينها ونوقفها وستُقدم للعدالة، ولكن، هناك أيضا عدد كبير من الشباب. ثلث المعتقلين في الليلة الماضية هم من الشباب، وبعضهم صغار جدا”.
وتابع: “تقع على عاتق الوالدين مسؤولية إبقائهم في المنزل …. الجمهورية ليست مكلفة أن تحل محلهم”.
كما قال إنه يتوقع من منصات التواصل الاجتماعي الرئيسية أن تتحلى “بروح المسؤولية”، مشيرا على وجه الخصوص إلى سناب شات وتيك توك حيث تُنظم “تجمعات عنيفة … تبعث على نوع من محاكاة العنف، ما يؤدي إلى قيام الأصغر سناً بالتصرف بعيداً عن الواقع”.
والتقى وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، بممثلين من شركات التواصل الاجتماعي – ميتا المالكة لفيسبوك، تويتر، سناب شات، وتيك توك.
وقالت شركة سناب شات إنها لا تتسامح مطلقا مع المحتوى الذي يروج للعنف.
ويقبع رجل الشرطة، الذي يقول المدعون إنه أقر بإطلاق رصاصة قاتلة على المراهق، الآن قيد الحجز الوقائي، ويخضع للتحقيق الرسمي بتهمة القتل العمد، وهو ما يعادل توجيه اتهام له بموجب النظام القضائي الأنجلو سكسوني.
وقال محاميه، لوران فرانك لينارد، إن موكله حين أطلق الرصاص استهدف ساق المراهق نائل، لكن السيارة رطمته حين أقلع بها الفتي، ما تسبب في اختلال السلاح في يده وإطلاق النار باتجاه صدر نائل وليس ساقه.
وقال لينارد في لقاء تلفزيوني: “من الواضح أن (الضابط) لم يرغب في قتل السائق (نائل)”.
وأعادت هذه الاضطرابات ذكريات ثلاثة أسابيع من أعمال الشغب، التي اندلعت في جميع أنحاء فرنسا في عام 2005، والتي أجبرت الرئيس آنذاك جاك شيراك على إعلان حالة الطوارئ، بعد وفاة شابين صعقا بالكهرباء في محطة كهرباء فرعية أثناء اختبائهما من الشرطة.